” العزلة” ليست خياراً مطروحاً في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
سابقاً.. لم تكن مشاركة الطالب “حسام العيبان” والطالبة “حور علي ” في الأنشطة الرياضية مُرضِيَةً لهُما أو لأُسرهما، فهما من الأشخاص ذوي الشَّللِ الدماغي والإعاقةِ الحركية، الألعابُ الرياضية التي يستطيعان ممارستها هما وأقرانهما من ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة دون تدخل أكاديمي مُتخصِّص تساوي الصفر تقريباً، لهذا، أولت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أهمية كبرى لمسألة “التربية الرياضية المعدلة”، وهي من أهم الأنشطة الحيوية التي تقدمها المدينة لطلابها ومنتسبيها من الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام، وللأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة بشكل خاص.
وبعدَ أن كان ” التهميش” ـ إن جاز لنا التعبير ـ حُكماً إجبارياً على حسام وحور خلال ممارسة أقرانهما للأنشطة الرياضية نظراً لطبيعة إعاقتهما، تمكَّنت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من خلال التربية الرياضية المعدلة أن تدمجهما في هذه الأنشطة، داخلياً وخارجياً، فالخدمات الإنسانية لا تدخر جهداً في مواكبة أحدث الممارسات العالمية لتحسين جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، في مختلف المجالات.
اقرأ ايضا: أهميةالرياضة واللياقة البدنية لدى الأطفال
معلم التربية الرياضية في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات “حازم أحمد” أكد أن الفرحة التي رآها في عيون أم حسام، وأم حور، لا تقل عن تلك التي لمحها في عيون الطالبين وهما يشاركان زملاءهما الألعاب الرياضية والأنشطة المتنوعة من خلال تهيئة وتعديل الوسائل الرياضية كي تناسب قدراتهما وبالتالي إتاحة الفرصة أمامهما وأمام الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة للمشاركة والدمج.
الأستاذ حازم تحدث عن الأداة التي قام بإعدادها من الخشب كي تتيح لحسام وحور التصويب على السلة وتحقيق الهدف، مؤكداً أن معلمي التربية الرياضية المُعدَّلة يقومون بالتخطيط والتقييم وتقديم الاستشارة لمعلمي التربية الرياضية العامة، بالإضافة إلى التصميم التعليمي الخاص والتكيفات أو التعديلات على المنهج والمهام والأدوات والبيئة بحيث يتمكن الطالب من المشاركة في كل جوانب التربية الرياضية.
فرحةُ أولياء الأمور لا تقدر بثمن
ونقل الأستاذ حازم تلك المشاعر الغامرة لأولياء أمور الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة وهم يتابعون مشاركة أبنائهم في الأنشطة الرياضية التي لا تقتصر فوائدها على ناحية بعينها وحسب بل تشمل التطور البدني والعقلي وتعزيز الثقة بالنفس والسلوك والرفاه والحالة الصحية وهي تزيد من استمتاع الطلاب بالمشاركة وتلبي الاحتياجات الحسية وتساعد في تعلم مهارات جديدة، وهي تكسر حاجز العزلة وتمنحهم فرصة التفاعل مع الزملاء.
وقال معلم التربية الرياضية في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة للمدينة إن النقاشات التي تدور مع أولياء أمور الطلبة حول هذا الموضوع تتطرق بشكل رئيسي إلى دور التربية الرياضية المعدلة ومساهمتها في تعبير الشخص ذي الإعاقة عن نفسه والتواصل مع الآخرين ودمجه وتحسين النمو اللغوي والحركي والاجتماعي، حيث تختص التربية الرياضية المُعدَّلة بتلبية الاحتياجات المميزة للطلاب ذوي الإعاقة بصورة فردية، والذين لا يستطيعون الاستفادة من دروس التربية الرياضية العامة أو يحتاجون الخدمات الإضافية للتربية الرياضية المُعدَّلة.
