تعيش آية (11 سنة – من أسرة أردنية مقيمة في الشارقة واسمها الكامل آية وليد عبد الحكيم طباخة) في أسرة مترابطة تتكون من الأب والأم والأخت وتحظى بجانب كبير من الدعم والرعاية من قبل أسرتها وهي طالبة من ذوي متلازمة داون ملتحقة بمدرسة فيكتوريا الأسترالية بالصف الرابع حيث تتلقى خدمة متابعة الدمج الشامل وتقضي معظم أوقاتها مع زميلاتها تتابع دروسها وتمارس هواياتها بالسباحة وركوب الخيل.
البداية مركز التدخل المبكر
في البداية بدأت رحلة آية في مدينة الشارقة بتحويل من مركز الأمومة والطفولة بالشارقة حمل تاريخ 13 أبريل 2009 لتلقي الخدمات التدريبية والتأهيلية، وذلك بتسجيلها في مركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وكان لدى آية تحديات في التواصل الاجتماعي والمهارات الحركية الكبيرة والدقيقة.
وفي 29 أبريل 2009 بدأت آية بتلقي خدمة العلاج الطبيعي بمعدل جلستين أسبوعياً وخدمة برنامج الأسر للعلاج الوظيفي بمعدل جلسة شهرياً في قسم العلاج الطبيعي والوظيفي التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ومن ثم تم التواصل من قبل مركز التدخل المبكر بالشارقة مع والدة الطفلة بتاريخ 5 نوفمبر 2009 لعمل التقييمات المتخصصة والمتمثلة في التقييم النفسي التربوي والتقييم اللغوي، وقد قرر فريق العمل أن أفضل ما يمكن تقديمه لاحتياجات آية هو خدمة الإرشاد الأسري بمعدل جلسة اسبوعياً بالإضافة إلى تلقي الخدمات الداعمة والمساندة من جلسات نطق ولغة بمعدل جلستين اسبوعياً لتساعد آية على تلبية احتياجاتها الاجتماعية والسلوكية والتواصلية من خلال وضع الأهداف التعليمية في الخطة التربوية الفردية والتقييم المستمر من قبل فريق العمل وبمشاركة الأسرة، وكانت آية تستجيب بشكل بسيط للتعليمات البسيطة وتعبر عن احتياجاتها بكلمة واحدة وتحتاج إلى المساعدة في الحركات الدقيقة.
وبالرغم من التحاق آية بالحضانة من عمر الشهرين بدأ فريق التدخل المبكر بمتابعتها من قبل الأخصائية الاجتماعية بتاريخ 16 نوفمبر 2011 ورصد الاحتياجات وتقديم الدعم اللازم لمعلمة الحضانة حيث كان أداء واستيعاب آية جيداً خلال تواجدها مع أقرانها، لكن ما زال لديها ـ وقتها ـ تأخر في مجال التواصل الاجتماعي، وكانت مستمرة بتلقي خدمات النطق واللغة في مركز التدخل المبكر.
وانتقلت بعد ذلك إلى حضانة أخرى لتلقي الخدمات التعليمية في مرحلة الروضة الثانية لتهيئتها لدخول المدرسة مع استمرار المتابعة والزيارات الميدانية من قبل فريق العمل بمركز التدخل المبكر والتي استمرت حتى تاريخ 3 فبراير 2015.
خطوات نحو التعليم الدامج
بعد مضي 6 سنوات و3 أشهر استمرت آية خلالها بتلقي جميع الخدمات التخصصية التأهيلية في مركز التدخل المبكر ودمجها مع أقرانها في الحضانات بدأت الأسرة بالبحث عن المدرسة المناسبة التي تتفهم وتلبي احتياجاتها التعليمية والاجتماعية والنفسية.
وكانت آية قد بدأت بتعلم اللغة الانجليزية مع اللغة العربية. وفي العام الدراسي 2015 ـ 2016 التحقت آية بالصف الأول في مدرسة خاصة بمدينة الشارقة بدأ خلالها فريق العمل في المدرسة بوضع خطة فردية في مهارات القراءة والكتابة والرياضيات، وتعلمت آية في الصف الأول بعض الأحرف الإنجليزية وأصواتها مع بعض أحرف اللغة العربية وأصواتها وبدأت بقراءة العديد من الكلمات بطريقة الصورة الكلية بالإضافة إلى تعرفها إلى الأرقام والبدء بعملية الجمع ضمن الأرقام من (1 إلى 10).
