بدأت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية مع بداية العام الدراسي الحالي 2020 ـ 2021 استقبال الطلبة ذوي الإعاقة بشكل تدريجي وفق خطة مدروسة ومحكمة، بما ينسجم مع توجيهات وزارتي الصحة والتربية والتعليم باتخاذ جميع التدابير الوقائية، حرصاً منها على استكمال رسالتها ومسؤوليتها نحو طلابها ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم وقدراتهم في المجالات التعليمية والسلوكية والاجتماعية والمعرفية، وشحذ طاقاتهم وهواياتهم المختلفة في بيئة آمنة وصحية. وفي هذا التحقيق نقترب أكثر من المشهد داخل المدينة التي تحولت إلى خلية نحل لا تتوقف عن العمل الدؤوب، وتتحدى بإدارتها والعاملين فيها تداعيات أزمة كورونا بحكمة ووعي لتحسين حياة الطلاب من ذوي الإعاقة وتمكينهم وتأهيلهم للحصول على حقوقهم وجني ثمار جهدهم وإصرارهم على التعلم والتطور.
تقول عفاف هريدي مديرة مدرسة وروضة الأمل للصم: نحتضن في مدرسة الأمل 72 طالباً من الأشخاص الصم، أما روضة الأمل فينتمي لها 11 طالباً، والدراسة تمتد من سن الروضة حتى الصف الثاني عشر، وقد وضعنا أكثر من سيناريو للدراسة وأرسلنا استبياناً لأولياء الأمور حتى يكون القرار مشتركاً فيما يخص أسلوب الدراسة الأنسب لكل طفل. وفي مدرسة الأمل هناك 24 طالباً اختاروا التعليم عن بُعد، والطلبة الباقون سيتلقون تعليمهم داخل المدرسة. أما في الروضة فهناك طالب واحد فقط اختار التعليم عن بُعد واختار باقي الطلاب الحضور إلى المدرسة.
وتضيف الهريدي: نحن مستعدون لاستقبال طلابنا من جديد، حيث تم تجهيز البيئة المدرسية وتعقيم أماكن الدراسة وتقليص عدد الطلاب في كل فصل إلى 4 طلاب فقط، كما تم توفير مساحات آمنة بالصفوف والممرات وتطبيق كل الإجراءات الاحترازية وتطبيق فحص كوفيد 19 على المعلمين والطلاب كما أن أولياء الأمور لا يسمح لهم بالدخول إلى المدرسة إلا عقب إجراء فحص كوفيد 19، وعندما يسمح للطلاب بالدراسة عن قرب سيكون حضورهم للمدرسة آمناً تماماً خاصة أنه سيتم تسليم الكتب لهم مغلفة ومعقمة وسيتم السماح لهم بجلب وجبات نظيفة وآمنة من البيت.
المنصة الذكية
وتقول مديرة مدرسة الأمل للصم: دربنا طلابنا ومعلمينا على المنصة الذكية وعدة برامج للتواصل عن بعد حتى يكون الجميع مدربين على استخدام عدة برامج، كما أن طلابنا تعلموا على الدراسة بأسلوب السبورة الذكية لأن مدرستنا تتبع نظام التعليم الذكي منذ سنوات ولهذا يستطيع طلابنا التواصل بنجاح عن بعد مع المعلمات، ونحرص على توصيل المعلومة للطلاب الصم بشتى الوسائل، وندرب الكادر لدينا على بوابة التعليم الذكي بوزارة التربية والتعليم ونستخدم كل أساليب التوصيل بالنطق والإشارة والوسائل والتطبيقات المساعدة على التعلم.
وتوضح هريدي أنه تم توفير خطوط تواصل بين الطلاب وأولياء أمورهم مع مترجمي الإشارة، كما يتم التواصل عبر الاجتماعات الافتراضية للإجابة على أي استفسارات. وتقول: نطبق النظام الهجين الذي يجمع بين التعليم عن بُعد وعن قرب، ونحرص على توفير أفضل وسائل التعليم والتواصل مع طلابنا. وقد بذلنا الجهود لتجاوز التحديات وتدريب الأسر على إصلاح الأجهزة الخاصة بأطفالهم، والأطفال الذين عانوا نقص الأجهزة تم إمدادهم بالمزيد من الوسائل المعينة على جودة الحياة، ونحن نشتاق لطلابنا ونتمنى تخفيف العبء على أولياء الأمور وتخفيف آثار العزلة على الطلاب.
وتضيف بعد انقضاء فترة التعليم عن بعد سيكون لدينا عودة تدريجية بحيث نستقبل 25% في الأسبوع الأول ثم 50% في الأسبوع الثاني و75% في الأسبوع الثالث لنصل إلى الطاقة الكاملة في الأسبوع الرابع.
تصنيف الاحتياجات
تطلعنا د. سهام الحميمات مدير مركز الشارقة للتوحد عن استعداد المركز للعام الدراسي الجديد وتقول: قبل بداية الدراسة قمنا بتقييم الطلاب وتصنيف احتياجاتهم وتسجيل الطلاب من عمر 5 سنوات حتى 20 عاماً ومع عودة الدراسة عن قرب ستكون البداية تدريجية بعودة الطلاب من سن 5 إلى 8 سنوات ثم من 8 إلى 12 سنة ثم الفئة العمرية الأكبر من 12 ستداوم في المرحلة الثالثة فنحن نعتني بـ 78 طالباً من مختلف الأعمار. وستنقسم الدراسة إلى نوعين حسب اختيار أولياء الأمور فمن اختار الدوام حضورياً في المركز فسيكون الدوام ليومين أسبوعياً وباقي الأيام سيكون متابعات عن بعد. وحرصاً منا على العودة الآمنة تم تخصيص 3 طلاب فقط في الصف مع التأكيد على التباعد وسيكون هناك معلم لكل طالب من فئة التوحد مع مراعاة الالتزام بارتداء الكمامات والتزام المعلمات بارتداء الغطاء الشفاف للوجه. وعممنا الإجراءات الاحترازية لكل الأسر وتم نشر فيديوهات توعوية لأولياء الأمور ونظمنا جلسات تقييم عن بعد لتحديد الخطة التربوية لكل طالب بناء على التقييم النفسي التربوي، ويتم تقسيم الطلاب بالصفوف حسب الأعمار ودرجة الإعاقة وأهم أولوياتنا هي العودة الآمنة وسلامة الطلاب.
