بقلم د. مدحت محمد أبو النصر
أستاذ الخدمة الاجتماعية في جامعة حلوان
تحدثنا في العدد السابق عن مفهوم نظام الساعد في مهنة الخدمة الاجتماعية ضمن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، واستخداماته المتعددة والفكرة من ورائه والأسباب الرئيسية لظهور نظام الساعد في مهنة الخدمة الاجتماعية.
وسنعرفكم في هذا العدد على الاعتبارات التي يتم من خلالها اختيار الساعد.
الساعد في مجال رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة :
هو أحد الأشخاص ذوي الإعاقة المقيمين في دار أو مؤسسة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو عميل متطوع يقوم الاختصاصي الاجتماعي باختياره من بين الأشخاص ذوي الإعاقة بناءً على اعتبارات عدة نذكر منها:
1 ـ أن تكون شخصية الشخص ذي الإعاقة اجتماعية وجذابة.
2 ـ أن يكون الشخص ذو الإعاقة قد أمضى فترة معقولة في دار أو مؤسسة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، وتكونت لديه معرفة كافية بالبرامج والخدمات المتاحة، وبالعاملين في الدار.
3 ـ أن تكون للشخص ذي الإعاقة علاقات طيبة مع العاملين في الدار بمن فيهم الاختصاصي الاجتماعي.
4 ـ أن يكون للشخص ذي الإعاقة القدرة على الاتصال الفعال بزملائه الأشخاص ذوي الإعاقة والاختصاصي الاجتماعي.
5 ـ أن يكون هناك تقبل متبادل بين الاختصاصي الاجتماعي والشخص ذي الإعاقة.
6 ـ أن يوافق الشخص ذو الإعاقة على قيامه بدوره كمساعد لزملائه والاختصاصي الاجتماعي.
7 ـ أن يوافق المسن على التدريب الذي سيحصل عليه من قبل الاختصاصي الاجتماعي.
لكل جماعة قائد يتم اختياره بحيث تقبله الجماعة كقائد.
والقائد هو الفرد الذي يمارس ـ بالمقارنة مع الآخرين في الجماعة ـ أكبر قدر من التأثير على أفراد الجماعة، والمسن الساعد هو قائد غير رسمي لجماعة المسنين.
يمكن للشخص ذي الإعاقة الساعد أن يؤثر في سلوك جماعة الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال إشراكهم في القرارات الجماعية مما ينمي لديهم الشعور بالانتماء للقرار المتخذ والالتزام به، الأمر الذي يزيد من حماسهم لتنفيذه.
فالشخص ذو الإعاقة الساعد يحاول زيادة مقدار المشاركة لمجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة وهذا بدوره يساعد في تكوين مشاعر طيبة تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.
وتؤكد (جيزلا كونيكا) إحدى رواد الخدمة الاجتماعية أهمية تشجيع كل عضو على المشاركة وفقاً لقدراته، أو مساعدته كي يصبح قادراً على المشاركة، وهذه مهمة رئيسية للاختصاصي الاجتماعي ومن يساعده من العملاء.
عندما يدخل الشخص ذو الإعاقة إلى مؤسسة أو مركز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة ويقابل العاملين والزملاء من الأشخاص ذوي الإعاقة فإنه يدخل مجتمعاً جديداً عليه، ونجده على المستوى الشعوري واللاشعوري يضع الحدود بينه وبين الآخرين.
هذه الحدود أو الحواجز تمثل درجة مقاومة الاتصال بالآخرين مما يعوق مشاركته في جماعة الأشخاص ذوي الإعاقة ويعطل العمل الجماعي بينهم.
والشخص ذو الإعاقة الساعد يساعد زملاءه من الأشخاص ذوي الإعاقة وخاصة الجدد منهم على اجتياز هذه الحواجز كما يساعدهم على نقل سلوكهم من منطقة الانطواء والانعزال والبعد عن الآخرين إلى منطقة اجتماعية جديدة.
والشخص ذو الإعاقة الساعد يساعد زملاءه الأشخاص ذوي الإعاقة على الانضمام إلى المجموعات القائمة أو تكوين مجموعات جديدة داخل مركز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، بسبب تزايد أهمية عضوية المجموعات بالنسبة للشخص ذي الإعاقة، باعتبارها وسيلة تساعد على تأكيد الهوية الذاتية لديهم.
فالمجموعة هي الوسيلة التي تشعر الشخص ذي الإعاقة بانتماء أكبر من انتمائه لذاته أو لأسرته، وهي تشكل القناة التي يستطيع المرء من خلالها تحقيق التوافق والانسجام مع الآخرين للتعبير عن وجهة نظر معينة والقيام بالمهام المطلوبة والاستمتاع بالتجارب التي لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال المجموعة.
