إعداد اختصاصية النطق واللغة / علا محمد محمود
عبر سنوات حياتنا يكتسب الإنسان العديد من الخبرات والمهارات الحياتية، وبمرور الزمن تتطور وتصقل هذه المهارات، ولكن مع وجود إعاقة بصرية يصعب تحصيل هذه الخبرات، ويقع الأهل والمعارف في حيرة حول كيفية ورعاية وتوجيه ومساعدة الطفل ذي الإعاقة البصرية.
ويتساءل الوالدان: ماذا نفعل؟ لقد رزقنا بطفل كفيف، كيف نساعده، كيف نكتشف مهاراته وننميها كي يحيا حياة طبيعية مثل أقرانه؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير لا شك وأنها تتردد على ألسنة آباء وأمهات هؤلاء الأطفال.
لذا سنقدم بعض الإرشادات لدعم الأسر لمساعدة الطفل من ذوي الإعاقة البصرية.
أولاً: كيف يتطور الطفل؟
يتطور كل طفل في ثلاثة مجالات رئيسية: جسمياً (في الحجم والتوافق العضلي)، عقلياً (التفكير)، واجتماعياً (الكلام / الاستماع/ والانسجام مع الآخرين).
وفي كل مجال يتعلم الطفل مهارات جديدة بترتيب محدد. وقبل أن يتعلم الطفل المشي على سبيل المثال يجب أن يتعلم أولاً مجموعة من عمليات التحكم البسيطة في الجسم:
- من الضروري أن يكون قادراً على رفع رأسه وتحريك ذراعيه وساقيه.
- ثم يمكن أن يستعمل ذراعيه وساقيه لرفع نفسه إلى وضع الجلوس.
- أثناء الجلوس يمد يديه ويتكئ ويستدير. سيساعده هذا في تطوير توازنه (وهي مهارة سيحتاج إليها قريباً للوقوف والمشي).
- ثم يجذب نفسه إلى وضع الوقوف.
- وقبل أن يستطيع الطفل الحديث مع الناس فإنه يحتاج إلى تعلم العديد من مهارات التواصل البسيطة مثل:
- فهم الكلمات والطلبات البسيطة.
- استعمال الإشارات والرموز.
- نطق كلمات بسيطة.
- استعمال جمل قصيرة.
- كل مهارة يتعلمها الطفل تبنى على المهارات التي يعرفها وتهيئه لتعلم مهارات أخرى أكثر صعوبة. لذا فعندما لا يتعلم الطفل مهارة ما، يعني هذا أنه لا يواجه المشاكل في تلك المهارة فقط، ولكن في المهارات الأخرى التي تعتمد عليها.
على سبيل المثال: إذا واجهته مشكلة في رفع رأسه فستواجهه صعوبة في تعلم مهارات مثل الجلوس والحبو اللتين لابد فيهما من رفع الرأس.
وبمرور الوقت يبدأ نموه بالاختلاف عن نمو الأطفال الآخرين في مثل عمره.
ثانياً: كيف تؤثر مشاكل الرؤية على التطور؟
عندما يستطيع الطفل أن يرى، تتطور المهارات “طبيعياً” في العادة وهو يراقب الآخرين ويلعب معهم. كما يتيح اللعب العديد من الفرص الطبيعية للتنقل والتعلم.
- عندما يرى الطفل جسماً لافتاً يمد يده إليه أو يزحف نحوه للحصول عليه ويساعده هذا على تقوية ذراعيه وساقيه.
- كما يساعدها اللعب على تعلم مهارات التفكير مثل حل المشكلات البسيطة. وهنا يتعلم الطفل كيف يسحب لعبته إليه بجذب خيطها مثلاً.
- كذلك يساعده اللعب على الكلام أيضاً فعندما يهتم بالألعاب يتعلم أسماءها.
- يقلد الأطفال بطبيعتهم ما يرونه، إذ تساعدهم مراقبة الآخرين على تعلم كيفية أداء الحركات والتصرف.
- يتعلم الصغير الكلام بالاستماع إلى غيره من الناس وبرؤية من يتحدثون عنه.
- يتعلم كيف يرتدي ملابسه بمراقبة الآخرين.
أما الطفل ذو الإعاقة البصرية فلديه فرص “طبيعية” أقل للتعلم، لذا يتعلم المهارات ببطءٍ أكثر من الأطفال المبصرين.
- الأطفال الرضع من ذوي الإعاقة البصرية يقل لعبهم غالباً لأنهم لا يستطيعون رؤية ما يلعبون به.
- هذا الطفل من ذوي الإعاقة البصرية لا يستطيع رفع رأسه جيداً. حدث هذا لأنه لم يتنقل ويلعب، فلم تقوَ عضلات رقبته.
