إعداد: فتوح شعبان علي (*)
صنع الإنسان معجزات كبيرة، ولكن تبقى المعجزة الأكبر كامنة في الإنسان ذاته، والذي يملك داخل أذنه الداخلية، هيكلاً يُسمّى كيس اللمف الباطن، وهو جزء صغير مغلف بالعظام الكثيفة، وعلى الرغم من وجود العلم منذ قرون، فقد كان من الصعب جداً دراسة هذا الجزء، رغم الشكوك الكثيرة المتواجدة في نفوس العلماء بشأن وظيفته الحقيقية، إلا أن دراسة جديدة كشفت أنهم أخيراً، نجحوا في معرفة ذلك وفق موقع iflscience.
كيس اللمف الباطن هو صمام الضغط للسائل في الأذن الداخلية، وهو مصنوع من حاجز رفيع من الخلايا التي يتم توسيعها وفتحها، وبالتالي تنظيم الضغط، ووفق ما ورد في جريدة life فإن أهمية الأذن الداخلية تكمن في إحساسنا بالتوازن إلى جانب خاصية السمع، لذلك لا يمكن التقليل من أهمية دور هذا الكيس اللمفاوي.
وفي هذا المجال، اعتمد الباحثون على دراسة الأذن الداخلية لسمك الزرد، وهو نموذج حيواني شائع الاستخدام في العلوم، حيث لاحظ فريق البحث سلوكاً غريباً، إذ كان كيس اللمف الباطن في هذه الأسماك الصغيرة يكبر (ينفتح) ويصغر، لذا شرعوا في فحص ما كان يحدث.
البروفسور المشارك في الدراسة، شون ميغاسون من كلية الطب في جامعة هارفارد قال:
(أدرك العلماء وجود هذا الكيس اللمفاوي منذ 300 عام تقريباً لكن لم يتم فهمه بالضبط)..
وأضاف: (غالباً ما يكون هذا الكيس في عداد المفقودين ضمن النماذج أو رسومات الأذن الداخلية، لم نقم بدراسته، ولكننا أصبحنا مهتمين بمجرد رؤيتنا لسلوكه اللافت للنظر).
العثور على التفسير لم يكن سهلاً، إذ استخدم الباحثون في التحليل الأولي، سمك الزرد مع كيس اللمف الباطن الأكبر من المعتاد، ووجد الفريق أن الحجم الأكبر لم يكن جيداً في التفتح، مما أدى بهم إلى الشك في أن الإجابة قد تكون على المستوى الخلوي، وكانوا بالفعل على حق.
استخدم الفريق صوراً عالية الدقة للإلكترونات في الأذن الداخلية واكتشفوا أن الخلايا الموجودة في الكيس يتم تنظيمها في غشاء، يتمدد بخلاياه، وعندما تتداخل هذه الأغشية، فإنها تشكل حاجزاً، يتمدد هو الآخر، ويتم سحبه بعيداً، تاركاً السائل يتدفق خارج الكيس ومن هنا يتم تخفيف الضغط داخل الأذن.
وأوضح الباحثون: (من حين لآخر، تسمع عن منزل يتم تدميره بواسطة سخان الماء لأن صمام إطلاق الضغط كان به عيب، ولذلك، من المهم وجود أنظمة التحكم في السلامة في أعضائنا أيضاً).
وقال ميغاسون (هذه الدراسة كانت بالتأكيد حالة رؤية موثوق بها، إذ كان من المهم للغاية أن يكون لدينا مجهرية متطورة على الكثير من الجبهات المختلفة).
وأوضح أن كل من هذه التقنيات المجهرية المختلفة منحتنا قطعة من اللغز، وعندما تم تجميعها، حصلنا على الصورة الكاملة.
صفحة الفريق الطبي على (فيسبوك) ذكرت أن الأطباء يلجؤون إلى إجراء تحويلة في كيس اللمف الباطن، من أجل تخفيف الضغط داخل الأذن في حالات المعاناة من أحد أعراض مرض منيير، وهو مرض يتصف بمجموعة من الأعراض تشمل (هجمات سريعة من الدوار، وفقد السمع، والطنين، وشعور بالامتلاء في الأذن المصابة)، وذلك قبل معرفة سرّ وظيفة هذا الجزء.
(*) فتوح شعبان علي: محرر ديسك لدى عدة مواقع عربية، خريج جامعة القاهرة، كلية الإعلام