والشخص ذو الإعاقة الساعد يتعرف بسهولة نسبية مقارنة بالاختصاصي الاجتماعي على مشاعر واتجاهات وحاجات ومشكلات زملائه الأشخاص ذوي الإعاقة وينقل ذلك إلى الاختصاصي الاجتماعي.
والشخص ذو الإعاقة الساعد يعرف زملاءه بالخدمات المتاحة والبرامج والأنشطة المتوفرة ويشجعهم على الاستفادة منها.
والشخص ذو الإعاقة الساعد يصبح بعد فترة عضواً في فريق عمل المركز أو مؤسسة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة فيعمل متعاوناً مع الطبيب والممرضة والاختصاصي الاجتماعي واختصاصي التربية الخاصة واختصاصي التغذية واختصاصي العلاج الطبيعي واختصاصي التأهيل المهني.. ويفضل أن يكون عضواً في مجلس إدارة المركز أو المؤسسة حتى يمثل زملاءه في هذا المجلس ويعبر عن مطالبهم.
أساليب الساعد لتحقيق المهام المطلوبة
يستخدم الشخص ذو الإعاقة الساعد أساليب عدة لتحقيق المهام المطلوبة منه، نذكر منها:
1 ـ الحكاية
حيث يقوم الشخص ذو الإعاقة الساعد بحكاية قصته وخبراته السابقة والمعاناة التي مر بها وكيف تغلب عليها، وذلك بهدف أن يستفيد زملاؤه ذوو الإعاقة من هذه الخبرات والتجارب، فيبث في نفوسهم الأمل وأنهم بالإرادة والفهم والإدراك السليم يمكن أن يتغلبوا على همومهم ومشكلاتهم مثله.
2 ـ المناقشة
نشاط جماعي يأخذ طابع الحوار الكلامي المنظم الذي يدور حول موضوع أو مشكلة يشعر الشخص ذو الإعاقة أنه بالحاجة إلى طرحها، بهدف الوصول إلى الفهم والإدراك السليم للموضوع أو المشكلة.
ويساعد الشخص ذو الإعاقة الساعد أيضاً زملاءه على ترجمة هذا الفهم والإدراك إلى فعل وسلوك فردي وجماعي لمواجهة المشكلة.
3 ـ البدء بالنفس أولاً
إذا أراد الشخص ذو الإعاقة الساعد أن يقنع زملاءه الأشخاص ذوي الإعاقة بفعل شيء معين أو الامتناع عن شيء معين، فهو يبدأ بنفسه أولاً للقيام بالفعل أو الامتناع عنه.
مميزات نظام الساعد، لنظام الساعد في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة مميزات نذكر بعضها:
- الشخص ذو الإعاقة الساعد يسهل كثيراً من الأعمال المطلوبة من الاختصاصي الاجتماعي.
- الشخص ذو الإعاقة الساعد يؤثر إيجاباً وبشكل يومي وواضح على زملائه الأشخاص ذوي الإعاقة بصفة عامة، يقل عدد المشكلات بمختلف أنواعها لدى الأشخاص ذوي الإعاقة إذا قام الشخص ذو الإعاقة الساعد بدوره بشكل كفؤ وفعال.
- الشخص ذو الإعاقة الساعد هو الأقدر على توصيل مقترحات وحاجات ومشكلات زملائه الأشخاص ذوي الإعاقة إلى مجلس إدارة مركز أو مؤسسة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة والعاملين فيها.
- تقليل عدد المرشدين أو الاختصاصيين الاجتماعيين.
- تقليل حجم التكاليف.
- يتيح هذا النظام التدريب على تحمل المسؤوليات.
- زيادة فرص التفاهم بين الأعضاء.
- توفير أعضاء أكثر حساسية لحاجات بعضهم بعضاً.
بعض عيوب نظام الساعد
- في بعض الأحيان يصوغ الشخص ذو الإعاقة الساعد مقترحات وآراء زملائه الأشخاص ذوي الإعاقة بمقترحاته وآرائه الذاتية.
- في بعض الأحيان يكون لدى الشخص ذي الإعاقة الساعد فهم خاطئ أو إدراك غير سليم لإحدى الأمور أو الموضوعات مما قد يؤثر سلباً على زملائه الأشخاص ذوي الإعاقة نظراً لتأثرهم به.
- في بعض الأحيان يترك الشخص ذو الإعاقة الساعد مؤسسة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة إما لانتقاله إلى منزل أسرته أو للعيش مع أحد أقاربه أو بسبب المرض الشديد أو الوفاة.
