قالوا فى الأمثال.. مصر ولاَّدة.. فهي أرض المبدعين والعلماء والفنانين والرياضيين.. وغيرهم الكثير.. وخير مثال نحياه الآن.. محمد صلاح الفرعون المصري المبدع والمتألق دوماً فى عالم كرة القدم.. ولكن هناك أيضاً المبدع الأصم فى عالم الروبوت محمد صلاح ابن إيتاي البارود بالبحيرة.. فبرغم صعوبات تواصله مع المجتمع بسبب الصمم.. إلا أنه توجه إلى الإسكندرية حيث جمعية أصداء للارتقاء بالصم وبرغم مجهود السفر اليومي بين إيتاي البارود والإسكندرية إلا أنه أصر على أن يكون إنسانـاً مبدعـاً وأن يوظف قدراته ليؤكد بأن لديه قدرات تجتاز الإعاقة..
انخرط فى أنشطة ومبادرات الجمعية.. مسابقات الأولمبياد المصري للمعلوماتية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا حاصلاً على الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية لثلاث سنوات متتالية من 2003 ـ 2005 لتبدأ بعدها الانطلاقة إلى عالم الروبوت والبرمجيات.. حيث بدأ رحلته فى عالم تصميم وبرمجة الروبوت برعاية كاملة من المركز الإقليمي للمعلوماتية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا.. فكانت مشاركات براعم الصم فى مسابقات الروبوت بمصر واليابان والأردن ثم أمريكا وتركيا محققين مراكز أولى فى أفضل تصميم روبوت وأفضل مشاريع روبوت وأفضل تدريب وإشراف وأفضل عمل جماعي بجانب جائزة التميز والتحدي وكانت انطلاقة غير مسبوقة للصم فى هذا المجال.. مما أدى إلى زلزال فكري بتغيير نظرة الصم لأنفسهم بل ونظرة المجتمع تجاههم..
ولشدة انبهاره بعالم الروبوت والبرمجيات اعتكف داخل مقر الجمعية ما بين وحدات ومكونات الروبوت من قطع الليجو والمواتير وحساسات الضوء واللون وغيرها لساعات طويلة ما بين تصميمها فى وحدة متكاملة مستتبعها بأكواد البرمجة لتتحول تلك الوحدات من قطع صماء إلى جهاز ذاتي الحركة يحقق أهدافاً ذات قيمة.
استكمل خبرته من خبرة تلك البراعم التي شاركت قبله فى مسابقات عربية ودولية للروبوت والبرمجيات بمصر وخارجها.. فكانت أول انطلاقة له عام 2012 كمدرب ليحصل وفريقه على المركز الأول وكأس أفضل أداء جماعي للفريق وسط كافة الفرق من السامعين، تليها مشاركة في الأولمبياد الدولي للروبوت والحصول على المركز الثاني للفئة العمرية Senior، وفى عام 2013 شارك بمسابقة الليجو للروبوت ليحصل فريقه على كأس أفضل مشروع روبوت على مستوى المشاركين بالإسكندرية، ثم المركز الثالث بين 70 فريقاً جميعهم من السامعين فى أداء الروبوت، وبدأت مشاركاته الدولية مع فريقه Horse Power بالمسابقة الآسيوية للروبوت بأستراليا ليحصل على المركز الأول لأحسن فريق جماعي وجائزة لجنة التحكيم فى تصميم وبرمجة الروبوت وكأس أفضل مشروع بين أكثر من 70 فريقاً مشاركاً في المسابقة جميعهم من السامعين..
وتوالت المسابقات وتوالت معها الانجازات والإبداعات بالحصول على المركز الأول فى مجال روبوت المصارع الياباني (السومو) والمركز الأول عام 2015 بمسابقة الليجو بمصر بين 70 فريقاً مشاركاً، ثم عام 2016 الحصول على المركز الأول فى أداء روبوت كرة القدم تلتها مشاركة متميزة بالهند، ثم التميز فى عام 2017 بالمركز الأول بمسابقة الليجو للروبوت بين 120 فريقاً ويليها أداء متميز على المستوى الدولي للروبوت بكوستاريكا عام 2018 وفوز فريقه بالمركز الأول بين 145 فريقاً بمسابقة الليجو بمصر ثم التميز بمسابقة روبوت كرة القدم بتايلاند ويستكملها عام 2019 بالمركز الأول في مسابقة روبوت البولينج بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا..
