(كارلي فلايشمان) فتاة لديها اضطراب طيف توحد وتأخر نمائي. عانى أهلها الكثير معها وركزوا كثيراً على تدريبها تدريبات مكثفة على يد متخصصين، وقبل أكثر من 3 سنوات فقط فاجأت أهلها بدأت تستخدم الكمبيوتر لتتواصل معهم باللغة لأول مرة في حياتها.
كانت كارلي قد تلقت تدريباً على الكمبيوتر لتعلم الحروف والكثير من الكلمات. لكن وباعتبارها لم تكن تتفوه بأي كلمة لم يتوقع أهلها أنها قادرة أصلاً على التواصل الكلامي. إلا أنها فاجأتهم قبل عامين وطبعت على الكمبيوتر الكلمات التالية: (Help Hurt Teeth) أي أنها تحتاج للمساعدة بسبب ألم في أسنانها.
ومنذ ذلك اليوم أصبحت كارلي تتواصل مع أهلها باستخدام الكمبيوتر… وفقط بعد هذا التواصل التقني عرف الأهل أن ابنتهم تعي تماماً كل ما حولها. مع أنه يبدو عليها أنها مُغيّبة تماماً عن محيطها.
وصفت كارلي الكثير من الأعراض التي تشعر بها والتي تجعلها تتصرف بطريقة غير مألوفة. كما أنها تحدثت عن معاناتها مع التوحد من ذلك:
- أنها إذا حاولت الجلوس بهدوء فإنها تشعر أن ناراً تشتعل في رجليها. وأحياناً تشعر أن الملايين من النمل تشمي على رجليها.
- تحدثت كارلي كيف أنها تفهم تماماً نكات أخوتها. وتحدثت عن بعض مضايقاتهم لها أحياناً.
- قالت: إنه من الصعب جداً أن أكون مصابة بالتوحد ذلك لأنه لا أحد يفهمني من الناس. ينظر إليّ الناس على أنني غبية لأنني لا أتصرف وأتكلم مثلهم. كما أنني أعتقد أن الناس يخافون من التعامل مع المختلفين عنهم.
- توصي كارلي المدربين خصوصاً ألا ييأسوا من حالة الأطفال الذين يعملون معهم. فهي تعتبر أن ثقة مدربيها بها هي ما أوصلها إلى ما هي عليه اليوم.
- تقول كارلي إن التوحد صعب جداً لأنها تريد أن تتصرف بطريقة ما لكنها لا تستطيع ذلك. ويحزنها كثيراً أن الناس لا يعرفون أنها أحياناً لا تستطيع مطلقاً إيقاف نفسها عن عمل تصرفات معينة تزعجهم!!
- وتقول إنها لا تحب أن تكون كما هي عليه من حالة التوحد، لكنها مضطرة أن تكون كذلك، لذا تطلب ألا يغضب منها أحد..
عندما يحلم أي زوجين بإنجاب الأطفال يفكرون بطفل صحته ممتازة لا يشكو من أي خلل، وتختلف الأحلام باختلاف أفكار الناس… فهناك من يحلم بالأولاد ليخدموه ويريحوه، وهناك من يحلم بالأولاد ليعطيهم ما افتقده كما يوجد أشخاص يرغبون بإنجاب أطفال ليعاملوهم بقسوة كما عاملهم من قبل آباؤهم وبهذه الطريقة يأخذون حقهم!!! وهناك من لا يعرف لماذا يريد أن ينجب مزرعة أولاد!
لكن والد هذه الطفلة العبقرية لم ييأس ولم يضع حدوداً لحبه لابنته من ذوات اضطراب طيف التوحد منخفض الأداء الذي لا يدرك فيه الشخص وجود أشخاص آخرين أو لا يستطيع التعامل معهم، لم يشعر الأب بالإحباط رغم أن ابنته لم تُظهر أي تحسن في البداية، أصر الوالد على تعليم ابنته وبذل كل غالٍ ونفيس في سبيل مساعدتها، كانت هذه الطفلة غير قادرة على التكلم أو التواصل مع الآخرين ولديها إعاقة حركية، منعتها الإعاقة في البداية من المشي و الجلوس… حتى حدث شيء غريب، يقول الأب: صدمت عندما علمت أن ابنتَي لديها ما يعيق تطورها العقلي، و يقول أيضاً: عندما أنظر إلى عيني ابنتي أرى ذكاءً مميزاً وهذا ما يزيد أملي ويجعلني أصر على مواصلة تعليمها حتى تتحسن.
يقول الناس لوالد الطفلة: توقف عن إنفاق الكثير من المال فلن ترى أي تقدم واضح… فيجيبهم: لا أستطيع أن أستسلم…. لا أستطيع…
ويقول الخبراء لوالدي كارلي: المرحلة المبكرة في حياة كارلي حساسة… افعلوا ما تعتقدون أنكم بحاجة للقيام به وإذا لم تنجح إحدى الطرق جربوا طريقة أخرى.
علّم الخبراء كارلي على تدوين ما تفعله على الكمبيوتر فتعلمت طريقة الكتابة لتعبر عن نفسها ولتنشر أفكارها. وكانت سعادة والد كارلي عظيمة عندما بدأت ابنته تتحدث إليه بواسطة الكتابة… كان شعوره أكبر من أن يوصف، يقول الأب: لقد كنا نتكلم أمامها لسنين طويلة وكأنها غير موجودة.
وما كتبته كارلي: لا تعرف كيف ستشعر إذا كنت مكاني… لن تستطيع أن تجلس وكأن قدميك على النار أو كأن مجموعة كبيرة من النمل تمشي على يديك، ينظر الناس إليّ ويعتقدون أنني صماء لا أستطيع أن أتكلم، أتمنى أن أكون كأي طفل لكنني لا أستطيع لأنني كارلي، أنا مصابة باضطراب طيف التوحد لكن هذا ليس كل شيء… فكروا قبل أن تحكموا عليّ.
يحصل الناس على المعلومات من الخبراء لكن إذا كان الحصان مريضاً لن تسأل السمكة عن هذا بل يجب أن نعرف هذا من الحصان.
تقول هذه الطفلة: إذا لم أضرب رأسي بالحائط سأشعر وكأن جسمي سينفجر… إذا استطعت ألا أقوم بحركات شاذة سأفعل لكن هذا ليس شيئاً يمكنك التحكم به، أتمنى أن أستطيع الذهاب إلى المدرسة مثل بقية الأطفال.
سألوها لماذا يغطي الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد آذانهم ويضربون أيديهم؟؟ فأجابت: إنها طريقة للتعامل مع الكمية الكبيرة من المدخول الحسي الذي يثقل كاهلنا وذلك لمنع دخول ثقل إضافي، دماغي مُعصب بطريقة مختلفة وهذا يجعلني أسمع أصواتاً كثيرة في نفس اللحظة… وعندما أنظر إلى الشخص أرى صوراً كثيرة له ولهذا أجد النظر إلى الآخرين صعباً.
وتقول كارلي لأبيها: إلى أبي العزيز أحب أن تقرأ لي… وأحب ثقتك بي… دائماً تمسك بيدي وتضمني… أحبك.
وتضيف: أعتقد أن الشيء الوحيد الذي سأقوله هو: لا تستسلم سيدلك الصوت الداخلي على الطريق الصحيح كما حدث معي.
أصبح لكارلي صوت قوي، أصبحت ماهرة في الكتابة على الكمبيوتر، لديها حساب في موقع تويتر لتجيب على أسئلة جميع الناس… ولديها مشروع لتأليف رواية تحكي فيه عن كل ما مرت به وعايشته.
المصدر: