هزمت الإعاقة بقدمي وأحلم أن أكون أول طبيبة بلا ذراعين
رغم أن الطفلة إيمان رشاد ذات الأحد عشر عاما ولدت من دون ذراعين، لكنها استطاعت أن تتحدى هذه الإعاقة بالاستفادة من قدميها في تأدية المهام التي كان من المفترض أن تؤديها بذراعيها. ليس هذا فحسب؛ فقد استطاعت أن تتفوق على أقرانها أيضا في الدراسة، وفي بعض الهوايات مثل الرسم، حاملة بين جوانحها حلمها بأن تصبح أول طبيبة عربية من دون ذراعين.
قصة تحدي إيمان لإعاقتها بدأت قبل أحد عشر سنة وكانت هي الطفلة الأولى لأبوين فقيرين، الأب عامل بسيط والأم ربة منزل، يعيشان في قرية دريسة بني سلامة التابعة لمحافظة ٦ أكتوبر.
وما إن رأى الوالدان مولودتهما بهذه الإعاقة حتى راحا بها إلى عدد من الأطباء، لكن دون جدوى، وخلال شهورها الأولى شملها أبواها بألوان من الرعاية رغم ظروفهما المتواضعة، مغلّفين تعاملهما معها بألوان الشفقة والقلق على صغيرتهما من المستقبل في ظل حياتها من دون ذراعين.
ويقول رشاد ربيع – والد إيمان عن تلك الفترة: كان قلبي وقلب زوجتي يتفطران عندما نراها رضيعة من دون ذراعين، ونجلس بالساعات نفكر في مستقبلها وقدرتنا على مساعدتها رغم فقرنا الشديد، إلا أن رحمة الله كانت أوسع بكثير من ضيق صدورنا، فما إن بلغت إيمان عامها الثاني حتى وجدناها بقدرة ربانية تؤدي بقدميها كثيراً من الحركات التي يؤديها الأطفال في سنها بأيديهم، فكانت ترفض أن نطعمها نحن وتطعم نفسها بقدميها، وشيئاً فشيئاً وجدناها تعتمد على نفسها في نظافتها الشخصية، وفي قضاء كل احتياجاتها من مأكل ومشرب، ورحنا نحن بدورنا نساعدها ونشجعها على ذلك.
ويضيف الأب: وما كان يحمسنا أكثر لتدريبها على أداء كل مهام اليد بالقدم أنها كانت سريعة التعلم جداً، حتى أنه أصبح من الصعب أن ينقصها شيء في حياتها لكونها من دون ذراعين.
ونظراً لتفوق إيمان في استخدام قدميها بدلا من يديها مثل أقرانها، ألحقها والداها بحضانة قريبة من المنزل، حيث تعلمت فيها مبادئ القراءة، وأظهرت قدرتها على الكتابة بخط جميل بقدمها، وهو ما شجع والدها على الحاقها بأقرب مدرسة من منزله.
وعندما وجد أن القوانين تمنع دخول الأطفال من ذوي الإعاقة مثل إيمان إلى المدارس العامة، رفض ذلك التمييز، وراح يشكو للمسؤولين الظلمَ الواقع على ابنته وأمثالها، ويطالب بحقها في أن تتعلم مثل أقرانها، خاصةً أنها تتقن الكتابة بقدمها، وتحفظ كثيراً من القرآن.
بسم الله الرحمن الرحيم
وعن التحاقها بالمدرسة يقول والد إيمان: تقدمت بشكاوى لكل المسؤولين، ورغم عدم درايتي الكاملة، ذهبت إلى مبنى وزارة التربية والتعليم، وطلبت مقابلة الوزير، وتقدمت إليه بشكوى عن حال ابنتي، وأمام إلحاحي أمر بتشكيل لجنة لاختبار إيمان على أرض الواقع، والتأكد من أنها تستطيع بقدميها أن تكتب وتقوم بكل المهام المطلوبة في العملية التعليمية مثل أقرانها من الأطفال، وأمام اللجنة التي شكلها الوزير كتبت إيمان: (بسم الله الرحمن الرحيم، اسمي إيمان رشاد ربيع)، وهو ما أبهر كل أعضاء اللجنة الذين أصدروا قرارهم بالتحاقها بالمدرسة.
وداخل فصول مدرسة دريسة بني سلامة الابتدائية راحت إيمان منذ أول يوم التحقت فيه تبهر مدرسيها بحضورها القوي، وقدراتها على الكتابة بخط جميل، وهو ما أهَّلها لأن تصبح واحدة من الأوائل على مدرستها.
إلى جانب تفوقها الدراسي فقد برعت إيمان بالرسم مذ عرفت كيف تمسك الفرشاة بقدميها، وراحت ببراعة ترسم لوحات حصدت بها جوائز ضمن مسابقات تم تنظيمها على مستوى الجمهورية.
حلم الطب
ومع تفوقها الدراسي وموهبتها في الرسم، تبدو إيمان داخل جدران منزلها المتواضع طفلة مثل كل الأطفال لا تشعر بأنها ينقصها شيء عنهم، فهي تلعب مع أخويها، ولا تعتمد إلا على نفسها في قضاء حاجياتها الأساسية، فهي تتناول الطعام، وتمشط شعرها، وتستخدم الريموت كونترول للتنقل بين قنوات التلفزيون، الأمر الذي جعلها تشيع روح السعادة داخل جدران منزل الأسرة الصغير، وتكون مصدرا للأمل والتفاؤل لأبويها وإخوتها الصغار.
وعن أحلامها تقول إيمان: أتمنى أن يصبح عندي كمبيوتر أنا وإخوتي حتى أستفيد به في دراستي، وأحلم في المستقبل بأن أصبح طبيبة، وأعرف أن كلية الطب لا يلتحق بها إلا المتفوقون، وأنا متفوقة جدا في فصلي، ودائما ضمن الأوائل، وأتمنى أن أسعد أبي وأمي وإخوتي بأن أصبح (حاجة كبيرة).
ويلتقط والدها الحديث قائلا: أملي في الله كبير بأن تصبح أول طبيبة من دون ذراعين، لكنه أعرب عن أمله أيضا في أن يجد جهة تساعد ابنته في إجراء عملية زراعة أطراف صناعية حتى تساعدها.