وبصفة عامة فإن على الاختصاصي الاجتماعي أن يقوم بمحاولة التغلب قدر الإمكان على عيوب نظام الساعد أو التخفيف منها، وذلك من خلال:
- دقة وحسن اختيار الساعد (على سبيل المثال)
- التدريب المناسب وإعادة التدريب، المتابعة المستمرة
- كذلك على الاختصاصي الاجتماعي أن يعمل على تدعيم مميزات هذا النظام الذي أثبت فعاليته في ميدان الرعاية الاجتماعية في دول عدة.
نظام الساعد في دولة الإمارات العربية المتحدة
بعد قراءة نظام الساعد والتعرف على مميزاته وتحديد عيوبه، يمكن القول إن نظام الساعد فكرة مناسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولا تخالف القيم العربية أو الإسلامية، وتتفق مع ثقافة المجتمع المحلي. فعلى سبيل المثال، يدعم نظام الساعد قيم التعاون وفعل الخير ومساعدة الإنسان لأخيه الإنسان.
كذلك يمكن القول إن نظام الساعد يمكن تطبيقه في دولة الإمارات العربية المتحدة، فالمجتمع الإماراتي يمتاز بالمرونة وحبه لتطبيق الأفكار الجيدة الجديدة التي أثبتت جدواها.
ومعظم الاختصاصيين المهنيين في الإمارات هم من ذوي الإعداد المهني الجيد الذي يؤهلهم لتطبيق نظام الساعد بكفاءة وفاعلية، إن تلقوا التدريب العملي على هذا النظام المقترح.
*يستخدم مصطلح العميل في مهنة الخدمة الاجتماعية للإشارة إلى وحدة العمل سواء كانت أفراداً أو جماعات أو مجتمعات تلك التي يعمل معها الاختصاصي الاجتماعي ويحاول أن يساعدها على تلبية الاحتياجات وحل المشكلات وتنمية القدرات وزيادة الفرص في الحياة.
الأستاذ الدكتور مدحت محمد أبو النصر
• أستاذ تنمية وتنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان.
• دكتوراه من جامعة Wales ببريطانيا.
• أستاذ زائر بجامعة C.W.R.بالولايات المتحدة الأمريكية.
• أستاذ معار لجامعة الإمارات العربية المتحدة (سابقًا).
• رئيس قسم العلوم الاجتماعية والإنسانية بكلية دبي (سابقًا).
• عضو تحرير مجلة المنال مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالإمارات.
• مراسل مصر لمجلة المنال (الإمارات) ومجلة تنمية المجتمع.
• نشر العديد من المقالات والبحوث سواء باللغة العربية أو الإنجليزية في مصر وخارجها.
• نشر العديد من الكتب العلمية عن الخدمة الاجتماعية والإدارة السلوكية، وذلك في كل من مصر والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية.
• مَثَّل مصر في المؤتمر الدولي للخدمة الاجتماعية بالسويد في عام (1988م).
• الفوز في المسابقة الدولية لشباب علماء علم الاجتماع في إسبانيا عام (1990م).
• الحصول على منحة المجلس البريطاني في عام (1991م).
• الحصول على منحة هيئة الفولبرايت الأمريكية في عام (1993م).
• الحصول على منحة بحثية من جامعة الإمارات العربية المتحدة في عام (1995م).
• الحصول على جائزة أفضل كتاب في مجال العلوم الاجتماعية من وزارة الثقافة والإعلام بدولة الإمارات في عام (1996م) عن كتاب الخدمة الاجتماعية الوقائية.
مُحكِّم في المؤتمرات العلمية التالية:
1. مجلة دراسات في الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان (مصر).
2. مجلة شؤون اجتماعية (الإمارات).
3. مجلة كلية الآداب، جامعة حلوان (مصر).
مُحكِّم في المؤتمرات العلمية التالية:
1. المؤتمر الدولي السنوي لكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان.
2. المؤتمر الدولي السنوي لكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة الفيوم.
3. المؤتمر السنوي للمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالقاهرة.
أحدث الكتب للمؤلف:
1. اكتشف شخصيتك وتعرف على مهاراتك في الحياة والعمل.
2. بناء وتدعيم الولاء المؤسسي لدى العاملين بالمنظمة.
3. الوظيفة الاجتماعية للأحزاب السياسية.
4. رعاية وتأهيل متحدي الإعاقة.
5. تنمية القدرات الابتكارية لدى الفرد والمنظمة.
6. قواعد ومراحل البحث العلمي.
7. إدارة الجمعيات الأهلية.
8. لغة الجسم، دراسة في نظرية الاتصال غير اللفظي.
9. البرمجة اللغوية العصبية.
10. إدارة اجتماعات العمل بنجاح.
11. إدارة منظمات المجتمع المدني.
12. الإدارة بالحب والمرح.
13. مفهوم ومراحل وأخلاقيات مهنة التدريب في المنظمات العربية.
14. التحرر من أمريكا (مراجعة).
15. الاتجاهات المعاصرة في إدارة وتنمية الموارد البشرية.