- وقد يتأثر نموه الاجتماعي أيضاً.
- قد لا يفهم الطفل ذو الإعاقة البصرية المحادثات أو يشترك فيها لأنه لا يستطيع رؤية ما يتحدثون عنه.
- لذا قد يبدأ في قضاء الكثير من الوقت وحده لأنه لا يفهم ما يقوله الآخرون.
ليس من الضروري أن تحدث أغلب هذه المشاكل، فالأطفال الذين لا يستطيعون الرؤية يمكنهم تعلم استعمال حواسهم الأخرى – كحاسة السمع واللمس والشم والتذوق- لمساعدتهم على فهم عالمهم وتعلم ما يتعلمه غيرهم من الأطفال بالنظر عادة.
كيف يمكنك المساعدة؟
لمساعدة الأطفال الصغار على التطور في كل مجالاتهم الجسمية والعقلية، وذلك من خلال الفرص المصممة لذلك كي يختبروا أو يستكشفوا ويلعبوا بالأشياء، يجب توفير “التحفيز” أو ” المساعدة” المبكرة.
إليك العديد من النشاطات البسيطة التي يمكن القيام بها خلال اللعب مع الطفل ذي الإعاقة البصرية أو بينما تقوم بعملك اليومي. يمكنك تكييف هذه النشاطات أيضا لتتناسب مع الطفل والحياة اليومية، على سبيل المثال:
- إذا جذبت انتباه الطفل الرضيع بلعبة صوتية، وجعلته يدرك مصدر الصوت الذي تحدثه سيكون أكثر اهتماماً باللعب وسيتعلم أيضاً أن ينتبه إلى الأصوات ومصدرها.
- إذا شجعت الطفل على استعمال حواس اللمس والسمع والشم لاستكشاف أشكل الأجسام، سيتعلم المزيد عن العالم ويكون قادراً على التحدث عما يعرف.
- إذا أكثرت من هذه الأنواع من النشاطات سيتمتع الطفل بطفولة مليئة بالمرح والتعليم كأي طفل آخر وكلما كبر استطاع أن يتعلم.
كيف يستطيع أبناء المجتمع أن يساعدوا الطفل من ذوي الإعاقة البصرية؟
يستطيع أبناء المجتمع أن يتعلموا أن الطفل من ذوي الإعاقة البصرية مثله مثل الأطفال الآخرين لكنه يحتاج إلى مساعدة خاصة في التعرف على الآخرين والاهتداء إلى طريقه. وقد يشعر الآخرون بعدم الراحة في التعامل مع الطفل ذي الإعاقة البصرية إلى أن توضح لهم كيف يتصرفون.
ولمساعدة أعضاء المجتمع على التفاعل مع الطفل ذي الإعاقة البصرية عليك أن:
- شجعهم على الكلام مع الطفل عندما يقابلونه. اطلب منهم تقديم أنفسهم ومخاطبة الطفل بالاسم كي يعلم أنهم يتحدثون معه. ثم أوضح لهم وجوب الكلام مباشرة إليه بدلاً من سؤال الناس الآخرين عنه.
- شجعهم على مساعدة الطفل في العثور على ما تبحث عنه.
- شجعهم على الإجابة عن أسئلة الطفل وتوضيح الأشياء له. فكلما تعرف أعضاء المجتمع على الطفل أدركوا أنه قادر على العمل أكثر مما يظنون.
- قد يتصرف بعض الصغار من الأطفال ذوي الإعاقة البصرية بحدّةٍ لخوفهم مما لا يفهمونه. وعندما يكتسبون فهماً أكثر، يختلف الوضع تماماً.
مرجع: Helping Children Who Are Blind
تأليف: Sandy Nimann & Namita Jacob
الناشر: Compubraille
علا محمود محمد ـ السيرة الذاتية
- اسمي علا محمود محمد، ولدت في مصر وتخرجت من كلية الآداب في جامعة عين شمس سنة 1999 وحصلت على ليسانس في علم النفس واجتزت دورة التأهيل التخاطبي بوحدة أمراض التخاطب بقسم الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب جامعة عين شمس من 1-9-2007 وحتى 1-11-2010.
- أعمل بوظيفة اختصاصي تخاطب في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو في مجلس التخاطب في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- لدي العديد من النشاطات العلمية على مستوى مجلس التخاطب وعلى مستوى تدريب الأسر على فنيات العمل مع الأبناء.
- شاركت في التنسيق والمتابعة لعقد جلسات العلاج بالموسيقي للاختصاصيات من جامعة ايوا من كوريا الجنوبية خلال الفترة من 19 يناير إلى 15 ابريل 2015.