تواجه الفتاة المعاقة نظرة لا تخلو من ازدراء من بعض فئات المجتمع، ومع هذا هناك قصص كنت طرفاً فيها جعلتني أشعر أن الإعاقة ربما تكون سعياً للنجاح والابداع بل ولتحقيق غايات يعجز غير المعاق أن يقوم بها.. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الثقة بالنفس والرغبة في النجاح والصمود أمام التحديات والمعوقات مهما كانت.
فتاة تبلغ من العمر 23 عاماً في ريعان شبابها أظلمت الدنيا في وجهها عندما جوبهت بتلك الفئات المثبطة للعزائم.. حاولت أن تستقل بذاتها وأن تشق طريقها بكل ثبات وصبر فكان أول ما فكرت به الاهتمام بإحدى هواياتها المفضلة وهي القراءة، فبدأت بتحديد هدفها وسخرت وقتها كله لتحقيق هذا الهدف ألا وهو البروز في مجال معين.
وبعد فترة من الزمن أصبحت تكتب وتؤلف وأصدرت بعض الكتيبات القصيرة التي فيها نفع عام، وأخذت بعدها تشق طريقها بكل إخلاص وتفان.
قصة أخرى لفتاة أتت إلى هذه الدنيا والإعاقة تلازمها كبرت وأصبحت شابة ولكنها لم تجد الزوج الذي تقترن به فشعرت باحتقار لنفسها ولحياتها ولم تجد ملاذاً غير أن تتطوع في إحدى الجمعيات الخيرية لتجود بما أعطاها إياه المولى من علم وخير، واستطاعت مع عملها أن تكمل تعليمها وحصلت على مؤهل عال في إحدى التخصصات النافعة….
عندما تظلم الدنيا في وجه فتاة معاقة فإنها تقف أمامها بلا حراك.. وما أعظمها من مصيبة عندما يبتعد المجتمع عن الفتاة المعاقة. أليست إنسانة لها ميولها ورغباتها!
إذن، لماذا نحجم عنهن طالما أن الإعاقة ليست في عقلها بل قد تكون إعاقة في عضو من الأعضاء أو حاسة من الحواس كأن تكون مصابة بشلل أو صماء أو غير ذلك من الإعاقات التي ليس لها سبباً سوى أنها من المولى سبحانه وتعالى.
وحتى لا تضيع المسؤوليات وتتشتت فإن الدور الأكبر هنا هو دور المجتمع أولاً ومسؤوليته عن تغيير المفاهيم السائدة، ويأتي في المرتبة الثانية دور الأهل وموقفهم من زواج ابنتهم المعاقة وفي المرتبة الثالثة دور الشباب الواعي الذي يقدر الفتاة بجوهرها لا بظاهرها. وعلى الأهل ممن رزقوا بابنة معاقة أن يحرصوا على تزويجها من الأخيار من الرجال الذين يقدرون حق المرأة وحرمتها ولا يسيئون إليها حتى وإن كانت غير معاقة.. ومن يقبل بفتاة كهذه يدخل السعادة إلى قلبها وينوّر حياتها التي كانت مظلمة أمام ناظريها فتسعد في دنياها وآخرتها.
أذكر هنا أنني سمعت قصة امرأة أنجبت ثلاث بنات معاقات، فسعت جاهده لتربيتهن وتوجيههن أفضل تربية وأفضل توجيه، وعندما كبرن بذلت الأم كل جهدها لتزويجهن وهو ما تم بفضل من الله وهن اليوم أمهات لهن أولاد وبنات ويعشن بسعادة وهناء بفضل من الله أولاً وبفضل من هذه الأم التي تعبت وصبرت في حياتها فنالت الثمرة أن ستر الله على بناتها فأصبحن في سعادة واستقرار يغبطن عليه.
الإعاقة ابتلاء وأمر مقدر من المولى عز وجل فلا نجزعنّ منه وعلينا أن نتقبله بكل صوره وأشكاله وعلى الفتاة المعاقة ألا تنكفئ على نفسها وتنعزل بل تلجأ إلى زميلاتها وأخواتها تسألهن النصح والرأي السديد.