وعن صعوبة تعليم الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد في زمن كورونا تقول: بالتأكيد واجهتنا تحديات كبيرة خاصة أن الطالب من ذوي اضطراب طيف التوحد يحتاج أحياناً للتواصل المباشر عن قرب مع المعلمة ولكننا نجحنا بالتجربة الأولى في عملية التعليم عن بعد خلال العام الماضي، حيث قمنا بالتواصل المستمر مع الأهالي عبر مجموعات واتس آب أو عبر المنصة التعليمية ونشر العديد من الفيديوهات التعليمية والتدريبية للطلاب، وكنا على تواصل مستمر معهم وأنا أعتبر هذه التجربة من أنجح التجارب في التعليم عن بعد بالنسبة لطلابنا، ولكن بالطبع لا يزال بعض الأهالي يواجهون بعض التحديات السلوكية مع الطلاب ولكننا ننجح في التغلب عليها بالإرشادات والدعم النفسي لنسيطر على هذه التحديات السلوكية.
تدابير السلامة
مدير مركز التدخل المبكر بالشارقة التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الأستاذ محمد فوزي يقول إن الأطفال العائدين إلى الدراسة في المركز حتى اليوم عددهم 62 منهم 38 بنظام الحضور و24 بالإرشاد الأسري والتدريب المنزلي. والمركز يستقبل الأطفال من عمر الولادة وحتى عمر 5 سنوات، وأطفال الإرشاد الأسري من الولادة وحتى 3 سنوات، أما أطفال الصفوف من 3 الى 5 سنوات، ونستقبل الأطفال من ذوي الإعاقة كافة وكذلك الأطفال من ذوي التأخر في النمو أو المعرضين لخطر التأخر. وقد تم اعتماد نظام التعليم والتدريب الهجين والمتزامن ضمن خطة العودة الآمنة للأطفال بالمركز.
ويؤكد فوزي على صرامة تنفيذ تدابير السلامة للطلاب، ويوضح: خفضنا الكثافة العددية للأطفال لتحقيق مبدأ التباعد الجسدي واعتماد أسلوب التعليم والتدريب الفردي بحيث يكون في الصف الواحد بحد أقصى 3 أطفال متباعدين وبفواصل، ومع كل طفل معلمة واحدة بنظام واحد إلى واحد، مع توقف الفعاليات والأنشطة التي تتطلب تجمع الأطفال مع تنفيذ كافة فعاليات الروتين اليومي مع كل طفل وحده واتخاذ كافة الإجراءات الصحية من حيث ارتداء المعلمات أدوات الوقاية كافة من كمامات وقفازات وواقي الوجه البلاستيكي وواقي الأحذية بالإضافة إلى معايير نظافة عالية وباستخدام مواد ذات جودة ومواصفات عالمية.
ويضيف: من أهم الإجراءات المتبعة لضمان العودة الآمنة هي فحص جميع الموظفين قبل الدوام بـ 48 ساعة للتأكد من سلامتهم من الفيروس ويتم فحص الحرارة لجميع الزوار والتأكد من ارتدائهم الكمامة والقفاز بالإضافة إلى تعقيم الموظفين والأطفال وأمتعتهم قبل دخول المبنى، أما بخصوص المرافقين فقد تم الطلب منهم إحضار نتيجة فحص سلبية بالزيارة الأولى والامتناع عن الحضور فور الشعور بأية أعراض.
التعليم عن بُعد مستمر بكفاءة
الأستاذة منى عبد الكريم اليافعي مدير مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أكدت على الالتزام بتوجيهات الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة، حرصاً على سير العملية التعليمية والتربوية، بما يلبي الخطط الاستراتيجية، ووفق أفضل الممارسات المنسجمة مع توجهات الدولة.
وتقول اليافعي إن عودة الطلاب ستكون تدريجيّة مع الاستمرار في تقديم الخدمات التعليمية عن بُعد، عبر المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل، مع مراعاة الفروق الفردية، والالتزام بالخطط الدراسية وساعات التعليم المقررة لشرح الدروس، وتطبيق المعلومات والإجابة عن الاستفسارات.
وأشارت اليافعي إلى مواكبة المدينة لأعلى درجات الأمن والسلامة منذ بداية الأزمة التي تسبب بها فيروس كوفيد 19، حيث تم تدريب العاملين فيها على ممارسات الوقاية المعتمدة، مؤكدة التزام المدينة بتوجيهات الإمارات فيما يتعلق بالدوام.
وأوضحت اليافعي أن الكادر المهني والفني للخدمات الإنسانية ساهم بشكل كبير في استمرار العمل عن بعد، نظراً للخبرة السبّاقة في هذا المجال؛ حيث بذلت المدينة جهوداً كبيرة في تدريب المعلمين والاختصاصيين على برنامج التعليم واستخدام المنصة الإلكترونية.
المصدر:
جريدة الخليج، 29 سبتمبر 2020
صحافية في جريدة الخليج