الخدمات الإنسانية حريصة على التوعية بأهمية التربية الرياضية المعدلة
كما تقدم المدينة الفرص لتطوير كوادرها المتخصصة في التربية الرياضية المعدلة من خلال الورش والدورات المعتمدة دولياً، حيث يسهم معلمو التربية الرياضية المعدلة ضمن فريق عابر للتخصصات في وضع الخطط التربوية الفردية والتي تتضمن الأهداف الرياضية المعدلة التي تناسب الاحتياجات الفردية للطلاب.
ولا يخفى على أحد اهتمام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالتربية الرياضية المعدلة في إطار الجانب التوعوي أيضاً، والذي تحرص عليه وتسعى من خلاله إلى حث المراكز والمؤسسات التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة على تطبيق التربية الرياضية المعدلة ضمن برامجها وبالتالي إتاحة الفرصة أمام الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية واضطراب طيف التوحد والإعاقات الشديدة والمتعددة لممارسة الأنشطة الرياضية بكافة أنواعها عبر تعديل وتهيئة الوسائل الرياضية بالشكل الملائم لكل حالة وفق متطلباتها.
تطوير مهارات الكادر في الولايات المتحدة الأمريكية
وكانت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية قد أوفدت في ” مايو ـ يونيو 2023″ خمسة من معلمي التربية الرياضية في مختلف أقسامها وفروعها إلى جامعة ولاية كاليفورنيا ـ تشيكو بهدف تبادل الخبرات واكتساب المهارات ومواكبة أحدث الممارسات في مجال التربية الرياضية المعدلة.
وقد شارك المعلمون خلال فترة الإيفاد في البرامج النظرية والعملية والمحاضرات والندوات الخاصة بالتربية الرياضية المعدلة واطلعوا على أهمية دور معلم الرياضية بالتعاون مع فريق العمل والاختصاصيين ووسائل الإعلام في تنمية مهارات الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة وإتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في الأنشطة الرياضية بعد تقييم القدرات الحركية للطالب من خلال مقياس “Care- R2” الذي يعنى بتنمية المهارات الحركية الكبرى والدقيقة والإدراكية والتحكم بالأشياء، ومن ثم وضع الخطة الفردية التربوية، وتهيئة الأدوات من خلال الحقيبة الرياضية المعدلة و وضع الأهداف والعمل على تحقيقها.
معلم التربية الرياضية في مركز الشارقة للتوحد مصطفى ابراهيم محمد الضويني، وبعد أن تم تطبيق الرياضة المعدلة مع الطالبين حمد حسن الأمين، وإدريس أحمد إدريس، أكد أنهما الآن يمارسان رياضات التصويب في كرة السلة، البولينج، التصويب في كرة القدم، اعتماداً على أداتي السلة المتحركة، ورامب تصويب، وعن الفرق بين المرحلة التي استخدم فيها الرياضة المعدلة وما قبلها، يقول:
تواجه الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد بعض التحديات والصعوبات الحركية، وقد ساعد التعديل المدروس والمخطط له على الأداة التي يستخدمها الطالب بشكل مباشر في تطور المهارات الحركية، كما أن التعديل في القواعد والقوانين الخاصة بالألعاب ساعد الطالب في القدرة على الأداء باستقلالية، بالإضافة إلى التعزيز المباشر من الإنجاز وتحقيق الهدف المطلوب، ومنحه الفرصة لتجربة الترفيه والخبرة الرياضية ، وقد ساعدت التعديلات على الأدوات الأسرة على رؤية القدرات الكامنة للطالب، كما أن التعديل يقدم فرصة حقيقة للطلاب للاندماج في الأنشطة الرياضية.
التربية الرياضية المعدلة جزء لا يتجزأ من البرنامج الفردي للأشخاص ذوي الإعاقة
أسرتا الطالبين حمد وإدريس أكدتا أن ممارسة الأنشطة الرياضية المعدلة تقدم دعماً نفسياً مهماً للأسرة، فمشاهدة الأهل لابنهم وهو يحقق الإنجاز والتقدم الرياضي يسعدهم ويشعرهم بالتقبل والدمج المجتمعي وأن لدى أبنائهم قدرات وإمكانات كامنة تظهرها ممارسة الرياضة المعدلة، مع التأكيد على الاستمرارية في تقديم هذه الخدمات المميزة للطلاب ذوي الإعاقة.
