معاً نكتشف العالم
ليست هي المرة الأولى التي نقف فيها أمام المعاني العميقة والأهداف الكبيرة لإقامة مخيم الأمل بالشارقة منذ انطلاقته الأولى في يناير 1986 وحتى اليوم.. ورغم الاحتفالية الظاهرة والمشهدية الواضحة لهذه المناسبة التي تتجلى أكثر ما تتجلى في فرحة الأطفال من ذوي الإعاقة ومرافقيهم منذ لحظة وصولهم إلى أرض الشارقة،.. مروراً بكل مفردة من مفردات برنامج المخيم المعد دائماً بعناية فائقة لضمان استمتاع الأطفال،.. وحتى آخر لحظة من لحظات انعقاده وانقضائه.
… رغم كل هذا إلا أننا في كل مرة ـ وليس فقط انسجاماً مع شعار المخيم الحالي (معاً نكتشف العالم) الذي يقام بالتزامن مع اختيار الشارقة عاصمة السياحة العربية للعام 2015 ـ نكتشف معنى عميقاً ومغزى مفيداً لإصرارنا على تنظيمه وتطويره سنة بعد سنة..
معروف للجميع أن التعلم بالاكتشاف هو أحد أساليب التعلم التي تتفق عليها آراء العديد من العلماء ولا تختلف كثيراً.. إلا أن هذا الأسلوب له موجباته في مخيم الأمل وأهدافه التي تتلخص في تنمية المهارات الاجتماعية لدى الأطفال ذوي الإعاقة وزيادة اعتمادهم وثقتهم بأنفسهم ورسم البسمة على وجوههم وخاصة الأطفال الذين لم تتح لهم فرصة السفر أو المشاركة في مخيمات الأمل السابقة.
وكل هذه الأهداف تتلاقى وتتجاوب مع التوجه الحضاري الذي أقرته المواثيق والمعاهدات الدولية والتي تضمن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الوصول وحرية التنقل والمشاركة في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والرياضة وما يستتبع ذلك بالضرورة من حقهم في السفر والسياحة واكتشاف العالم دون أية عوائق تحول دون ممارستهم لهذه الحقوق.
وهو التوجه ذاته الذي حدا بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إلى المشاركة بفاعلية في تأسيس الاتحاد الدولي لتنمية قدرات الجميع من خلال الترويح في نوفمبر 2008 وهو كيان دولي غير حكومي وغير ربحي يعمل على تعزيز فكر سياحة الأشخاص ذوي الإعاقة وتأهيلهم من خلال الترويح ودعم مشاركتهم في البرامج الترويحية والمعسكرات الدولية والتوعية بأهمية التنقل والسفر والمعسكرات كوسيلة علاجية ونفسية للأشخاص من ذوي الإعاقة وتأهيل المنشآت السياحية والبنى التحتية التي تلبي احتياجاتهم.
إن ممارسة الأطفال ذوي الإعاقة للاكتشاف سواء في انتقالهم من بلد إلى بلد ومن بيئة إلى أخرى أو التقائهم بأصدقاء من جنسيات مختلفة، أو من خلال محطات برنامج مخيم الأمل المتنوعة،.. كل هذه المواقف الغنية تتيح للأطفال الحصول على معلومات جديدة ومفيدة بطريقة ممتعة ومسلية تجعل هذه المعلومات ملائمة لحل المشكلات التي قد تصادفهم مستقبلاً بحيث يعتمد الطفل على خبراته الخاصة التي تكونت لديه، وعلى معرفته التي اكتسبها، بطريقة تمكنه من التفاعل مع بيئته باكتشاف الأشياء وفهمها، والتعامل مع الأسئلة والمشكلات وايجاد الحلول الملائمة لها.
قد يواجه بعض الأطفال الذين لم يسبق لهم أن تركوا بيوتهم ومراكزهم التي ألفوها صعوبة في التكيف مع هذا البعد عن ذويهم وفي مكان قد يبعد آلاف الأميال عن أماكن سكناهم.. إلا أن هذا الشعور سرعان ما يتبدل ويحل محله شعور بالسعادة والاندماج في مكان وزمان لا ينسى هو مخيم الأمل بالشارقة… فيتمنى كل طفل مشارك وكل مرافق ومتطوع ألا تنتهي اللحظات الجميلة وتنقضي.. ويود كل واحد منهم لو تتاح له فرصة المشاركة ثانية وثالثة وإن شب وكبر فمرافقاً أو متطوعاً..
إن شعار مخيم الأمل في دورته السادسة والعشرين (معاً نكتشف العالم) الذي يؤكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في معرفة عالمهم المحيط بهم واكتشافه من خلال السياحة لا ينبغي أن يقتصر على هذه المناسبة بأيامها المعدودة.. بل لا بد أن يجد ترجمة حقيقة له على أرض الواقع، فيتداعى الجميع كل من موقعه ومسؤولياته إلى التطبيق الفعلي للقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية التي تضمن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة العامة والثقافية والرياضية والترفيهية والحق في البيئة المؤهلة وتأمين الوصول إلى مختلف المرافق العامة، وضرورة اتخاذ التدابير المناسبة التي تكفل لهم حق التمتع بالمواد الثقافية والبرامج التلفزيونية والأفلام والعروض المسرحية وتيسيير دخولهم إلى الأماكن المخصصة للعروض أو الخدمات الثقافية وتمكينهم من المشاركة في أنشطة الترفيه والتسلية والرياضة والسياحة وتشجيع وتعزيز مشاركتهم في هذه الأنشطة إلى أقصى حد ممكن.
(*) رئيسة اللجنة العليا المنظمة لمخيم الأمل بالشارقة