تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على الإهتمام بالطفل وتذليل كافة الصعوبات التي تحول دون تنشئته، التنشئة السليمة التي تؤهله ليكون فردا صالحا في المجتمع ويعكس قانون حماية حقوق الطفل الذي أطلق عليه اسم (قانون وديمة) حرص القيادة الرشيدة في الدولة على تعزيز الجهود لحماية الطفل من جميع أشكال التمييز والعنف، وتوفير أفضل الإمكانيات وتهيئة الظروف لتنشئته وحمايته من كل أذى أو سوء معاملة.
واعتبرت معالي مريم الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية أن إصدار قانون وديمة يشكل بداية مرحلة جديدة في دولة الإمارات بالنسبة لاستكمال منظومة التشريعات الاجتماعية التي ترعى حقوق الإنسان وتصون كرامته وحريته، مؤكدة أن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على القانون يأتي متزامنا مع فوز دولة الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة للسنوات الثلاث المقبلة، مما يعتبر اعترافا دوليا وعالميا بأن دولة الإمارات بقيادتها وتشريعاتها تصون الحريات وتحفظ الحقوق.
وأشارت معالي مريم الرومي إلى أن إطلاق اسم "وديمة" على هذا القانون، دلالة عميقة لأن ما تعرضت له الطفلة "وديمة" من عنف وسوء معاملة قد هز مجتمع الإمارات قيادة وشعبا وكان للقيادة موقف أبوي صارم أسهم في إنصاف الطفلتين "وديمة وأختها" والقانون جاء ليحمي كل الأطفال أيا كان موقعهم والجهة التي عرضتهم للإساءة وسوء المعاملة، ولن ينفذ أحد من المساءلة عند إساءته للطفل.
ويتضمن قانون (وديمة) العديد من المواد الضامنة لحقوق الطفل وحمايته التي تستمد أحكامها من اتفاقية حقوق الطفل التي وقعتها دولة الإمارات وصادق عليها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بمرسوم خاص، ويأخذ قانون حماية حقوق الطفل بعين الاعتبار خصوصية مجتمع الامارات وقيمه، حيث يحرص على تنشئة الطفل على الاعتزاز بهويته الوطنية واحترام ثقافة التآخي الإنساني والانفتاح على الآخر وتوعية الطفل بحقوقه والتزاماته وواجباته في مجتمع تسوده قيم العدالة والمساواة والتسامح.
غرامات وعقوبات رادعة لكل من يحاول الإساءة للطفل
ويؤكد القانون على تنشئة الطفل على التحلي بالاخلاق الفاضلة وبخاصة احترام والديه ومحيطه العائلي والاجتماعي، كما يبين القانون أن الدولة ستتخذ جميع التدابير المناسبة لحماية الطفل من جميع أشكال التمييز والعنف بأنواعه بهدف تأمين المساواة الفعلية والتمتع بالحقوق المنصوص عليها في القوانين المعمول بها في الدولة، بالإضافة إلى أنه يمنح الطفل حق التعبير عن آرائه بحرية وفقا لسنه ودرجة نضجه، وفي الوقت نفسه يحظر القانون تعريض الطفل لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته او منزله أو مراسلاته، وأيضا يحظر القانون المساس بشرف الطفل أو سمعته.
كما يتضمن قانون وديمة حق الطفل في الحصول على الخدمات الصحية، وتوفير مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والنفسي والاجتماعي وحقه في امتلاك المعرفة ووسائل الابتكار والإبداع، وحقه كذلك في التعليم واتخاذ التدابير المناسبة لمنع تسرب الأطفال المبكر من المدارس، ويحظر القانون جميع أشكال العنف في المؤسسات التعليمية، وتعريض الطفل للتعذيب والاعتداء على سلامته البدنية والنفسية، أو الإتيان بأي عمل ينطوي على القسوة من شأنه التأثير على توازن الطفل العاطفي أو النفسي أو العقلي، وتتضمن العقوبات في قانون حماية حقوق الطفل الغرامات المالية التي تبدأ من 5000درهم وقد تصل إلى مليون درهم، كما تشمل السجن الذي قد يصل إلى عشر سنوات في حالة استخدام الطفل واستغلاله في تصوير أو تسجيل أو إنتاج مواد إباحية وإنتاج أو نشر أو توزيع أو تسهيل الوصول لمواد إباحية للأطفال بأية وسيلة، كما يعاقب بالسجن، كل من يستغل الطفل استغلالا جنسيا بتعريضه أو تهيئته لأعمال الدعارة سواء بمقابل أو دون مقابل وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
ويتضمن قانون وديمة الآليات المناسبة لحماية الطفل حيث منح القانون، اخصائي حماية الطفل حق التدخل الوقائي والعلاجي في الحالات التي يتبين فيها أن صحة الطفل وسلامته البدنية أو النفسية أو الاخلاقية أو العقلية مهددة بالخطر، كما منحه كافة الصلاحيات باتخاذ التدابير الوقائية الملائمة في شأن الطفل، بالإضافة إلى العقوبات الرادعة بحق الذين تسول لهم نفوسهم في الإساءة للطفل أو تعريضه للإساءة وعلى وجه الخصوص المسؤولين المباشرين في رعايته كالآباء والامهات والمعلمين والأطباء.
