“أحمد” و”رودينا” من الأشخاص زارعي قوقعة الأذن الإلكترونية المتميزين في عالم الروبوت والبرمجيات
بقلم أ. ولاء إبراهيم
صحفي حر، داعمة للأشخاص الصم وضعاف السمع في جمهورية مصر العربية.
أن تتميز والإمكانيات الممهدة متوفرة فهذا شي جيد، أما أن تتعب وتبذل مجهوداً دون توفر غالبية هذه الإمكانيات، أن تكون أنت الإمكانيات، فهذا هو التميز..
“أحمد” و”رودينا” من الأشخاص زارعي قوقعة الأذن الإلكترونية، زميلان في نفس المدرسة بمحافظة البحيرة بعزبة غراب التابعة لمدينة دمنهور، انضما لجمعية من جمعيات الارتقاء بالصم وضعاف السمع في الإسكندرية منذ العام 2021، ورغم طول المسافة بين الإسكندرية ومحل إقامتهما، إلا إنهما انتظما في حضور دورات تدريبية مخصصة للأشخاص الصم وضعاف السمع في مجال الروبوت والبرمجيات دون أن يكترثا للمسافات البعيدة، واكتسبا خبرات ومهارات في مجال تصميم الروبوت وتركيب مكوناته بدقة ووضع قطعه معاً في نموذج ديناميكي مبدع بل وتحديد وضع حساسات اللون Color Sensors في منظومة متكاملة تستكمل بخوارزميات برمجة الروبوت ومن ثم وضع برمجة دقيقة تجعل من تلك الوحدة المتكاملة جهاز روبوت متتبع للخط الأسود بمنحنياته وتقاطعاته ليتحرك بدقة متناهية على خطوط سوداء في أي طريق ..
بهذا الإبداع شاركا في مسابقة مصر المفتوحة للروبوت وحققا المركز الأول وسط كافة الفرق من الأشخاص السامعين والتي ضمت ما يقارب الـ 45 فريقاً منافساً في مقر جامعة فاروس بالإسكندرية.
اقرأ ايضا: الخدمات التربوية للطلبة زارعي القوقعة في وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية
لم يرهبهما أنهما من الأشخاص زارعي قوقعة الأذن الإلكترونية، بل إن اكتمال كافة مكونات الجزء الخارجي لقوقعة الأذن الإلكترونية وسلامتها مدعمة بالمايك والبطاريات والكابلات الصغيرة والمغناطيس القوي جميعها جعلتهما وبثقة كاملة يسمعان تماماً مثل الأشخاص السامعين ويتحدثان مع الآخرين بلغة عربية سليمة نسبياً وواضحة عززت من ثقتهما بنفسيهما ورفعت من مستوى أدائهما وإبداعهما فنالا بجهودهما ومهاراتهما وحسن أدائهما خلال فعاليات المسابقة احترام وتقدير الجميع بل أبهرا لجان التحكيم وجهات التنظيم والمتسابقين أنفسهم.
لم يتوقفا بإبداعهما عند هذه المرحلة إذ تعززت لديهما الثقة وتقدير الذات وشعرا بقيمتهما العلمية داخل مجتمع الروبوت فتقدما للاشتراك بمسابقة الإبداع التي تنظمها مديرية التربية والتعليم في البحيرة ومن خلال مدرستهما بعزبة غراب ليبهرا مدرسيهما وزملاءهما.
لقد تغيرت نظرة المجتمع بالفعل تجاههما من نظرة تعجب لكونهما من مستخدمي قوقعة الأذن الإلكترونية واختلافهما فتحولت النظرات إلى تقدير وإعجاب وتمنى الكثيرون من زملائهما في المدرسة أن يحظوا بفرصة المشاركة في مثل هذه المسابقات والوصول إلى هذا التميز.
أكدت والدة أحمد سليمان قائلة: كانت بداية تواصلنا مع الجمعية بهدف تسهيل الحصول على بعض قطع غيار قوقعة الأذن الإلكترونية لابني وهي مكلفة جداً لنجد في الجمعية فرصة إتاحة التدريب في مجال الروبوت مخصصة لأبنائنا من زارعي قوقعة الأذن فالتحق أحمد بها، لكن بعد دعم صندوق عطاء وتوفير قطع الغيار لقوقعة الأذن أعيد السمع لابني كاملاً وبعدها استطاع المشاركة في تلك المسابقة وحقق هذا التميز المبهر وجعلني أفخر به.. بسلامة قوقعة الأذن الإلكترونية وبالاهتمام بمهاراته التكنولوجية تغير ولدي كثيراً وأصبح أكثر ثقة بنفسه وهدوءاً في التعامل مع الآخرين.