وأكد الأستاذ مصطفى أن ممارسة الرياضة المعدلة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من البرنامج الفردي للأشخاص ذوي الإعاقة، فالرياضة المعدلة مصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الفريدة للطلبة، ومن خلال تقديم الرياضات المعدلة يمكن تدريب الطلاب على العديد من المجالات ودعم استقلاليتهم وتقديم الترفيه في شكل أهداف وبرامج مصممة خصيصاً للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأضاف: إن تقديم البرنامج الفردي الرياضي المعدل يرتكز على تعديل الأدوات والقواعد كما أن مفهوم الرياضة المعدلة يرتكز على تعديل الأدوات وليس على الإعاقة، ومفهوم الرياضات المعدلة يدعم التقبل والدمج في المجتمع.
وأوضح أن التربية البدنية العامة والمُعدلة تشتركان في نفس الغرض والأهداف والغايات، توجد الاختلافات بين هذه البرامج بشكل رئيسي في أهداف المحتوى ومعايير الأداء والمقاييس، وقد تشمل الاختلافات أيضاً الوقت الذي يقضيه الطالب في الوحدات التعليمية، كما أن توفير الفرص الرياضية المناسبة والمعدلة يساعد بشكل كبير في تحقيق أهداف يعتقد البعض أنها مستحيلة!
المهارات الحركية
وقال: بالإضافة إلى الفوائد العامة للممارسة الرياضية، تعمل التربية الرياضية المعدلة بشكل أساسي على تطوير المهارات الحركية مثل (المشي – الجري – القفز)، وتطوير مهارات التحكم في الأشياء مثل ( الرمي – الالتقاط – الركل)، والاحتياجات الجسدية والحركية المرتبطة بالحياة المستقلة.
وعن تجربة إيفاده مع زملائه من قبل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إلى جامعة ولاية كاليفورنيا ـ تشيكو في الولايات المتحدة الأمريكية، أوضح أن تلقي التدريب في جامعة ولاية كاليفورنيا تشيكو تجربة فريدة ومميزة فهو بمثابة دراسة مكثفة ونوعية، ودائماً تدعم المدينة موظفيها بالتدريب المستمر على أحدث المعايير والبرامج المقدمة لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة.
تجربة الإيفاد إلى أمريكا ناجحة بكل المقاييس
معلم التربية الرياضية في مركز الشارقة للتوحد تحدث عن فترة الإيفاد التي استمرت شهراً ونصف الشهر تقريباً تدرب مع زملائه خلالها على أحدث الممارسات في مجال التربية الرياضية المعدلة بمشاركة أساتذة متخصصين من جامعة ولاية كاليفورنيا ـ تشيكو، حيث شمل التدريب اليومي على برامج عملية بمشاركة لاعبين من الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى المواد العلمية التي تمت دراستها، وتعرف معلمو المدينة على تجارب الأسر والاختصاصين في الاستفادة من التربية الرياضية المعدلة في تطوير البرنامج الفردي للأشخاص ذوي الإعاقة الشديدة والمتعددة، كما طرحت تجارب مختلفة ومتميزة لعمل الفريق عابر التخصصات مع معلم التربية الرياضية المعدلة.
وخلال فترة برنامج التدريب تعاون فريق المدينة المكون من خمسة معلمي تربية رياضية مع المشاركين في البرنامج من الجامعة وقوامهم 10 معلمين واختصاصين في مجال التربية الرياضية المعدلة للاستفادة القصوى من المعلومات العلمية وتنظيم حصص رياضية معدلة بشكل يومي، كما كان للتشاور والمراجعة الذاتية اليومية لأعضاء البرنامج الدور المؤثر في التعرف على الأدوات الفاعلة والمعدلة وكيفية التعديل الآمن الذي يوفر أكبر قدر من الاستفادة والمشاركة للطالب.
وبشكل شخصي ـ يقول الاستاذ مصطفى ـ أعتبر مشاركتي ضمن فريق المدينة في هذا البرنامج التدريبي تجربة استثنائية وفرصة متميزة قدمتها المدينة لمعلمي التربية الرياضية، وخلال السنوات المقبلة سيتم استكمال تطوير البرنامج الرياضي المعدل في المدنية ونشر الثقافة الرياضية المعدلة وآليات التعديل المبنية على الأسس العلمية المتخصصة.
