الطفل تحت ست سنوات يستطيع المشاركة بمهام كثيرة قد تفاجئك، بل يكون الطفل نفسه وأنتِ في حاجة ماسة لهذه المشاركة لعدة أسباب:
- حتى يستطيع أن يتفهم الأدوار المختلفة المطلوبة منه كفرد في مجتمع (بيته – مدرسته).
- حتى يتفهم أن الحفاظ على النظام والنظافة لا يتعلق بشخص واحد (الأم)، قد تبدو لك هذه النقطة غير مهمة، لكن يمكنني أن أقول إن نمو طفلك كشخص متزن مسؤول عن مهامه تتعلق بهذه النقطة.
- تنمية وتدعيم عضلاته التي في طور النمو، ومهاراته اللغوية أيضاً.
- تنمية حسه بالمسؤولية وثقته في نفسه وقدرته على الإنجاز والمساعدة.
- ستضمن لك هذه السن المبكرة اعتياد الطفل على النظام وقيامه بمهامه.
كيف يمكن للطفل أن يساعدني؟
ربما تعتقدين أن طفلك غير قادر على المساعدة، وهي الرسالة الخفية التي نوجهها لأطفالنا حين ننتزع منهم الأشياء ونرفض مساعدتهم المقدمة، لأننا نظن أن فيها إثقالاً عليهم، بالإضافة إلى أننا نفضل أن ننهي المهام بشكل أسرع وقد تكون مساعدتهم عائقاً. لكن من المهم أن تتجاوز كل هذه النقاط، وتؤمن بقدرة طفلك على مساعدتك وتتيقن أن هذه الست السنوات هي ما سيضمن لك وله حياة مسؤولة فيما بعد، لا ينكسر فيها ظهرك كي تعيد ترتيب الفوضى التي يفتعلها ولا ترتبط المهام المنزلية لديه بأنها روتين غير محبذ.
السر في تربية طفل قادر على المساعدة يكمن في كلمتين:
- النظام.
- التقليد.
الطفل كائن مُقلد ومنظم إلى حد كبير، يحتاج أن يتعرف على الروتين المطلوب فقط، وسينفذه بشكل دقيق للغاية، عليك فقط أن تضع النظام الذي سيمشي عليه، لكن الأهل سرعان ما يبادرون إلى الصراخ حينما يحاول الطفل تقليدك، ربما خوفاً على الأواني التي يحاول الإمساك بها من السقوط، أو خوفاً عليه من الأذى.
ما هي المهام التي يمكن للطفل أن يساعدني فيها؟
الالتقاط والنقل
الطفل تحت سن سنتين يكون قد نمت عضلاته بما يكفي للإمساك بالأشياء، يمكنك أن تطلب من طفلك إحضار بعض الأشياء، مثلاً المنديل. يمكنك أيضاً أن تطلب منه أن يرمي الأوراق أو بعض المهملات كأغلفة المأكولات في سلة المهملات.
هنا أنت تُنمي لديه أكثر من مهارة.
- تتأكد من نمو طفلك اللغوي، وفهمه لأوامرك وفهمه لمعاني الكلمات مثل (مهملات، ورقة، منديل) مما يضمن لك اكتشافاً مبكراً في حالة حدوث تأخر في الفهم، لا قدر الله.
- يتعلم طفلك أننا نقوم برمي المهملات في السلة ولا نتركها للكبار كي يجمعوها، وهو ما سيضمن لك فوضى أقل من طفلك.
- يشعر الطفل بالسعادة لإنجازه المهام التي تطلبها منه.
إلى أين يمكنني أن أصل بالالتقاط والنقل؟
مهام عديدة
بمراقبتك لطفلك ومعرفتك لقدراته وأي مهارة يمكنه فعلها، ولأعطيك تجربة شخصية عن أحد أطفال عائلتي (سنتين)، كانت الطفلة تساعدني في تجهيز أكواب الشاي بوضع فتلة الشاي والمقدار المطلوب من السكر، وكطفل يحب الروتين لم تكن تتفهم اختلاف مقدار السكر أو الإضافات كالنعناع، وتصّر أن تضع نفس الكمية في الأكواب، لكن مع الوقت والاستمرار بنفس الروتين، أصبحت تتم العمل بشكل أدق وتتفهم أن الأمر مختلف، وتنظر إلي بعد وضع ملعقة من السكر هل تضيف أو لا؟
غسيل الطاولات
هذه المهمة ممتعة للغاية وتناسب كل المراحل، الأطفال يستمتعون بالصابون لأقصى درجة، وهو مفيد لعضلاتهم الدقيقة، وأيضاً مفيد للطاولة التي تحتاج إلى تنظيف. يمكنك إشراك الطفل دائماً باستعمال الإسفنجة وغسل الطاولات أو أي أسطح تحتاج لمسح في المنزل، مثل أرفف ألعابه أو علب ألعابه، أو ألعابه البلاستيكية التي تحتاج إلى غسل مستمر.