وجاءت موافقة مجلس الوزراء على هذا القانون تتويجا لجهود كبيرة أسهمت فيها العديد من الوزارات والإدارات الحكومية الاتحادية والمحلية، مثمنة دور وزارة الداخلية ووزارة العدل اللتين كان لهما دور بارز في إعداد هذا القانون، ودعت وزيرة الشؤون الاجتماعية أفراد المجتمع كافة للتعاون والتعامل مع القانون بإيجابية وأخذ دورهم في الإبلاغ عن جميع الحالات التي يتعرض فيها الطفل لسوء المعاملة، مهما كانت صلة القرابة بهم. وقالت الرومي: جميعنا في هذه الدولة نخدم مجتمعا يهتم بصون وحماية حقوق الطفل، باعتبارهم جيل المستقبل الذي لابد أن نهتم به منذ الصغر".
قانون(وديمة)..
إضافة حضارية للإنجازات التشريعية والمؤسسية
في مجال حقوق الطفل
ووفقاً للقانون يتمتع كل طفل بجميع الحقوق دون تمييز بسبب جنسه أو لونه أو جنسيته أو دينه أو لغته أو أصله القومي أو أي نوع آخر من أنواع التمييز ويعمل القانون على الارتقاء بالطفولة في الإمارات بما لديها من خصوصيات عن طريق تنشئة الطفل على الاعتزاز بهويته الوطنية والعربية والدينية وعلى الولاء للإمارات، أرضا وتاريخا وشعبا مع التشبع بثقافة التآخي البشري والانفتاح على الآخر.
وفي هذا السياق أكدت نورة خليفة السويدي الأمين العام للاتحاد النسائي العام رئيسة اللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، أن موافقة مجلس الوزراء على إصدار مشروع قانون اتحادي شامل لحقوق الطفل، تأتي تجسيداً للرغبة الصادقة للقيادة الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وأخوانهما أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لإيلاء الإنسان بشكل عام والطفل بشكل خاص أهمية قصوى في الإمارات، وأكدت أن إصدار مشروع قانون، يعتبر إضافة حضارية، للإنجازات التشريعية والمؤسسية في مجال حقوق الطفل وليكمل حزمة التشريعات التي ما فتأت الدولة تراجعها باستمرار وتغطية الحاجات الأساسية المستجدة و فضلا عن الحاجات التكميلية للإنسان بشكل عام وللأطفال بشكل خاص والذي سيكون هذا القانون الحصن المنيع لأي انتهاكات لآدمية الطفل وليمكن الطفل من العيش بسلام دون منغصات نفسية واجتماعية تكدر صفوة عيشه وأمانه.
وأضافت أن هذا القانون الشامل لحقوق الطفل هو نتاج عمل دؤوب للساسة ومتخذي القرار وللتلاحم القوي بين القيادة والشعب ويعبر عن المستوى الرفيع للحس الإنساني للحكام وهذا ما لمسناه من تفاعل شديد للحكام والشيوخ ومواقفهم الإنسانية المؤثرة تجاه حالات الاعتداء على براءة الأطفال والتي تكررت في مجتمع الإمارات.
ويتطلب الأمر من جميع فعاليات المجتمع الرسمية وغير الرسمية القيام بحملات توعية شاملة لجميع شرائح المجتمع بمختلف اللغات لفهم القانون والالتزام بكل ما جاء ببنوده، كما أن المهمة ستكون كبيرة على المؤسسات العاملة في مجال الطفولة، إذ يتطلب منها إعداد كوادر مؤهلة ومدربة قادرة على تنفيذ كل ما جاء في القانون واتخاذ التدابير اللازمة لمنع أي انتهاك لآدمية الطفل.
ويضم القانون الذي اعتمده مجلس الوزراء 72 مادة احتوت على حقوق الطفل كافة التي كفلتها المواثيق الدولية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ الدستور الإماراتي، حيث يضم القانون الحقوق الأساسية والحقوق الأسرية والصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية للطفل إضافة إلى حق الطفل في الحماية وآليات توفير هذه الحماية للأطفال بجانب فصل كامل يختص بالعقوبات، وشمل القانون مجموعة كبيرة من الحقوق الأسرية والصحية والتعليمية للأطفال كحقهم في الرعاية والنفقة والخدمات الصحية و حمايتهم من مخاطر التلوث البيئي ومن الإصابة بالأمراض المعدية ومن بيع التبغ أو المنتجات الكحولية لهم أو حتى التدخين في وسائل المواصلات العامة بوجودهم.