من أهم أهداف التربية الرياضية المعدلة….
الأستاذة شيماء محمد شمس الدين معلمة التربية الرياضية في فرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالذيد تحدثت عن دور الرياضة المعدلة في تمكين الطالب ضيف الله عبد الرحمن الفندي وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة المتعددة (ذهنية – حركية) من ممارسة رياضة البولينغ من خلال رامب مصنع للطالب لكي يقوم بلمس الكرة ودحرجتها لإسقاط أهداف البولينج، وتمكين الطالب سلطان محمد علي وهو من الأشخاص ذوي الإعاقة المتعددة (ذهنية – حركية) من ممارسة رياضة رمي الرمح من خلال “ستاند” معدل للرمي من خلال “النودل” كبدائل لرمي الرمح و ستاند خشبي مفرغ لرمي الأكياس الطبية أو الرملية بما يتناسب مع قدراته، وتمكين الطالبة لولا علي حمد وهي من الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد من ممارسة رياضة كرة السلة من خلال طاولة معدلة للتصويب داخل أكواب وسلة معدلة حسب ما يناسب الطلاب .
وقالت الأستاذة شيماء إن التربية الرياضية المعدلة تعني الرياضات والألعاب التي يتم التغيير فيها لدرجة يستطيع من خلالها الأشخاص ذوو الإعاقة غير القادرين على الممارسة والمشاركة في الأنشطة الرياضية من ممارستها والمشاركة فيها، ومعنى ذلك أن التربية الرياضية المعدلة هي البرامج الارتقائية والوقائية المتعددة والتي تشتمل على الأنشطة الرياضية والألعاب، والتي يتم تعديلها بحيث تلائم حالات الإعاقة وفقاً لنوعها وشدتها.
وأضافت: من أهمِّ أهداف التربية الرياضية المعدلة تنمية المهارات الحركية الأساسية لمواجهة متطلبات الحياة كالمشي والجري وتغيير الاتجاه وحفظ التوازن والتوقفات التي تساعد الأشخاص ذوي الإعاقات الشديدة والمتعددة على المشاركة في أنشطة الحياة المتعددة، وتنمية التوافق العضلي باستخدام أجزاء الجسم لأداء النمط الحركي المناسب السليمة، وتنمية اللياقة البدنية الشاملة واللياقة المهنية بما يتناسب مع نوع الإعاقة ودرجتها، بزيادة القدرة على العمل وكفاءته في مواجهة متطلبات الحياة، بالإضافة إلى تنمية الإحساس بأوضاع الجسم المختلفة، والإحساس بالمكان، والمساحة التي يتحرك فيها الجسم وإمكانية حركته في البيئة المحيطة به.
ومن وجهة نظرها، كانت تجربة البرنامج التدريبي في جامعة ولاية كاليفورنيا ـ تشيكو في الولايات المتحدة الأمريكية مفيدة للغاية حيث كانت هناك أفكار جديدة لبعض الأدوات وتعديلها كي تتناسب مع الطلاب بمختلف قدراتهم وإعاقاتهم، وإثر هذه التجربة تم صنع أدوات بديلة من أقل الإمكانيات وببساطة كي تتناسب مع جميع الطلاب وتعطي روح المتعة والسرور لهم خلال الحصص الرياضية.