ترتيب المائدة
وهنا تتدرج مع طفلك ابتداءً من وضع المفرش البلاستيكي ونقل الأدوات بالتدريج (الملاعق، الأطباق الفارغة، الأطباق المملوءة) وستكتشف بنفسك متى يستطيع طفلك الانتقال لنقل شيء أكبر، بالتعود والمساعدة في البداية وتعليمه كيفية إمساك الأداة بشكل صحيح، وتقريب المسافة في البداية، يمكنك أن تعطيه الطبق على أن يستلمه منه والده في نصف المسافة في البداية وهكذا.
ترتيب ألعابه
يشتكي معظم الآباء أن الأطفال لا يرتبون ألعابهم ويتركونها في فوضى عارمة كل مرة، وضعك لأماكن مخصصة للألعاب وصناديق مخصصة لتجميعها تحمل صوراً لشكل اللعب مثلاً (صندوق الدمى، صندوق المكعبات، صندوق الأدوات، صندوق الألوان… إلخ). ثم إسناد مهمة الترتيب للطفل فيستطيع معها وبسهولة وضع الألعاب وتجميعها إذا تم توجيهه بمتعة.
ترتيب غرفته
يمكنك إسناد بعض المهام مثل الكنس (وهو يناسب الطفل فوق 3 سنوات) يستطيع التحكم بالمكنسة الكهربائية أو اليدوية ـ تحت إشراف في البداية ـ وكنس غرفته بنفسه. يمكنه أيضاً ترتيب سريره (والتعود على ذلك كل صباح).
هذه المهام ربما تعطيك تلميحاً كيف يمكن أن يؤثر التعود عليها في شخصية طفلك كراشد.
الملابس
الملابس مهمة ممتعة للطفل ويمكن إشراكه بعدة أنشطة من خلالها، في البداية يكون مسؤولاً عن تجميعها في سلة الغسيل، أو وضع ألعابه القطنية في الغسالة، يمكنك أيضاً تعريفه بطريقة برمجة الغسالة (الغسالات الحديثة سهلت هذه العملية بشكل كبير)، ثم يمكنك الاعتماد عليه في فصلها حسب الألوان (وهو نشاط مناسب ولطيف جداً لتنمية حس اللون لدى الطفل) وسيجنبك أن يكبر ابنك / ابنتك ويتفاجئون بأن غسل الملابس يتم بشكل منفصل.
يمكنه أيضاً المساعدة في الغسل اليدوي للجوارب مثلاً، وهو ممتع وينمي عضلاته الدقيقة، ثم الانتقال لطي الملابس، وهي من الأنشطة المحببة للأطفال والمعمول بها في الكثير من برامج الأطفال مثل برنامج المنتسوري.
الطبخ
الطبخ من أكثر المهام الممتعة للطفل، كونه يعرف أنه مهمة للكبار وإشراكه فيها يمتعه إلى حد كبير، ويتنوع إشراكه ابتداءً من وضعه في كرسي مناسب يمكنه مشاهدتك أثناء الطبخ (والحديث معه وتعريفه بما تفعل)، مروراً بمناولتك بعض الأدوات، وإضافة بعض الأشياء، مثل: يمكنك الآن وضع هذه البطاطس التي قطعتها والدتك في الصينية، وقد يصل إلى التقطيع في سن أكبر وباستعمال سكين آمنة وتحت إشراف.
الاهتمام بالطفل الجديد
من أهم الأشياء التي تسهل على طفلك مرور تجربة الطفل الجديد وتجاوز الغيرة، هي إعطاؤه مهام متعلقة بالرضيع، سيعطيه ذلك انطباعاً بالأهمية وبأنه هو (الكبير) الذي عليه أن يهتم بهذا الصغير، تتنوع المهام من تجميع ملابس الصغير، وتجهيز حقيبته وحمله وملاعبته.
هذه بعض النماذج للمهام التي يستطيع طفل تحت سن ست سنوات فعلها، وتذكّر أنك الحكم الأول على ما يمكن لطفلك أن يقوم به من خلال ملاحظتك له، ستعرف من خلال طريقة لعبه ما المهام التي سيكون قادراً على أدائها، وكيف تتدرج. وما المهام التي سيكون ممتعاً له العمل بها؟
كيف يمكن الحفاظ على استمرارية أداء طفلي للمهام؟
هناك عدة طرق مع السن الصغيرة، أهمها وأفضلها هو اختيار الصور، يمكنك طباعة صور للمهام المطلوبة ولصقها على لوحة في غرفة طفلك مع خيار (مطلوب) وخيار (تم).
مثال: الاستيقاظ: ترتيب السرير ـ غسل الأسنان.
قبل النوم: ترتيب الألعاب ـ ترتيب الغرفة ـ غسل الأسنان.
في النهاية، قد تواجهك بعض الصعوبات حتى تستطع في النهاية وضع نظام مهام مناسب لك ولطفلك، لكن تذكّر دائماً أن تربيتك لطفلك في هذه السن على أداء مهامه، سيمنحك تربية أسهل دون أن يثقل ظهرك بالمهام المتراكمة بسبب وجود الطفل، وسيعطي طفلك ثقةً بأنه استطاع أن يساعدك وأن يحقق أفعاله بنفسه، بالإضافة لتنمية طفلك كشخص منظم ومسؤول.
ندى القصبي
www.facebook.com/nada.alkasapy.9
بكالوريوس رياض أطفال – جامعة الاسكندرية، كاتبة في عدة مواقع إلكترونية