قدمنا في العدد الأخير من المنال فكرة عامة عن الأخطاء الشائعة في فهم حالات الصرع، ونتحدث في هذا العدد عن تطور مستوى ذكاء المريض بالصرع منذ الطفولة حرصاً منا على إزالة بعض المفاهيم الخاطئة في هذا المجال وسوف نحصر تناولنا لهذا الجانب في أربع نقاط:
الأولى:
نعلم أن مستوى الذكاء يقاس بمعامل يختصر بـ (IQ) وله طرق عديدة تستخدم مع الصغار والكبار، وفي حالات الصرع نجد أن مستوى الذكاء على هذا المقياس يتراوح بين الضعف الشديد والعبقرية…
وحتى وإن أشارت بعض الدراسات إلى ضعف مستوى الذكاء لدى مرضى الصرع. فإننا نلفت الإنتباه إلى ان هذا الاستثناء في النتائج يعود لعملية استثنائية وانتقالية أيضاً في الحالات التي تقاس عليهم النتائج من الحالات المزمنة في الصرع من بين مرضى المستشفيات والعيادات الخارجية لأمراض الأعصاب والمخ ومؤسسات الرعاية الخاصة.
ومن الطبيعي أن هذه المجموعات تعاني مشكلات صحية أشد وكذلك مشكلات سلوكية متعلقة بالمرض ومضاعفاته، ولهذا فقد وصل العالم Keating وبعد استقصاء للمصادر العلمية حول موضوع (الصرع والذكاء لدى أطفال المدارس) إلى نتيجة قاطعة هي: ليس هناك دليل على قلة مستوى الذكاء كظاهرة مصاحبة لحدوث نوبات الصرع.
الثانية:
توصل العالم Aistrom إلى نتائج مشابهة في موضوع التحصيل الدراسي من خلال دراسة مجموعة من مرضى الصرع ومجموعة من الناس العاديين.
بينما وجد Green خمسين 50 طفلاً من المصابين بالصرع أقل من المتوقع لأقرانهم في مجالي التحصيل المدرسي واستعمال اللغة، ولهذا فقد ركز على دراسة سلوك الوالدين وعلاقته بهذه الظاهرة فاكتشف أن لدى مرضى الصرع طاقات أعلى مما يوضح أداؤهم، لم ينتبه الأهل لها بسبب إهمالهم وتقديرهم الخاطىء سلفاً لقدرة المريض وعجزه عن الوصول إلى مستوى الأداء ذاته للطفل العادي.. وأيضاً لميل المريض نحو تنمية المهارات التي تمكنه من استيفاء احتياجاته الشخصية وعدم اكتراثه بالصيغة السلوكية التي تتوافق مع صورة أقرانه أو رؤوسائه.
وفي شيكاغو، وحيث أن 39% من أطفال المدارس مرضى بالصرع، لم يلاحظ وجود معاناة أو مشكلات كبيرة بين الأطفال المرضى مقارنة بغير المرضى.
الثالثة:
نود التأكيد هنا وبوضوح شديد أن التأخر في استعمال اللغة أو المهارات الحسابية أو الرياضية هي الظواهر الأكثر شيوعاً بين هؤلاء التلاميذ ويمثلون حوالي 17% فقط من مرضى الصرع في بعض الدراسات.
الرابعة:
تبين في الدراسة القومية التي أجريت على أطفال الولايات المتحدة أن 3 من كل 5 أطفال مصابون بالصرع يدرسون في مدارس عادية وأن نصفهم يتقدم بشكل جيد. بينما أوضحت دراسة بريطانية أن نسبة التقدم كانت للثلث فقط.
أخيراً، يمكننا أن نفسر المشكلات الدراسية عند الأطفال المصابين بالصرع بعدة أسباب منها؛ الإعاقة العقلية المصاحبة للصرع وليس الصرع نفسه، الضعف في التركيز، ضعف بعض المهارات التعليمية، البؤر الصرعية في الجانب الايسر من الدماغ، حالات الصرع غير الظاهرة اكلينيكياً، والآثار الجانبية السمية للأدوية المضادة للصرع، وصرع القراءة.
وهناك أسباب اجتماعية ونفسية منها: السأم والملل الذي يعاني منه المريض وقلة توقع الآخرين لقدراته والغياب المتكرر عن المدرسة نتيجة نوبات الصرع أو إرساله إلى المنزل دون حقيبة عند حدوث النوبات، والتفرقة في المعاملة من الزملاء وسوء الفهم من المدرسين فضلاً عن حالة القلق والتوتر التي تسود منزل المريض عند النوبات، وغيرها من الأسباب التي لا يمكن أن تكون مرتبطة كلية بمرض الصرع وعلاقته بالذكاء والتحصيل الدراسي.
أخصائى الأمراض النفسية والعصبية بمستشفى آل سليمان وشركة كهرباء مصر
طبيب جمعية ومركز التأهيل الشامل للمعاقين بمحافظة بورسعيد
مستشار إعاقات الطفولة لجمعية نور الرحمن
صاحب مدونة ( إطلالة على التوحد ),
كاتب ومؤلف بمجلة وكتاب المنال الصادر عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
كاتب بمجلة أكاديمية التربية الخاصة السعودية