وفي مجال الحماية الثقافية للأطفال حظر القانون تداول أو عرض أو حيازة أو انتاج أية أعمال مرئية أو مسموعة أو مطبوعة أو ألعاب الكترونية تخاطب غرائزه الجنسية أو تشجعه على الانحراف. مشددا العقوبة في ذلك لتصل إلى حبس سنة وغرامة لا تقل عن 100ألف درهم ويؤكد القانون حق كل طفل في التعليم وحظر أشكال العنف كافة في المؤسسات التعليمية وحمايتهم من الاستغلال أو سوء المعاملة وحظر تعريضهم للإهمال أو التشرد أو التسول أو تعريض سلامتهم البدنية أو توازنهم النفسي والعاطفي والأخلاقي للخطر.
كما يشدد القانون على ضرورة إبلاغ أخصائيي حماية الطفولة إذا كان هناك ما يهدد الطفل ويكون الإبلاغ وجوبا بحق المربين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين، وينص القانون على ضرورة أن يقوم كل شخص بالغ بمساعدة أي طفل يطلب منه إبلاغ السلطات المختصة بمعاناة ذلك الطفل أو أي طفل آخر ويعاقب بالغرامة التي لا تزيد عن 50 ألف كل من يخالف ذلك.
ويلزم القانون المحاكم المختصة كافة وقبل أن تحكم بالحضانة لأي شخص تقديم تقرير مفصل عن الحالة الاجتماعية والحالة الجنائية لطالب الحضانة وإقرار يفيد بعدم ارتكابه جريمة خارج الدولة مع مراعاة أحكام قانون الأحوال الشخصية في الأحوال كافة كما يشدد القانون الذي أقره مجلس الوزراء العقوبة على كل من يستخدم الأطفال في تصوير أو تسجيل أو نشر أو توزيع أية مواد إباحية لتصل العقوبة للسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات وذلك حفاظا على كرامة الطفل وكينونته وحماية أخلاقه وسمعته.
وفي جميع الأحوال لا يتم الإفراج عن الشخص المحكوم عليه بالحبس أو بالسجن في جريمة من جرائم الاعتداء الجنسي على طفل، إلا بعد أن يتم إخضاعه قبل انتهاء مدة حبسه أو سجنه لفحوص واختبارات نفسية للتأكد من عدم تشكيله خطورة اجتماعية، وفي حال ثبوت ذلك تأمر المحكمة بإيداعه مأوى علاجياً بعد انتهاء مدة حبسه أو سجنه، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون تنظيم إيداع المحكوم عليه في المأوى العلاجي وإجراءات النظر في طلبات الإفراج.
مضحية المنهالي:
قانون (وديمة) يأتي تتويجاً للجهود التي بذلتها الدولة في مجال رعاية الطفل
وفي السياق أكدت المحامية مضحية سالم المنهالي المدير العام لمكتب الاتحاد العربي للمحاماة والاستشارات القانونية في أبوظبي أن قانون (وديمة) لحماية حقوق الطفل من شأنه أن يحد من حالات انتهاك حقوق الأطفال والتعرض لهم بالأذى ويضمن في الوقت ذاته الحياة الكريمة الآمنة لهم لما يتضمنه من مواد قانونية مشددة ضد كل من ينتهك براءة الطفولة أو حقوقهم.
واعتبرت المنهالي أن هذا القانون يأتي تتويجاً للجهود التي بذلتها الدولة في مجال رعاية الطفل منذ نشأته إلى أن يصبح رجلاً يعتمد على نفسه، لافتة إلى أن الاهتمام بالطفل يتجلى بصورة واضحة في ضمان حقوق التعليم والرعاية الصحية المجانية ومقومات الحياة الكريمة التي ينعم بها الأطفال، منوهة بتكفل الدولة بالطفل مالياً منذ ولادته إذ خصصت له مبلغاً مالياً يدرج في راتب والده.
وأكدت أن سن قانون بشأن حقوق الطفل يحمل اسم طفلة كانت ضحية لأب نزعت الرحمة من قلبه يمثل دلالة قوية على الرفض العام على المستويين الرسمي والمجتمعي لأي انتهاك لحقوق الطفل، مضيفة أن قانون «وديمة» يضمن لكل طفل دون تمييز الحق في حياة آمنة ورعاية دائمة واستقرار نفسي وعاطفي وجسدي، وكذلك اقر القانون إنشاء وحدات متخصصة لحماية الأطفال مما يتعرضون له من انتهاكات، ويمكنها التدخل حال تعرضهم لأي ضرر .
وبهذا القانون أولت الإمارات اهتماماً بالغاً بحقوق الانسان في الحرية وحفظ كرامته وحفظ حقوقه جميعها ونظمتها بقوانين تطبق على الجميع وتحفظ حقوق الجميع مواطنين ومقيمين على ارض الدولة، وتستمر الجهود في سبيل تحقيق هذه الأهداف الإنسانية، ويعد فوز الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان بـ 184 صوتاً عن المجموعة الآسيوية، دليلاً على الجهود البارزة التي بذلتها الدولة في الدفاع عن حقوق الانسان وسن التشريعات الكفيلة لحماية حقوق الأفراد من مواطنين ومقيمين وتحقيق العدالة بين الجميع، ما جعلها تتقدم صفوف المدافعين عن حقوق الإنسان.