يعيش العالم عصراً أثر فيه فيروس كورونا على كافة صور الحياة إلى درجة توقفت معها الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية والدينية، ونصح خبراء الطب بضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي للحد من انتشار هذا الفيروس.
ولكن في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية وعبر شبكة الإنترنت ومن خلال التعلم عن بعد نجد فرقاً من الصم وضعاف السمع من الأطفال والشباب لم يرضوا لأنفسهم الاستسلام لهذا الوضع، فمارسوا التدريب على تصميم وبرمجة الروبوتات عبر برامج متاحة بشبكة الإنترنت، وتواصلوا عبر برنامج zoom ونظموا المنافسات فيما بينهم في مجال الروبوت عن بعد.
وقد أعلنت إحدى الجهات المتميزة في مجال الروبوت بمصر عن تنظيم مسابقة Robo Cross على مستوى العالم في مجال روبوت المصارع الياباني (السومو) وروبوت تتبع الخط وروبوت سباق السيارات.
ولم تتوان جمعية أصداء للارتقاء بالصم لحظة واحدة عن المشاركة في فعاليات تلك المسابقة، وكان الراعي الرسمي لها والشريك الإنساني للمسؤولية المجتمعية لإبداعات الروبوت هو شركة أسمنت أسيوط (سيمكس) التي تبنت الطاقات الإبداعية للصم فقررت إسعادهم بإتاحة الرعاية الكاملة لمشاركتهم في فعاليات تلك المسابقة، ولم تكن الرعاية مالية فقط بل كانت معنوية وفنية وإعلامية وإنسانية واجتماعية استشعرها الصم جميعهم، فكانت المشاركة بثمانية فرق من الصم بإجمالي 24 مشاركاً تولى تدريبهم أربعة من المدربين بقيادة المدرب الأصم المتميز نادر شريف، ومعه مدربان داعمان هما يوسف علي وأحمد هشام، وشاركتهم التدريب المدربة إيمان العيسوي التي دعمت مشاركتهم بوضع استراتيجيات البرمجة والخوارزميات.
وكان اهتمام أسرة شركة سيمكس بمتابعة فعاليات المسابقة عبر شبكات التواصل والعرض المباشر للمسابقة بالتشجيع إلى درجة فاقت اهتمام أسرهم وأولياء أمورهم… إنه اهتمام من أجل التعلم والوجود والارتقاء بقيمتهم الإنسانية وليس النظر إلى الفوز كهدف أساسي على الإطلاق. إنها حقاً رسالة حب من القلب إلى القلب.
شارك في المسابقة أكثر من 43 فريقاً منافساً من مختلف دول العالم، ليعلن بينهم الصم أنهم جزء لا يتجزأ من مجتمع الروبوت، لا بل أكدت جهة تنظيم المسابقة وبتيسير م. مينا معوض لكامل إجراءات مشاركتهم أن فرق الصم بالفعل هم من يجعلون من التنافس والتميز في الأداء صورة مبهجة لكامل فعاليات المسابقة.
أما عن نتيجة مشاركتهم في مسابقة Robot Cross فكانت على النحو التالي:
أولاً ـ مسابقة روبوت تتبع الخط وقد شاركت فيها ثلاثة فرق من الصم وكانت إنجازاتهم كما يلي:
- فريق king snake وأبطاله يوسف كرم وعمر علاء وسارة مع مدربهم أحمد هشام وقد حصلوا على جائزة لجنة التحكيم.
- فريق Falcon Eye وأبطاله علياء وسما ومريم وبدعم مدربهم نادر شريف حصلوا على المركز الرابع في أداء الروبوت.
- فريق Smart Fox وأبطاله ريتاج وعمر أيمن وعبد المنعم ومدربهم نادر وقد حصلوا على المركز الثالث في أداء الروبوت.
ثانياً ـ مسابقة روبوت المصارع الياباني وشاركت فيها ثلاثة فرق من الصم وحصدوا المراكز التالية:
- فريق Lion Heart وأبطاله آلاء ويوسف كرم ويوسف طه مع مدربتهم إيمان عيسوي حصلوا على جائزة الإبداع.
- فريق Dragon Fire وأبطاله علي وسما وفارس عمر ومع مدربهم يوسف علي وحصلوا على المركز الثاني
- فريق Horse Power وأبطاله آدم ومحمد أحمد ومريم وبدعم مدربهم فارس حصلوا على المركز الثالث في أداء الروبوت.
ثالثاً ـ مسابقة روبوت سباق السيارات وشارك بها فريقين من الصم وحققوا النتائج التالية:
- فريق Fast Cheetah وأبطاله يوسف كرم وآية ومحمود ومع مدربتهم إيمان عيسوي حصلوا على المركز الثاني في أداء الروبوت.
- فريق Black Ox وأبطاله شهد ومصطفى وزينب وبدعم مدربهم يوسف علي وحصلوا على المركز الرابع في أداء الروبوت.
إن تلك المشاركة نقلت الصم من عالم فيروس كورونا إلى عالم الوجود والمشاركة والتدريبات والروبوتات والبرمجيات لتتسع مساحات منازلهم بأيديهم بعيداً عن حواجز كورونا.
