تسليطاً للضوء على مرض ألزهايمر وباقي أمراض الخرف تم اعتماد شهر سبتمبر / أيلول من كل عام ليكون شهراً عالمياً، تتجدد فيه الدعوة إلى وسائل الإعلام المختلفة لتعزيز جهود توعية أفراد المجتمع بحاجات وحقوق هؤلاء المرضى، كذلك بحاجات وحقوق ذويهم من مقدمي الرعاية، وقد اعتمد لليوم العالمي لألزهايمر الموافق 21 سبتمبر / أيلول 2019 شعار (الخرف: الوصمة.. والتحديات).
يقدر عدد أفراد هذه الفئة من أبناء المجتمع التي تعاني الخرف أو العته بنحو خمسين مليون إنسان، سوف يتضاعف هذا الرقم خلال العقود القليلة القادمة، ليصل إلى ثلاثة أضعافه بحلول العام 2050، وتقدر كلفة رعايتهم السنوية بأكثر من تريليون دولار، وفق تقرير منظمة ألزهايمر العالمية التي تضم نحو 100 منظمة وطنية تعمل في 100 دولة في العالم. هذا ولا بد من التذكير في هذا اليوم أن معظم بلدان العالم تفتقر إلى الخطة الوطنية الاستراتيجية لمواجهة الزهايمر وباقي أمراض الخرف والتي ينبغي أن تتضمن برامج التوعية المجتمعية في مستويات عدة، إلى جانب تعزيز الخدمات الطبية في الكشف والتشخيص والتدبير، ودعم الجهود البحثية العلمية، وغيرها في المجالات الاجتماعية والتشريعية والإنسانية.
لمرض ألزهايمر أو قاتل الذاكرة، مراحل ودرجات مختلفة، ففي الحالات المبكّرة جداً، يحدثُ فقدان جزئي في الذاكرة، مع نقص في التركيز، أما الفعّاليات الأخرى اليومية فيزاولها المريض بشكلٍ عادي تقريباً، ومع تطوّر المرض يزداد الشرود ونقص الذاكرة مما يسبب للمريض تراجعاً في فعالياته الذهنية والاجتماعية، فيصعب عليه القيام بعمله (كالعمل الإداري والفكري)، ويصعب عليه معرفة المكان، أو حتى الذهاب إلى مكان اعتاد زيارته، وفي مراحل أكثر تقدماً يعجز المريض عن القيام بالأعمال الذهنية البسيطة، وهكذا يمتد الخلل فيصيب التوجه، واللغة، والوظائف الحياتية الأساسية اليومية، حتى يصل معها إلى درجة يفقد فيها القدرة على التعرّف إلى أقرب الناس إليه من ذويه، وحتى قد لا يعرف نفسه.
في الحالات المبكّرة يصعب كشف المرض، إذ يختلط مع أمراض أخرى كالاكتئاب الذي يحدث عند بعض كبار السّن، وقد استطاع الأطباء النفسيون أن يطوّروا اختباراً لغوياً مبسّطاً لكشف هذا المرض وتفريقه عن بعض حالات الاكتئاب، حيث نوجه للمريض أسئلة بسيطة، ثم نزيدها صعوبة، فالشخص المصاب بمرض ألزهايمر لا يستطيع التجاوب مع ازدياد صعوبة الأسئلة وتعقيدها. وعلى سبيل المثال يسأل الفاحص المريض عن العمر، الوقت، العام، تاريخ الحرب العالمية، ويعطيه الفاحص عنواناً ما، ثم يسأله عنه في نهاية الاختبار، كذلك يطلب منه إجراء العد التنازلي من 20 إلى 1. ويعطي للمريض نقطة عن كل جواب صحيح وكلما كانت إجاباته خاطئة كانت الإصابة متقدمة، وهكذا يعتمد تشخيص ألزهايمر على القصة السريرية والفحص الفيزيائي الاستقصائي من قبل الاختصاصيين والذي يظهر عدم وجود أي مرض آخر قد يلتبس مع داء ألزهايمر وباقي أمراض الخرف.
لابد من التأكيد أن الخرف أو العته يتميز بحدوث تغير في الشخصية، وظهور اللامبالاة والانطواء على الذات، وعدم القدرة على القيام بمهام الحياة اليومية البسيطة. ويعتقد الباحثون أن نمط العيش الصحي النشط فيزيائياً وفكرياً (يدعى بالتشيخ النشط)، والبيئة الصحية، وعلاج وتدبير الأمراض المزمنة بشكل جيد ودائم يسهم وإلى حدَّ كبير في تقليل فرص الإصابة بالأمراض المسببة للخرف.
في هذا الشهر العالمي للتوعية بأمراض الخرف وحقوق وحاجات المرضى وذويهم من مقدمي الرعاية لابد أن نتوجه إلى وطننا العربي الذي يعاني فيه نحو مليون شخص من الخرف، فنكرر الدعوة التي وجهناها في أكثر من مناسبة إلى المشاركة في هذه الجهود العالمية، عبر الجهات الحقوقية والدينية والاجتماعية والصحية والإنسانية وغيرها، على أن يتم إعداد الأسرة العربية والمجتمعات المحلية وجميع مقدمي الرعاية الصحية والاجتماعية للقيام بالدور المنشود وتبني استراتيجية وطنية وإقليمية، تسعى إلى تعزيز برامج الكشف المبكر والتشخيص النوعي، وبرامج حماية ورعاية من فقد الذاكرة من ذوينا.
نعم، رغم الأعباء الثقيلة التي تقع على كاهل مؤسساتنا الصحية والاجتماعية والإعلامية، لاسيما في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة وأعداد هائلة من النازحين واللاجئين فإننا نتطلع إلى عدم إغفال حاجات وحقوق هذه الفئة المتزايدة من المجتمع، لاسيما في الرعاية والحماية، كذلك نتطلع إلى دور أكبر لوسائل الإعلام المختلفة في تذكير كافة فئات المجتمع بحاجات هذه الفئة من ذوينا التي فقدت الذاكرة، وأهمية دور الأسرة والمجتمع في تعزيز حقوقها وتلبية احتياجاتها.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/