وفي الصف الثاني بدأت مهارات آية في التطور في مجال الرياضيات من خلال التعرف وعد الأرقام في مجموعة العشرات وبدأت باستخدام عملية الطرح ولكن مع وجود أدوات مساندة مثل المكعبات أو خط الأعداد، وتطورت لدى آية مهارات الكتابة باللغة الانجليزية والعربية مع استمرار تدريبها من قبل الأسرة ولكن ما زال لديها تأخر في مهارات القراءة والتهجئة وخجل في بعض المواقف الاجتماعية.
ومع انتقال آية إلى الصف الثالث استكمل فريق الدمج بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية متابعة التطور الأكاديمي ورصد احتياجاتها في المدرسة حيث أصبحت مهارة القراءة جيدة إلى حد ما حيث أنها تقرأ الأحرف العربية (أ – ي) مع التذكير وما زالت تقرأ بعض الكلمات العربية قراءة كلية. أما بالنسبة للغة الإنجليزية فإنها تقرأ الحروف الانجليزية من (a-z). وبدأت بتهجئة الكلمات وحفظ بعض السور القرآنية القصيرة (الفاتحة ـ الاخلاص).
وقد لاحظ فريق العمل نقاط القوة لدى آية في مهارات الكتابة حيث أنها تنسخ وتكتب جملاً وكلمات باللغة الانجليزية والعربية، وفي مجال الرياضيات تعد وتكتب الأعداد من (1 إلى 100) دون تذكير وتجمع وتطرح الأعداد في خانة المنزلتين باستخدام أدوات مساندة وتحفظ جدول الضرب من (1 إلى 5) وتحل المسائل الحسابية البسيطة.
ولكن من الناحية الاجتماعية ما زالت آية لا تبادر إلى التفاعل مع الأشخاص غير المألوفين وتتفاعل مع مجموعات صغيرة ومألوفة لديها.
وعند انتقالها إلى الصف الرابع قررت الأسرة البحث عن مدرسة أخرى لآية يمكن أن تراعي وضع في خطة تربوية فردية لها وأهداف وظيفية تساعد في صقل شخصيتها وتجعل منها فرداً فاعلاً ومشاركاً في المجتمع.
والتحقت آية بمدرسة تعنى بالاحتياجات الفردية لكل طالب وتهتم بتنمية شخصياتهم المستقلة، وبدأت آية تتعلم من خلال التوجيه والاحتواء والأهداف التعليمية والتربوية الموضوعة في خطة واضحة وكانت تقيّم باستمرار وتشارك في الأنشطة الرياضية من سباحة وركوب الخيل.
ومن الممتع حضور حصة في مكتبة المدرسة تنمي مهارات القراءة لدى جميع الطلاب الذين يتشاركون بشكل مستقل أو قد يحكي بعضهم لبعض بصوت عال حول ما قرأوه، وهنا كانت المعلمة تقوم بتصميم نموذج لتقديم دعم القراءة من خلال الأقران بينما تقوم في الوقت نفسه بتدريس استراتيجية فهم القراءة التي يستخدمها جميع الطلاب.
وقد حدد فريق عمل الخطة التربوية الفردية وفريق الدمج في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية والأسرة الأهداف التي أرادوا تحقيقها في هذا العام، بما في ذلك: البدء بتكوين صداقات، كتابة الأحداث بالتسلسل واستخلاص النتائج بعد الاستماع إلى قصة ما، والحفاظ على التركيز أثناء أداء المهام وقراءة الجمل.
التحديات
بالطبع، هناك تحديات مستمرة، لا سيما مساعدة آية في الوصول إلى المناهج الدراسية على مستوى الصف. وهذا الوضع يتطلب الكثير من الوقت والمزيد من الإبداع والتعاون من الفريق بأكمله. ولكن بدلاً من إدراك هذه التحديات كحواجز أمام دمج آية، ينظر إليها فريق العمل الآن على أنها فرصة للعمل بشكل أكثر تعاوناً لتلبية احتياجاتها المتغيرة باستمرار.
التوصيات
وفي الختام عندما يتم تعليم الطلاب ذوي الإعاقة في إطار شامل وبغض النظر عن إعاقتهم، مع توفر الدعم الكافي، والوقت للتخطيط من قبل فريق العمل، والتواصل مع أولياء الأمور، فإن الدمج يعمل لمصلحة الجميع من النواحي الأكاديمية والاجتماعية والعاطفية.
وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات البحثية تقدم دليلاً حول فوائد الدمج، ربما يكون من الأقوى أن تتحول إلى قصص شخصية ناجحة مثل قصة آية خصوصاً عند الحديث مع الآباء أو المعلمين الآخرين الذين يكافحون لتطبيق مفهوم الدمج، وكيف أن التعاون الحقيقي والتخطيط المستمر من قبل فريق العمل والأسرة له الأثر الإيجابي في تفعيل الدمج بصورة أكبر.