أولياء الأمور عبروا عن سعادتهم بنتائج التربية الرياضية المعدلة
وأكدت أن أولياء أمور الطلبة ذوي الإعاقة عبروا عن سعادتهم ورضاهم بعد رؤية النتائج التي تحققها الرياضة المعدلة، مشيدين بنوعية الأدوات والوسائل التي تم تعديلها وصنعها بهدف مشاركة أبنائهم في الألعاب الرياضية كل حسب قدرته، وقالوا إن التربية الرياضية المعدلة تعطي فرصة كبيرة للجميع نحو المشاركة في جميع الألعاب مع اختلاف قدراتهم وهذا الشي يجلب السعادة في نفوسهم ونفوس الطلاب
وأوضحت أن نظرة المعلم للتربية الرياضية اختلفت من خلال التربية الرياضية المعدلة فالتربية الرياضية المعدّلة تلبي الاحتياجات المميزة للطلاب ذوي الإعاقة بصورة فردية، أو يحتاجون إلى الخدمات الإضافية، إذ يوفر معلموها التخطيط والتقييم والاستشارة لمعلمي التربية الرياضية العامة، والتصميم التعليمي الخاص والتكيفات، أو التعديلات على المنهج والمهام والأدوات و/أو البيئة، بحيث يتمكن الطالب من المشاركة في كل جوانب التربية الرياضية، كما يوجد العديد من الفوائد للطلاب ذوي الإعاقة، مثل التطور البدني والعقلي، وتحسّن الثقة بالنفس والسلوك والرفاه والحالة الصحية، وهي تزيد من استمتاع الطلاب بالمشاركة، وتلبي الاحتياجات الحسية، وتساعد في تعلم مهارات جديدة
وختمت بالقول: لقد كانت تجربة الإيفاد إلى جامعة ولاية كاليفورنيا تشيكو مفيدة من كل الجوانب النظرية والعلمية واكتساب مهارات جديدة والتنمية المهنية والتطوير في جميع الجوانب من خلال ابتكار أدوات ووسائل جديدة معدلة لكي تتناسب مع الجميع ومشاركة الجميع في كل الأنشطة باختلاف قدراتهم وإعاقاتهم واكتساب بعض الأفكار الجديدة.
قبل وبعد التربية الرياضية المعدلة
معلمة التربية الرياضية في فرع المدينة بخورفكان “مروى شريف محمد الشيخ” أكدت أنه قبل دراسة التربية الرياضية المعدلة، قد يكون هناك نقص في الوعي والفهم بشأن كيفية تحسين برامج التربية الرياضية لتناسب احتياجات الطلاب ذوي الإعاقة وأيضاً عدم التخصص في مجال التربية الرياضية المعدلة قد يساهم في ذلك، نظراً لعدم وجود الخبرة الكافية بمنهاج التربية الرياضية المعدلة، حيث يتم استخدام الأدوات بقدر المستطاع كي تلائم احتياجات الطلاب من التدريب، لكن دون تنوع في هذه الأدوات، مع الاستعانة ببعض الزملاء للتفكير في الأدوات والوسائل التي تلبي احتياجات الطلاب.
وأوضحت أنه بعد دراسة التربية الرياضية المعدلة، زادت معرفتها بمعناها ومفهومها، وأن التربية الرياضية المعدلة برنامج وليس “مكاناً”، ويمكن إدراج الطلاب ذوي الإعاقة في بيئة التربية الرياضية العامة مع خدمة الدعم المناسب وقد يكون فردياً ويمكن تنفيذه أيضاً في إطار جماعي ويكون موجهاً وفقاً لاحتياجات كل طالب وقدراته، مع الإلمام بكيفية عمل وسائل رياضية معدلة تلبي احتياجات الطلاب وكيفية التنوع في هذه الأدوات الرياضية المعدلة مع مراعاة الفروق الفردية للطلاب وتعديل وتكييف الأدوات المناسبة لقدراتهم حيث تم تطبيق استراتيجيات تدريس مختلفة وتوفير موارد وأدوات معدلة لتسهيل مشاركتهم بشكل فعال في الأنشطة الرياضية كما تم تقييم أداء الطلاب بشكل منتظم ومنهجي خاص بالتربية الرياضية المعدلة.
خلال عملها مع الطالبة شجون سلطان سيف من الأشخاص ذوي متلازمة ديلانج تستخدم المعلمة مروى أدوات الببسبول، أداة الرامب للبولينج، رامب تصويب كرة السلة داخل الهدف، ومع الطالب سيف عبد الحميد من الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية (شلل دماغي) تستخدم رامب تصويب كرة السلة داخل الهدف وقد تحققت بفضل التربية الرياضية المعدلة أفضل النتائج مع الطالبين.