إنها حقاً صورة مبهجة تبعث على الأمل في الحياة، وتدعم استمرارية الصم في التعلم دون حواجز.. لقد كسر الصم بأيديهم حاجز الإعاقة الذي وضعه المجتمع بداخلهم.. كما اخترقوا العزلة التي فرضها المجتمع عليهم بسبب لغتهم الإشارية.. فأبدعوا واخترقوا عالم الروبوت بإبداعات تتوالى مسابقة بعد مسابقة وعاماً بعد عام.
وقد أعربت الأستاذة زينب حجازي رئيس قطاع العلاقات الاستراتيجية بشركة سيمكس عن إعجابها اللامحدود بقدرة عقول صغار الصم على الإبداع والابتكار.. وقالت إنهم بإرادتهم وتحديهم وأدائهم المتميز ضربوا مثلاً يحتذى للجميع.. إنهم فعلاً يستحقون من أسرة سيمكس كل الدعم.. لقد حققوا وبأيديهم دمجهم في المجتمع، عن طريق مجال أحبوه كثيراً وبرعوا فيه، وتفوقوا فيه على كثير من أقرانهم السامعين.. إنهم في القلب دوماً ويستحقون مكانتهم بجدارة.
أما الأستاذة نانسي البارودي مدير إدارة العلاقات العامة والمسئولية المجتمعية في شركة سيمكس فقد أشارت إلى أن الشركة منذ بداية تفاعلها وفي إطار مسؤوليتها المجتمعية مع تلك المجموعات الفائقة الإبداع من الأطفال والشباب الصم في مجال الروبوتات والبرمجيات منذ 2018 ولارتقائهم بقدراتهم من خلال التعلم الذاتي والتي اتضحت جلية خلال منافساتهم في مجال الروبوت أن دفعوا بنا دفعاً لأن نضعهم في بؤرة اهتمامنا وأن يكونوا ضمن الفئات المستهدفة في إطار المسؤولية المجتمعية للشركة، فهم حقاً يستحقون ذلك بقدراتهم وإبداعهم.
في ختام حوارنا كان لقاؤنا مع عاشق الصم سامي جميل الذي غمره عشقه لكل الصم فكان إيمانه بقدراتهم منذ بداية طريقه مع الصم الذي تجاوز الثلاثين عاماً ليحدثنا بثقة عن أبنائه الصم قائلاً: حياتي ومشواري الطويل مع عالم الصم أكد لي أن لديهم قدرات اجتازوا بها إعاقتهم بمراحل، ففي مشوارهم الطويل بمجال الروبوتات والبرمجيات أبهروا جهات التنظيم ولجان التحكيم بل والفرق المنافسة طوال اثنتي عشر عاماً وتنقلوا بين أكثر من خمس عشرة دولة في القارات الست، ورفعوا فيها علم مصر عالياً، وكانوا حقاً خير سفراء لمصر.
وتابع: أوجه رسالتي إلى المسؤولين في كافة مؤسسات الدولة: ثقوا بقدرات أبنائنا الصم، اهتموا بمؤسساتهم التعليمية وبمراكز التدريب التكنولوجية، وفروا لهم المساواة وتكافؤ الفرص، ليكون لهم الحق في التعلم والمشاركة في المنح الدراسية التي تتيحها مراكز تكنولوجيا المعلومات.
إن وصول الصم إلى مستوى مسؤولية التدريب في عالم الروبوت والبرمجيات لأقرانهم من غير الصم وبتلك الإنجازات التي يحققونها مع إبداعاتهم في عالم الروبوت لهو خير دليل على أنهم يستحقون الفرص الكاملة في التعلم. لقد حققوا لأنفسهم وبأنفسهم سيراً ذاتية راقية دفعت بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا دفعاً لأن تمنح أعداداً منهم منحاً دراسية كاملة بغية التعلم في أروقة كلياتها، كما أتاحت مؤسسة فولبرايت لهم منحاً دراسية للتعلم في إحدى الجامعات المتخصصة بأمريكا.
وختم الأستاذ سامي جميل بالقول: إن الدعم الذي تحققه لنا شركة سيمكس هو تقدير كامل لقيمتهم الإنسانية وثقة في قدراتهم التكنولوجية.. وإيماناً منهم بأن الصم هم جزء متميز من نسيج هذا المجتمع يستحق الاستثمار في قدراتهم وإبداعاتهم.. وإننا بدعم شركة سيمكس ورعايتها للصم وبدعم إدارات المسؤولية المجتمعية بالعديد من المؤسسات التكنولوجية والاقتصادية في مصر سنستمر في التمكن من الدفع بالصم نحو اختراق عالم تكنولوجيا المعلومات.. وستظل مصر دوماً معطاءة بنموذج شركة أسمنت أسيوط (سيمكس) ومؤسساتها الاقتصادية الراعية والداعمة لتحقيق التنمية البشرية والإنسانية وبما نرى معه دوماً بريق الأمل والطريق المستنير للصم بأنهم سيظلون جزءاً فاعلاً في هذا المجتمع، وهكذا سنكون على ثقة بأنه لن يكون أي منهم خارج الركب.