بينما عبرت والدة رودينا عن إحساسها بهذا التميز قائلة: منذ ولادة ابنتي رودينا واكتشافي أنها من الأشخاص الصم سارعت إلى التأمين الصحي وسعيت وبعد مراحل متتابعة تمت الموافقة على إجراء عملية زرع قوقعة الأذن الإلكترونية.. لحظات ما بين سعادة الوصول إلى هذا القرار ليعيد إليها السمع وبين تخيل وضع الجهاز على رأسها وأذنها وردود أفعال الآخرين حولها، استعدت ثقتي بالله وتابعت حالات سابقة وبدأت مع رودينا التركيز على السمع وجلسات التخاطب والنطق والتواصل السليم وكنت أزرع في داخلها الثقة الكاملة بنفسها وكنت أدعها تقارن الفرق بين تواصلي معها وسماع صوتي من خلال قوقعة الأذن الإلكترونية وبين الصمت الرهيب في حالة عدم ارتدائها لهذا الجهاز، حتى أصبحت قوقعة الأذن الإلكترونية جزءاً منها تهتم بقطع غياره وتحافظ عليه وتتعامل معه بحرص واهتمام شديدين.
إن تلف أي قطعة غيار يمثل عبئاً كبيراً على أسر الأطفال زارعي قوقعة الأذن الإلكترونية ما بين بطاريات وكابلات ومغناطيس ومايك، ولكن وضع صندوق عطاء للاستثمار الخيري هؤلاء الأطفال زارعي قوقعة الأذن الإلكترونية في مركز اهتمامه وتوفير قطع الغيار اللازمة لإعادة السمع كاملاً لابنتي هو ما أتاح لها المشاركة في مسابقة الروبوت والبرمجة وحققت بالفعل هذا التميز.
أحمد ورودينا نموذجان مبهران ومتميزان ضمن ما يقارب الـ 745 مستفيداً من مشروع (بقوقعتي وتحديثها أحيا) الممول من صندوق الاستثمار الخيري لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة (عطاء) الذي يتبنى دعمهم ليستكملوا حياتهم الطبيعية بل وليبدعوا ويحققوا تميزهم بالإضافة إلى تغيير نظرة المجتمع إليهم إلى نظرة تقدير واحترام.
وأكدت أميرة الرفاعي المدير التنفيذي لصندوق ” عطاء ” أن الأطفال ذوي الإعاقة السمعية بمجرد إجراء عملية زراعة القوقعة، قد يواجهون بعض الأزمات حيث أن تلف الجهاز أو تعطله يعني عزلة تامة عن التواصل السمعي مما يؤثر على حالاتهم النفسية ويشعرهم بالعزلة حتى داخل الأسرة بالإضافة إلى توقف إمكانية الاستمرار في تحصيل العلم داخل المدرسة إلخ..، فكان لزاماً علينا الاهتمام بهذه الفئة ومساعدة العائلة لتخفيف المتاعب والعوائق التي تواجهها، ومن هنا جاءت فكرة التعاون مع جمعية أصداء في الإسكندرية لدعم مشروع “بقوقعتي أحيا” لتوفير قطع الغيار اللازمة للأجزاء الخارجية من القوقعة “الأذن الإلكترونية” لتمكينهم من مواصلة السمع ودعم تواصلهم مع الآخرين وتحقيق دمجهم في المجتمع موضحة أن صندوق عطاء نجح في إعادة حاسة السمع إلى 745 حالة من إجمالي 840 حالة من الحالات المستهدفة عبر توفير الأجزاء الخارجية لقطع غيار قوقعة الأذن الإلكترونية، كما تم تحديث كامل للجزء الخارجي الخاص بـ 20 حالة من زارعي قوقعة الأذن الإلكترونية من إجمالي 25 حالة مستهدفة.
- ليسانس الآداب في علم الآثار.
- تجيد لغة الإشارة