فاز بجدارة بمنصب رئيس اللجنة البارالمبية الآسيوية
مدافع صلب عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتحسين أوضاعهم المعيشية، وظف دراسته وعلمه وخبراته وموهبته الإعلامية في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة وها هو يفوز بجدارة بمنصب رئيس اللجنة البارالمبية الآسيوية، في الانتخابات التي جرت (الأربعاء 3 ديسمبر 2014) في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ويحصد 17 صوتاً ليتفوق على الماليزي داتو زينال أبو زارين الذي كان تقلد منصب الرئيس في السنوات الثماني الأخيرة والدورتين الماضيتين، الذي نال 13 صوتا، مقابل 6 أصوات للياباني فيرونا ميزوتو.
وقد أعرب محمد محمد فاضل الهاملي رئيس اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين عن سعادته بفوز ماجد العصيمي برئاسة اللجنة البارالمبية الآسيوية وأعتبر ذلك مكسبا لرياضة الإمارات مهديا الإنجاز إلى القيادة الرشيدة وإلى كل من دعم وساند العصيمي في هذه الانتخابات التي أكدت مكانة الإمارات على الخارطة الآسيوية والتي كانت عاملاً حاسما في فوز العصيمي.
وقال الهاملي: مبروك للإمارات هذا الفوز الذي جاء متزامناً مع اليوم الوطني 43، وهو إنجاز يحسب للوطن لأن العصيمي من القيادات الشابة المؤهلة والقادرة على قيادة رياضة المعاقين في القارة إلى آفاق أرحب من النجاحات والإنجازات.
وأضاف: لم يكن لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا دعم القيادة الرشيدة، متمنياً للعصيمي التوفيق في التحدي الجديد الذي يخوضه، كما شكر كل الأشقاء والأصدقاء الذين ساندوه في هذه الانتخابات التي كانت المنافسة فيها كبيرة، كما شكر الرعاة والمتطوعين الذين ساهموا في إنجاح هذا الحدث.
وختم بالقول: لقد اجتمع اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين مع عدد من أعضاء الجمعية العمومية وبفضل علاقاته الجيدة تمكن من كسب أصواتهم لمصلحة مرشحه العصيمي الذي يعتبر الشخص المناسب في الموقع المناسب.
سيرة ذاتية.. حلم وطموح
ماجد العصيمي الذي أصيب بشلل الأطفال على عمر السنة والنصف وعاني من ضعف في الأعصاب في القدمين والظهر، لم يستكن أو يضعف بل تجاوز حالته النفسية ووجد كل الدعم من أسرته، هذا الدعم الكبير الذي دفعه لتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز وزرع الثقة التي جعلته يحلم ويطمح ويعمل ليحقق حلمه وطموحه.
الدمج: تجربة مريرة
درس ماجد حتى الرابع الابتدائي في مركز دبي لرعاية وتأهيل المعاقين، وفي عام 1986 جاء توجيه من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية آنذاك بدمج الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية في المدارس الحكومية. وكان ذلك الدمج بالنسبة لماجد كارثة، ربما كانت فكرة الدمج سهلة لكن تطبيقها كان صعبا إذ فرقته عن زملائه واضطر أن يلتحق بمدرسة فيها نحو 500 طالب.
كانت مدارس التعليم العام آنذاك تفتقد لأي تسهيلات للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية تسهل عليهم حرية التنقل والحركة ولم تكن هناك دورات مياه خاصة بهم، والمختبرات العلمية كلها في الطابق العلوي، وكان الطلاب يتعاونون في حمل ماجد مع كرسيه وكتبه إلى المختبر لحضور التجارب، وكثيرا ما تعرض للسقوط والوقوع والغياب أكثر من مرة عن حصص العلوم.
كان يعود للبيت باكياً لا يريد أن يذهب إلى المدرسة مرة أخرى، لكن تشجيع والده ونصائحه خلقت منه انساناً آخر، وبرزت لديه روح القيادة وأصبح متفوقاً في دراسته، وبدأت بشائر الخير تهل عليه عندما التحق بكلية التقنية العليا التي كانت كلها مجهزة بالمنحدرات الخاصة بالكراسي المتحركة، ومواقف السيارات الخاصة، حتى أن مدير الكلية استقبله مع زميل له وطلب منه أن يخبره في حالة واجه أية صعوبات، وأعطاهما مفتاحاً لدورة مياه خاصة ومجهزة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية.
وقد أحس ماجد بهذه النقلة النوعية مما أشعره بالارتياح في دراسته وحصل على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف.
تغيير التوجهات والأفكار
كانت لدى ماجد رغبة صادقة في تغيير فكر من هم في البيت والحي والمدينة والدولة كلها، على أن الشخص ذا الإعاقة لا يختلف عن أقرانه إلا بالعمل وأن المعاق الحقيقي هو من حباه الله العقل ولم يسخره لخدمة نفسه وبلده، ومنذ التحاقه عام 1988 بنادي الثقة للمعاقين في الشارقة، والذي يعبر اسمه عن أهدافه السامية بزرع الثقة في النفوس، فقد بدأ ماجد بلعب الرياضة والمشاركة في بطولات محلية وخليجية وعربية وأجنبية، واستهوته الإدارة فتم ترشيحه لأول مرة كنائب لرئيس اللجنة الثقافية.
ومن هناك انطلق ثم تم اختياره كأصغر عضو مجلس إدارة في نادي الثقة للمعاقين، ثم مدير تنفيذي إلى أمين عام للنادي وبدأ يحقق إنجازات لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة ولنفسه حتى استطاع أن يكسب ثقة زملائه بالوصول إلى أمانة السر في اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين.
علاقة متميزة مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
من المعروف أن نادي الثقة للمعاقين بالشارقة الذي تأسس عام 1987 كأول ناد للمعاقين على مستوى الدولة، كان نتاجاً للحراك الايجابي الذي قام به الأشخاص ذوو الإعاقة أنفسهم، وكان من أبرز مظاهره التجمع الذي شهدته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في 10 يناير 1983 وتنظيم أول ماراثون، تم بعده التفكير في ايجاد مقر للجنة التي انبثقت عن هذا التجمع وكانت البادرة الطيبة من سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة التي احتضنت نشاط اللجنة وعملها الذي انطلق مع بداية عام 1986 من داخل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
وبعدها أتت مكرمة صاحب السمو حاكم الشارقة حفظه الله بمنح نادي ضباط الشرطة بالشارقة ليكون مقراً للجنة، ومنه تحولت إلى نادي العطاء للمعاقين وأصدقائهم.
ومع افتتاح سموه للنادي رسميا أطلق عليه اسم نادي الثقة للمعاقين وأشهر محلياً في 10 مايو 1987 ثم أشهر من وزارة الشباب والرياضة تحت الاسم نفسه، وكانت النقلة الأبرز للنادي عندما افتتح صاحب السمو حاكم الشارقة مقره الجديد في 15 يونيو .1999
وقبل هذا التاريخ ومنذ التحاقه بالنادي سنة 1988 كان العصيمي جزءاً لا يتجزأ من نشاط هذا النادي وكل مراحل تطوره وانجازاته اللاحقة التي كان يتشاركها مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ليس فقط بسبب العامل المكاني ووجود مقر النادي داخل حرم المدينة، ولكن لأسباب جوهرية أخرى أبرزها تلاقي أهداف وطموحات الطرفين وباعتبار المدينة الخزان البشري الذي يمد النادي بالعناصر الشابة والمتميزة التي كانت جزءاً من أول انجاز مشرف في أول مشاركة دولية من نوعها لدولة الإمارات تحقق في دورة الألعاب شبه الأولمبية العاشرة التي أقيمت في اتلانتا بأمريكا (أغسطس 1996).
وقد شارك العصيمي في معظم أبرز أنشطة المدينة كيوم الفرح والمرح ومسيرة العطاء والأمل ومخيم الأمل بالشارقة وكان عنصراً فاعلاً في لجنة البرامج والأنشطة التي تميزت دائماً بحضوره المتألق في حفل السمر الذي كان جزءاً من البرنامج اليومي في كل المخيمات، وكان يقدم فقراته ويجمع مع حسن التقديم البديهة الحاضرة والتعليق الطريف والقدرة على شد الأطفال المشاركين ودفع الملل والرتابة عنهم.
كما كان العصيمي جزءاً هاماً من سعي المدينة لإزالة الحواجز في الشارقة واللجنة التي شكلتها المدينة وكانت مصاحبة لمخيم الأمل الخامس عشر في يناير 2004 والذي حمل شعار: نحو بيئة خليجية بلا حواجز، واحتفالها في السنة التي تلتها باليوبيل الفضي لتأسيس المدينة.
عضوية مجلس دبي الرياضي
وكانت الثقة الأغلى هي التي أولاه إياها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل كتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي باختياره عضواً في مجلس دبي الرياضي مع نخبة من الشخصيات الرياضية المعروفة كما حاز على ثقة معالي عبد الرحمن العويس وزير الثقافة بإنشاء وحدة لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة في هيئة الشباب والرياضة.
حيث قام ماجد بإدارة هذه الوحدة وتمكن مع الهيئة وضمن استراتيجية الدولة رسم بعض القوانين واللوائح التنظيمية التي تخدم هذه الفئة ثم عمل في نادي دبي للرياضات الخاصة وكلف بمهمة الإدارة التنفيذية، هذا بالإضافة إلى بعض المناصب والمهام الخارجية مثل المستشار الإقليمي للأولمبياد الخاص بشؤون التسويق وعضوية اللجنة التنظيمية في مجلس التعاون الخليجي لرياضة المعاقين.
إنجازات بنكهة خاصة
عمل لصالح حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واستخدم الرياضة بوابة للوصول إلى الحقوق وقدم دراسة في هذا المجال بعد زيارات لأستراليا والسويد وألمانيا كونها دول متقدمة في مجال رعاية المعاقين. وقام بتلخيص كثير من هذه الجوانب بما يتناسب مع دولة الإمارات.
استخدم المهارة والملكة الإعلامية التي حباه الله إياها في المنابر الإعلامية واللقاءات التلفزيونية وأعد ثلاثة برامج إذاعية على الهواء وهي (طموح لا ينتهي)، ومجلة الشباب والرياضة في إذاعة الشارقة وبرنامج (معكم نتكامل) على تلفزيون وإذاعة نور دبي استضاف فيه شخصيات من من ذوي الإعاقة، كما ساهم في كتابة المقالات والأعمدة في الصحف المحلية، وتحدث باسم الأشخاص ذوي الإعاقة في مناسبات كثيرة.
بداية مرحلة جديدة
الفوز المشرف بمنصب رئيس اللجنة البارالمبية الآسيوية، بداية طموح وامتداد لبرنامج طموح قدمه ماجد العصيمي للنهوض برياضة ذوي الإعاقة في القارة الآسيوية. وقد كان للدعم الكبير المقدم من القيادة الرشيدة والمؤسسات الحكومية والمسؤولين بالدولة دور كبير في تحقيق الإنجاز، بجانب دعم كبير خلال الانتخابات من عدد كبير من القيادات الرياضية العربية الآسيوية، في مقدمتهم، الشيخ أحمد الفهد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، وممثلو غرب آسيا في الجمعية العمومية.
فاز العصيمي وأهدى فوزه للقيادة الرشيدة التي لم تأل جهدا في دعمه ودعم الرياضة والرياضيين بشكل عام ورياضة الأشخاص ذوي الإعاقة على وجه الخصوص، وإلى شعب الإمارات ووالدته وأسرته وكل من دعمه في مسيرة النجاح.
وعد هو الحقيقة
ووعد العصيمي بأن القارة الآسيوية على موعد جديد مع نهضة شاملة لرياضة الأشخاص ذوي الإعاقة يكون عمادها الأساسي الاهتمام باللاعب منذ الصغر ودعم ومساندة الدول التي تحتاج إلا لارتقاء بهذه الرياضة حتى تكون حاضرة على الخارطة القارية والعالمية.
… العمل الجماعي وروح الفريق الواحد هي الاستراتيجية والنهج الذي سيتبعه في الأربع سنوات المقبلة حتى يصل بالبارالمبية الآسيوية إلى أعلى المراتب في الاستحقاقات المقبلة، ويؤكد تميز وريادة الإمارات، ويحافظ على الإرث الكبير من النجاحات التي حققها الوطن وقيادته خلال العقود الأربعة الماضية، وهو ما جعل دولة الإمارات منارة للرياضة والحضارة والتطور والسعادة في العالم.