انطباعات لأولياء الأمور
يعتبر أولياء الأمور أن التواصل الفعال بينهم وبين المعلم حول تقديم كل ما هو جديد في المجال الرياضي واستخدام البرامج الرياضية المعدلة يلعب دوراً هاماً في تحقيق تقدم وإنجاز أبنائهم مما يعزز جودة حياتهم فالأسرة تبحث دائماً عن بيئة داعمة ومشجعة تساعد الأطفال ذوي الإعاقة على المشاركة في الأنشطة الرياضية والتغلب على التحديات، وقد أعرب أولياء الأمور عن انبهارهم بتطوير قدرات أطفالهم في المجال الرياضي والإنجاز الذي حققوه في ممارسة الأنشطة الحركية المتنوعة.
وشارك بعض أولياء الأمور في إعداد أدوات الرياضة المعدلة المتنوعة لمعرفة كيفية استخدامها مع أبنائهم مؤكدين أن من حق كل طالب ذي إعاقة شديدة استخدام الأدوات المناسبة لممارسة الرياضة التي تناسبه ضمن الدوام المدرسي أو في المنزل يلعب بها معه أخوته، كما أكدوا أهمية استخدام الأدوات المعدلة في تحفيز وتشجيع الطلاب على ممارسة الأنشطة الحركية والاستمتاع بالنشاط الرياضي وتعزيز الثقة بالنفس وإعطاء الفرصة لتجربة النجاح في المجال الرياضي مما ينعكس بشكل إيجابي على تنمية المهارات الشخصية للطلاب ذوي الإعاقة ويشجعهم على المشاركة والدمج الاجتماعي وتعزيز الاستقلالية وبناء مهارات اجتماعية .
نظرة المُعلمة إلى التربية الرياضية المعدلة وفوائدها
وتقول المعلمة مروى: من وجهه نطري التربية الرياضية المعدلة مع الأشخاص ذوي الإعاقة لها أهمية ودور كبير في تحسين جوده حياتهم وتعزيز مشاركتهم الفعالة في المجتمع وفي تنمية وتطوير الأداء البدني والمهاري وتلبية احتياجات الطلاب الذين قد يواجهون تحديات جسدية أو ذهنية أثناء ممارسة الأنشطة الرياضية ويتم تعديل البرامج والتمارين لتكون ملائمه لمستوى القدرات الفردية وتعزيز المشاركة، ولها فوائد عديدة منها:
ـ تصميم برامج رياضية مخصصة تلبي احتياجات الطلاب وتكيفها وفقاً لمستوى القدرات.
ـ تساعد الأنشطة الرياضية المعدلة في تحسين اللياقة البدنية والصحة العامة للطلاب ذوي الإعاقة.
ـ تساعد في تطوير مهارات العمل الجماعي من خلال المشاركات مثل برنامج الأنشطة الحركية matp ، و تعزيز الثقة بالنفس والتفاعل الاجتماعي، والتشجيع على المشاركة في الأنشطة الرياضية المعدلة لتعزيز التكامل في المجتمع وتعزيز التواصل مع الآخرين.
ـ يمكن للتربية الرياضية المعدلة أن تسهم في تحسين التنسيق الحركي والتوازن، وهو أمر مهم للأفراد ذوي الإعاقة.
ـ لها دور في تحسين مهاراتهم الرياضية، يمكن للأفراد ذوي الإعاقة تحقيق إنجازات والشعور بالفخر والإنجاز.
تجربة الإيفاد إلى جامعة ولاية كاليفورنيا تشيكو
وعن تجربة الإيفاد إلى جامعة ولاية كاليفورنيا تشيكو أوضحت معلمة التربية الرياضية في فرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بخورفكان أن هذا الإيفاد يعتبر فرصة مفيدة وممتعة حيث تعتبر الولايات المتحددة بلداً متعدد الثقافات، وقد أكدت أنها التقت بطلاب وأساتذة جامعة كاليفورنيا من مختلف الثقافات الأمر الذي يسهم في توسيع آفاق الثقافة والتجارب ويوفر بيئة ثقافية غنية تفاعلية، إذ يتميز نطام التعليم في الولايات المتحدة الامريكية بالتفاعل الوثيق مع أعضاء هيئة التدريس وبالتنوع والمرونة والتركيز على التفاعل والمشاركة وكثيراً ما يتضمن العمل الجماعي.
