عند اكتشاف السلوك العدواني لدى الطفل وتشخيصه ومعرفة الأسباب الحقيقية وراءه، من واجب الأهل عند معالجتهم لهذا السلوك: أولاً وقبل كل شيء، ألا يلجؤوا إلى السلوك العنيف مثل: الضرب، والصراخ، وقذف الأشياء، ووصف الطفل بأشياء لن تحد من سلوكه السيء بأي حال من الأحوال، لأن ذلك يعطيه أمثلة على سلوكيات جديدة لتجربتها، ويصبح أكثر غضباً، بل يجب إعطاء المثال الحسن، في ضبط النفس، فهذا ما سيجعله أكثر قناعة بقدرته على ضبط نفسه.
أما إذا وجد الأهل مشكلة في ذلك، فيجب أن يحددوا الأفكار التي تغضبهم، فربما يعتقدون بأن الطفل في كل مرة يتجاهل ما يقولونه، ويشن حرباً ضدهم، وهذه الفكرة تثير غضبهم، لذلك وجب أن يذّكر الأهل أنفسهم بأن معظم الأطفال لا يتقيدون بالتعليمات من وقت لآخر، فهم يؤكدون استقلالهم (وهذا جزء من عملية النضج)، أو ربما يكونون مشتتين بسبب وجود ما يلفت نظرهم.
يجب أن تأخذ الأم (أو الأب) نفساً عميقاً، وتعد إلى العشرة، وتقنع نفسها بأن الأمر ليس معركة مع الطفل، وبأنها يجب ألا تغضب، وإذا استدعى الأمر، فلتذهب إلى مكان آخر حتى يهدأ غضبها.
المطلوب تعليم الطفل التمييز وفهم مشاعره، وقيادته نحو سبل مقبولة للتعبير عن الغضب، والخوف، وخيبة الأمل، ويمكن للنصائح التالية أن تقدم العون والفائدة للوالدين:
- الاستجابة السريعة: فلا يجب أن تنتظر الأم حتى يعتدي طفلها على أخيه للمرة الثالثة قبل أن تقول له كفى، فيجب أن يعرف الطفل مباشرة أنه ارتكب خطأ، عندما يرتكب الطفل عملاً عدوانياً، يجب أن تترك الأم ما تفعله مباشرة، وتطلب من الطفل الجلوس معها وتبقى صامتة. ثم تقوم باحتضانه أو لمسه بطريقة ودية، وبعد دقائق من الهدوء تناقش الطفل باختصار حول ما فعله، ثم تعاود ما كانت تقوم به سابقًا.
- الهدوء: مناقشة السلوك الخاطئ يجب أن تتم فوراً بمجرد أن يجلس الطفل وقبل أن ينسى ما حدث، بعد ساعتين يمكن استعراض الظروف التي أدت إلى ما حصل، ويطلب من الطفل أن يفسر ما الذي أثاره، ويجب أن يفهم الطفل أن الغضب شيء طبيعي، لكن التعبير عنه بشكل عدواني هو غير الطبيعي. ويتم اقتراح طرق أفضل للاستجابة، فمثلاً يمكن أن يخاطب أخاه قائلاً: أنا فعلاً غاضب لأنك أخذت كرتي، أو بأن يبتعد عن الشخص أو المكان ويأخذ وقتاً ليهدأ ويفكر بما يمكن عمله.
- التأديب والمحاسبة بشكل دائم: فلا يجب أن تخضع المتابعة لمزاج الأهل، فحيناً يحاسب الطفل عندما يخطأ، ولا يسأل في مرة ثانية، وبمرور الوقت يتعلم الطفل كيف يميز الفعل الخاطئ من الصحيح، وأن يتوقع العقاب إذا اقترف سلوكاً خاطئاً، وهذا ما سوف ينظم ويضبط سلوكه.
- تعزيز ضبط النفس: فبدلاً من لفت نظر الطفل عندما يسلك سلوكاً سيئاً، فيجب أن يمتدح عند قيامه بسلوك حسن، أي بتعزيز السلوك الايجابي لديه، والتأكيد على أن ضبط النفس، وحل الصراعات مهارات يحتاج لإتقانها وممارستها، وإذا واجه صعوبة في تقبل هذا الأمر واستيعابه، فيستحب مكافأته في كل مرة يتمكن فيها من ضبط نفسه. ويمكن لهذه المكافأة أن تكون بسيطة كمنحه وقتاً إضافياً للعب، أو الذهاب في نزهة.
- تحميل الطفل مسؤولية أفعاله: فإذا حطم نافذة الجيران مثلاً، فيجب أن يدفع من مصروفه لإصلاحها، أو القيام بعمل لمصلحة الشخص المتضرر مقابل ما أفسده. ولا يجب أن توضع على صورة عقاب من قبل الأم، بل يجب أن يدرك أن هذا نتيجة طبيعية للتصرف العدواني، وأن أي شخص سواء كان طفلاً أو كبيراً يجب أن يفعل ذلك لأنه سبّب الأذى للآخرين.
- تعليمه الأسباب الأخلاقية لعدم التصرف بعدوانية: فيجب أن يتعلم أن التصرف بعدوانية يسبب الأذى للآخرين، وذلك بهدف تنمية الحس الأخلاقي لديه، والتعاطف مع الآخرين، فهو حتماً بحاجة إلى اكتساب بعض المبادئ المتعلقة بسلوكه وتأثيره على الآخرين.
أما إذا لم تفلح كل هذه التقنيات في ضبط سلوك الطفل العدواني، وأصبح من الصعب عليه المشاركة في المدرسة والعائلة والنشاطات الاجتماعية والرياضية الأخرى، فيجب الاستعانة بأخصائي أطفال نفسي، والذي يمكنه أن يقيم سلوك الطفل، من حيث وجود صعوبات التعلم لديه، أو وجود مشاكل عاطفية أو سلوكية، والتي تسبب سلوكه العدواني.
وسوف يتم العلاج استناداً إلى الأسباب التي أدت إلى السلوك العدواني لدى الطفل، فقد يكون العلاج مسلكياً، وذلك بإتباع أساليب معتمدة على استشارات المختص مع الطفل في بيته ومدرسته، كما قد يحتاج الأمر في بعض الحالات إلى استخدام الأدوية، وذلك لتقليل الاضطراب السلوكي والاندفاع والتشتت.