كفيف يبني شبكات كهربائية متكاملة لإنارة المنازل
وآخر يصلح السيارات باللمس والسمع
إعداد : المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة
تداولت وسائل إعلام عراقية، في شهر سبتمبر 2021، قصة شاب عراقي من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية المصاحبة له منذ الولادة، يعمل في تأسيس الكهرباء للمنازل وغيرها من المباني في مدينة المقدادية شمال شرقي ديالى.
وطوّر العشريني عبد الهادي عطا الله قدراته لكسب قوت يومه؛ فيداه اليوم تعرفان طريقهما جيداً في مهنة تصنف بأنها خطرة، وثمن الخطأ فيها كبير.
ونقلت قناة UTV العراقية عن عبد الهادي قوله: إن زبائني لا يصدقون في بادئ الأمر أنني كهربائي، وأنا أعذرهم، لكنني اتفق معهم على عدم تسلم أي مبلغ قبل إنجاز العمل وإنارة المبنى.
ويؤسس عبد الهادي المنازل كاملة كي تصبح جاهزة للربط الكهربائي بمساعدة عامل معه يستعين به في معرفة ألوان أقطاب الأسلاك وحفر المفاتيح في الجدران.
ويستغرق وقت تزويد المنزل الواحد قرابة أسبوع، فيما يقول إنه يعمل مجاناً في بعض الأحيان لمساعدة الفقراء، ولأنه أيضاً لا يحب البقاء في المنزل.
ويقول عبد الهادي إن الجلوس في المنزل يصيبني بالضجر، لذا أتمنى مجيء أي زبون ليطلب مني إنجاز عمل في الكهرباء، وأحياناً أقدم خدماتي مجاناً للفقراء ومن لديهم أعطال بسيطة.
عبد الهادي متزوج وينتظر أن يُرزق بأطفال، وهو يفخر بتجهيز منازل عديدة في مدينته بالتأسيسات الكهربائية، وسط إشادة من أصحاب المنازل تلك بمهنيته التي تفوق أحياناً مهنية الأشخاص المبصرين على حد قولهم.
ويقول محمد صادق، وهو صاحب منزل أسس عبد الهادي كهرباءه، ثقتي به كانت مهزوزة عندما طلبت منه تأسيس الكهرباء في منزلي، لكنني اكتشفت لاحقاً أن عمله أفضل من عمل كثيرين من أصحاب البصر.
وعبد الهادي ليس الكفيف الوحيد في عائلته، فهو واحد من 3 أشقاء ولدوا كفيفين، لكنه آمن بقدراته وانطلق ليمارس حياته ويتحمل مسؤولية إعالة أسرته.
وفي قصة أخرى نقلتها وكالة رويترز ووسائل إعلامية أخرى سبتمبر الماضي، تدور حول كفيف عراقي آخر اسمه مصطفى عزيز ويعمل في إصلاح السيارات باللمس والسمع.
وبحسب رويترز فإن الشاب مصطفى عندما يمسك جزءاً من محرك سيارة، عهد إليه أحد الزبائن بإصلاحها، ويهزه بيده، يكتشف بسرعة ما ينبغي القيام به لإصلاح العطل.
ويقول الشاب البالغ (35 عاماً) والمصاب بإعاقة بصرية منذ ولادته، من منزله في بغداد الذي افتتح فيه ورشة إصلاح: إن بعض الناس يندهشون والبعض الآخر لا يصدقون حتى يروا بأم أعينهم.
وكان والده، ميكانيكي سيارات، هو من علمه هذه المهارة ونقل إليه الشغف بإصلاح السيارات عندما كان عزيز طفلاً صغيراً، وعاماً بعد عام، تطورت مهاراته حتى ذاع صيته في المنطقة.
وقال عزيز: إن المكفوفين يواجهون تحديات كثيرة، موضحاً أن عدم وجود بنية تحتية ملائمة في منطقته جعل من الصعب عليه متابعة دراسته في بادئ الأمر.
ويوضح أن نجاحه كميكانيكي سيارات هو الذي منحه الثقة بالنفس ليحلم بأحلام كبيرة، وهو اليوم حاصل على دبلوم في الموسيقى ويعزف في فرقة، ويقدم دروساً في الدراسات الإسلامية للأشخاص ذوي الإعاقة.
وساعده إصلاح السيارات أيضاً على التعرف بالناس وتكوين الصداقات مع أشخاص من جهات مختلفة، ودمجه في الدوائر الاجتماعية التي لم تكن لديه إمكانية الوصول إليها من قبل.
وفي تصريح له وجه مصطفى عزيز رسالة مهمة للأشخاص ذوي الإعاقة، قال فيها: أنصحكم بألا تنتظروا أحداً. كونوا المبادرين وكونوا أصحاب طموح عالٍ في الحياة، وستنجحون حتماً.
لا يتوقف حلم عزيز عند توفير دخل لأسرته ومظلة أمان لطفليه؛ بل يريد، على المدى الطويل، تحسين أوضاع الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق، وتشجيعهم على الطموح والأحلام.