وقالت: في البداية واجهت بعض التحديات في فهم المصطلحات الجديدة ولكن مع مرور الوقت تحسنت المهارات اللغوية وتمت دراسة التربية الرياضية المعدلة من حيث المناهج والدروس والمفاهيم الأساسية وأساليب التدريس والتدريب مع مجموعة من الزملاء من اختصاصيي العلاج الطبيعي والوظيفي، معلمي الصف، الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين، سواء في ورش العمل أو المحاضرات وكيفية العمل مع الفريق التشاركي لوضع الخطة التربوية الفردية للطلاب من ذوي الإعاقة مع التركيز على التطبيق العملي الذي يضم العديد من البرامج المتنوعة والأدوات الرياضية المعدلة لتطوير المهارات العملية التي نحتاجها في العمل وكيفية تطبيق الأدوات لتناسب قدرات الطلاب وتلبية احتياجاتهم وأيضا التنوع في الأنشطة الحركية ، كيفية استخدامها مع الطلاب وأيضاً التفاعل بين الدارسين والأساتذة وطرح الأسئلة والمشاركة في المناقشات الأكاديمية والمعلومات الخاصة بالتربية الرياضية المعدلة داخل مجموعات والاستفادة من المجموعات المتواجدة والتركيز على الجوانب النظرية والتطبيقية لتطبيقها في بيئة العمل.
أثر التربية الرياضية المعدلة
معلم التربية البدنية في مدرسة وروضة الأمل للصم التابعة للمدينة “جمال عمر حمد” أكد أنه طبق برنامج التربية الرياضية المعدلة مع الطالبة حبيبة السيد أحمد، وهي من الأشخاص ذوي الإعاقة المتعددة بين حركية وسمعية، حيث تم التدريب على مهارة ضرب الريشة الطائرة، وتم تعديل عدة أدوات رياضية للطالبة حيث أن حركة قدميها ويديها محدودة، وتم صنع أدوات ومضارب مختلفة لتناسب قبضة يدها وتم استخدام كرات متعددة الأشكال والألوان والأحجام بدلاً من الريشة وتم تحديد منطقة قريبة من الشباك لأداء مهارات لعبة الريشة الطائرة وكذلك استخدام شبكة ريشة طائرة منخفضة لتحقيق الهدف من تعليم المهارات.
ومع الطالب حمزة خليل شبانة وهو من الأشخاص ذوي متلازمة بيت هوبكنز تم تطبيق التربية الرياضية المعدلة في مهارة التصويب نحو كرة السلة حيث تم تعديل ارتفاع “البود” والسلة كذلك استخدام أطواق بأحجام مختلفة وكرات مختلفة الألوان والأحجام والأوزان لتتناسب مع قدرات الطالب الجسمية.
وعن الفرق بين مرحلة ما قبل التربية الرياضية المعدلة وما بعدها قال الأستاذ جمال سوف أتطرق هنا لمحورين أجدهما مهمين الأول أنه قبل التوجه للدراسة في جامعة ولاية كاليفورنيا تشيكو كانت المعلومات التي أعرفها بسيطة ولكن بعد الدراسة والخبرة العملية استفدت جداً من المعلومات والتجربة العملية التي طبقت خلال مدة الدراسة حيث تفتحت مداركي العقلية وأصبحت أكثر واقعية في تعديل الأدوات ووضع خيارات متعددة للتعديل.
أما المحور الثاني: بالنسبة للطلاب، حيث أن تنوع الأدوات وتغييرها من وقت إلى آخر لخدمة تعليم مهارة معينة ساعدت الطلاب في تطور مستواهم وتقليل الصعوبات التي تواجههم في أداء المهارة وتعزيز الثقة بالنفس وزيادة حالات النجاح أثناء أداء المهارة.
التطور النفسي والبدني
وأضاف: أكثر ما يهم أولياء الأمور هو التطور النفسي والبدني لأبنائهم وكنت أرى بالفعل الفرحة العارمة على وجوههم حين يشاهدون أبناءهم يمارسون الرياضة بغض النظر عن الإعاقة وثقتهم بأنفسهم وقيامهم بتحدي الظروف لأداء المطلوب منهم وقد تلقيت العديد من التغذية الراجعة الإيجابية ومدى رضى الوالدين عن التطور حتى وان كان طفيفاً في أداء المهارات وارتفاع الروح المعنوية والنفسية وكيفية تعلقهم بالرياضة وحبهم لها.
وأكد أن تطبيق التربية الرياضية المعدلة مع الأشخاص ذوي الإعاقة له أهمية كبيرة ودور فعال في تحسين جوده حياة الطلاب من ذوي الإعاقة وخاصة الشديدة والمتعددة وتعزيز مشاركتهم الفعالة في المجتمع وفي تنمية وتطوير الأداء البدني والمهاري والنفسي وتلبية احتياجات الطلاب الذين قد يواجهون تحديات جسدية أو ذهنية أثناء ممارسة الأنشطة الرياضية ، كما أنها تحسن عناصر محددة من اللياقة البدنية والصحة بشكل عام، وتعمل على اجتياز التحديات الخاصة بأداء المهارات الرياضية بتعديل الأدوات لتتناسب مع قدرات الطالب كل حسب اعاقته وشدتها، كما تساهم في عملية الدمج مع المجتمع إن كان داخل الغرفة الصفية أو صالة الألعاب الرياضية أو حتى في البرامج الجماعية ورفع الروح المعنوية والتنافسية لدى الطلاب وجودة حياتهم وإبراز قدراتهم الخاصة في أداء المهارات المختلفة.
تجربة مميزة ومثمرة
وخلال الإيفاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تمت دراسة التربية الرياضية المعدلة وأنواع الاعاقات المختلفة ودراسة المناهج والأساليب التعليمية وكيفية تعديل الأدوات حسب نوع الإعاقة ولا يمكن إغفال الإعاقات الحركية كذلك من شمولهم في برامج وحصص التربية الرياضية المعدلة وتضمنت المفاهيم الأساسية في التربية الرياضية المعدلة حيث قسم الجزء الأول من الدراسة الى قسمين (النظري والعملي) وتمت دراسة الكثير من المعلومات والمراجع والتعرف على فلسفة التربية الرياضية المعدلة وتاريخها وكيفية تطبيقها والفئات التي تستفيد منها، ومن خلال الجزء العملي قمنا باستقبال مجموعة من الطلاب ذوي الإعاقة بمختلف إعاقاتهم من مدارس مختلفة لتطبيق التربية الرياضية المعدلة حيث كانت المرة الأولى لي في التعامل مع إعاقات شديدة ومتعددة وكانت تجربة في غاية الروعة ، ومعرفة طريقة التعديل الأدوات التي يمكن تعديلها مناسبة مع نوع الإعاقة.
وكانت المعلومات النظرية عن كيفية التعاون بين معلم التربية الرياضية المعدلة والزملاء في وضع الخطة الفردية للطالب وكيفية التنسيق بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة وكذلك التعاون والنقاش مع الأسرة لتحديد احتياجات الطالب البدنية وكيفية التعاون لتحقيق تلك الأهداف.
وخلال هذه التجربة توسعت الآفاق واستنار التفكير وبدأت الأفكار الإبداعية تنهال علينا كفريق من خلال المشاورة وإبداء الرأي أو عن طريق الرسومات الخاصة بتعديل المهارات من حيث طرق التعديل أو المهارات وإدخال الرياضات المختلفة وتعليم جميع المهارات للطلاب.
شكر وامتنان
في الختام، توجه معلمو التربية الرياضية بأسمى آيات الشكر والعرفان إلى سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي رئيس مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الداعم الأول والموجه الرئيسي لكل ما من شأنه تطوير مهارات وقدرات الكادر التعليمي بما يحقق تقديم واستدامة الخدمات التي يقدمها للأشخاص ذوي الإعاقة وفق أفضل الممارسات العالمية.
أعد التقرير وحرره
مدير تحرير مجلة المنال الإلكترونية
حازم ضاحي شحادة