ومن مشروعات الروبوت المتميزة له ولفريقه مشروع السيارة الخفاش الذي عرضه أحد أعضاء فريقه أمام السيد رئيس الجمهورية باحتفالية رواد تكنولوجيا المستقبل لوزارة الاتصالات عام 2017.. فقد أبهرني محمد صلاح مبدع الروبوت فى مشروع الروبوت الخفاش وهو عبارة عن سيارة تم تركيب وحدتين حساستين للموجات فوق الصوتية Ultrasonic sensor عليها، تعمل عمل الرادار الموجود بأذن الخفاش بحيث أنها تضع دوماً مسافة بين السيارة خلفها والسيارة أمامها وتتوقف إذا لزم الأمر.. ومن المقترح أن يتم ربط السيارة بجهاز تتبع GPS يسمح للسيارة بالسير على الطريق بدون سائق وبدون حوادث.
محمد صلاح مبدع الروبوت اعتمد على نفسه اعتماداً كليـاً، وهذه روح التحدي ليكون من أوائل مدربي الروبوت الصم للصم.. تدرب على يديه واستفاد من خبراته العديد والعديد من الصم المشاركين بمسابقات الروبوت على اختلافها بمصر وحول العالم..
وبسؤاله عن تشابه الاسم بينه وبين محمد صلاح اللاعب العالمي فى عالم كرة القدم.. تبسم معبراً بلغة الإشارة قائلاً: سعيد بأن يكون اسمي مشابهاً لاسم أشهر لاعب كرة مصري على مستوى العالم.. وكما يلعب صلاح الكرة بقدميه ليبهر العالم.. فأنا أشارك فى مسابقات لروبوت كرة القدم ولكنني أُعِدْ حارس المرمى واللاعب المحاور معاً من الروبوت وأتركهما ليمثلا فريقـاً كاملاً على أرضية ملعب كرة القدم الخاصة بالروبوت والذي بهرنا به كافة المشاركين بالعديد من المسابقات بمصر.. بل وبتايلاند وكوستاريكا وغيرها من دول العالم..
وبسؤالنا عن رؤيته وطموحاته فى هذا المجال.. نظر إلينا وبابتسامته المعهودة ووجهه البشوش وبلغة الإشارة قائلاً: أفتخر بأنني حققت الكثير من الإبداع والتميز فى عالم الروبوت وسط السامعين.. وأننا بأناملنا أبدعنا في التوصل إلى مفردات وبرمجيات عالم الروبوت والبرمجيات من خلال لغة الإشارة وأصبح لمسميات مكونات الروبوت وأكواد البرمجة بكل تفاصيلها وحساباتها مفردات إشارية فى لغتنا الاشارية..
نحن الصم من رفعنا علم مصر بأيدينا وبقدراتنا وبإبداعاتنا فى أمريكا أمام 8000 ذراع تحيينا وتعبر عن إعجابها وانبهارها بإبداعنا وتميزنا.. ورفعنا علم مصر فى استراليا والهند وكوستاريكا وتركيا واليابان وتايلاند واندونيسيا وغيرها الكثير.. إننا نحن الصم أبناء مصر أثبتنا وفي عالم الروبوت إننا خير سفراء لمصر..
وفى لقائي مع فرق الجمعية.. أبهرني الحب الذي يجمع بينه وبين أعضاء فرقه.. إنها أبداً ليست لغة الإشارة منفردة التي تربط بينهم.. إنما هى صدق المشاعر والتقدير التي تغمرها بلغة الأحاسيس.. ولغة التميز.. ولغة التحدي.. التي دفعت بهم لإثبات ذاتهم وسط هذا العالم الذي نعيش فيه.
إن محمد صلاح الأصم يبدع بوحدات الروبوت التي صممها وبرمجها بإبداع.. لتقوم بدورها في لعبة كرة القدم على أرض الملعب.. تجعل محمد صلاح الأصم يتابع الأداء فقط.. بينما روبوتاته على أرض الملعب حارس مرمى ومحاور ولاعب تقوم بدورها مستقلة عنه تماماً.. إنه حقـاً إبداع يفوق الإبداع.. وتصميمٌ على البراعة والتميز!!!
إلى جانب كل ذلك التميز.. فإن محمد صلاح الأصم إنسان مصري متزوج ولديه أبناء سامعين ويعمل فى مجال الوسائل التعليمية بالتربية والتعليم، ويمارس هوايته فى عالم الروبوت بحب واقتدار.. إنه حقاً نموذج مشرف للإبداع المصري..