تسعى ألمانيا إلى توفير التسهيلات اللازمة لعملية اندماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع والعمل على تطوير بنية تحتية خاصة قادرة على التعامل مع أفراد هذه الشريحة ودعم الابتكارات التي تساعدهم على التغلب على مشكلاتهم.
لم يعد الأشخاص ذوو الإعاقة مهمشين في المجتمع الألماني، إذ تكفل لهم المادة الثالثة من الدستور الألماني حقوقهم منذ عام 1994. وتنص تلك المادة على أنه (لا يجوز الانتقاص من حق أي شخص بسبب إعاقته). كما أن ألمانيا وقعت في 30 مارس / آذار 2007 على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية حقوق المعاقين. ومن ناحية أخرى، تكفل قوانين الولايات للأشخاص ذوي الإعاقة فرص الحصول على وظائف، مما سمح لهم بالعمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية سواءً كانت لديهم إعاقة سمعية أم بصرية أم حركية.
وقد قام كل من الرئيس الألماني ووزيرة الصحة الألمانية بتكريم الاتحاد الألماني لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة (ليبنزهلفه) بمناسبة مرور خمسين عاماً على إنشائه، حيث أشادا بالدور الرائد الذي قام به الاتحاد في تسهيل حياة الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، معتبرين في الوقت ذاته أن مستوى نضج مجتمع ما يقاس بمدى حسن تعامله مع هذه الشريحة.
وينضوي في هذا الاتحاد نحو 130 ألف شخص من الأشخاص ذوي الإعاقة، موزعين على 520 مركزاً في مختلف أرجاء ألمانيا. وتتلخص رؤية الاتحاد في التخلص من الإبقاء على الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن مرافق خاصة بهم والعمل على دمجهم بشكل كامل في المجتمع بحلول عام 2020 كما هو مقرر. ويشار في هذا الصدد إلى أن الاتحاد قد حقق انتشاراً سريعاً في الجزء الشرقي من ألمانيا عقب الوحدة مباشرةً.
توافر مراكز التأهيل والعناية
لقد قامت ألمانيا بوضع بنية تحتية ممتازة تراعي الاحتياجات الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة، ويلاحظ المرء هذه التسهيلات في وسائل المواصلات والمؤسسات التعليمية والمرافق الخدمية والطرقات ويستفيد من هذه البنية كذلك المرضى وكبار السن وأصحاب الإعاقات المؤقتة. كما تستفيد هذه الفئات من التسهيلات الحكومية الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة. وبالإضافة إلى ذلك تعتبر ألمانيا بلداً رائداً في مجال ابتكار تقنيات حديثة تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على التغلب على كثير من المشاكل التي تعترضهم.
ممارسة الحياة الطبيعية رغم الإعاقة
من ناحية أخرى، يعد إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة اليومية من الأهداف والشعارات السياسية التي كثيراً ما تكرر، لكن الاندماج الكامل بالطبع ليس بالأمر الهين، ويتطلب عملاً جاداً ليتحول إلى واقع ملموس. وفي هذا السياق تضع السياسة الألمانية مسألة الاندماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة ضمن أولوياتها، لا سيما في ضوء اعتراضات الأشخاص ذوي الإعاقة على النظرات السلبية التي قد يتعرضون لها من بعض فئات المجتمع؛ فالمشكلة في نظرهم لا تكمن فيهم، بل في العراقيل التي يضعها أمامهم الآخرون.
وعلى سبيل المثال، معاناة الأسر التي لديها أطفال ذوو إعاقة كانت تبدأ مع مرحلة رياض الأطفال، إذ غالباً ما يرفضون أو يحالون إلى مؤسسات خاصة، مما يصعب من اندماجهم في المجتمع. وقد بدأت ألمانيا في مواجهة تلك المشكلة بإنشاء رياض أطفال مشتركة، تساعد على اندماج هذه الشريحة من الأطفال مع غيرهم، لتبدأ معهم منذ الطفولة مسيرة المساواة.
يذكر أن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في ألمانيا – سواءً كانوا من ذوي الإعاقات الجزئية أم الكاملة – يبلغ أكثر من ثمانية ملايين شخص بواقع 10 في المائة من إجمالي عدد السكان.
المصدر: