لقد أبدى كتاب أدب الأطفال في عدد غير قليل من دول العالم اهتماماً متزايداً بالأطفال المعوقين في السنوات الماضية. ولعل الهدف الرئيسي الذي يتوخى هذا النوع من أنواع أدب الأطفال تحقيقه هو تطوير مستوى وعي الأطفال بالإعاقات المختلفة وتطوير مستوى قبولهم للاختلاف في النمو بين الناس. فقد كتبت في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً مئات الكتب من هذا النوع في العقود الثلاثة الماضية. ومن الكتب المعروفة في هذا المجال كتاب «ليزا لا تستطيع أن ترى» وكتاب «لا تشعر بالأسف على بول» وكتاب «مغامرات توم سوليفان في الظلام».
أما المشتغلون بأدب الأطفال في الوطن العربي فلم يلتفتوا بعد لهذه القضية باستثناء توصية بالاهتمام بأدب الأطفال المعوقين تقدمت بها الحلقة الدراسية التي نظمها المجلس العربي للطفولة والتنمية قبل أكثر من عقدين تحت شعار «نحو مستقبل ثقافي أفضل للطفل العربي». وقد آن لأدب الأطفال العربي أن يولي اهتماماً كافياً بهذه الفئات من الأطفال إذ أنهم يشكلون نسبة لا يمكن الاستمرار بتجاهلها.
إن الحديث عن أدب أطفال لا ينسى الأطفال المعوقين قد يبدو أمراً غير مألوف، وإنه حقاً كذلك في دولنا العربية. فقد كان أدب الأطفال العربي وما يزال خالياً من الإشارة إلى الأطفال المعوقين إلا من لمحات تلقي الضوء على عجزهم وتستدر العطف عليهم في أحسن الأحوال. فلن تجد أكثر من مجرد إشارة لشخص مكفوف مقرونة بحاجته إلى المساعدة والشفقة وذلك ربما يعرض في سياق المناشدة بعمل الخير أو في أحد الأبيات في قصيدة شعرية وما إلى ذلك.
إن الدعوة إلى مساعدة الضعيف لفتة طيبة يحركها إحساس نبيل بالضرورة، ولكنها لا تكفي بل وهي غير مقبولة أحياناً عندما يتعلق الأمر بالأطفال المعوقين. وثمة مبرران رئيسيان لهذا الموقف:
- إن الأطفال المعوقين يحتاجون إلى أكثر من العطف والشفقة، فهم قبل أي شيء بحاجة لأن يعاملهم مجتمعهم على أنهم أطفال أولاً. وما يحتاجون إليه حقاً هو أن يعترف بأن لهم حقاً في النمو والتعلم أسوة بالأطفال الآخرين. والشفقة لا تعلم طفلاً وبخاصة إذا كان هذا الطفل معوقاً.
- صحيح أن الأطفال المعوقين لديهم حاجات خاصة تختلف عن حاجات الأطفال غير المعوقين أو تضاف إليها، إلا أن من غير العدل وصفهم جميعاً بالضعفاء وإن كان لديهم ضعف في جانب أو أكثر من جوانب الأداء. فالضعف بالطريقة التي يتم تقديمه فيها يعني فقدان الأمل وعدم القابلية للتطور والتعلم وذلك أمر غير صحيح ينطوي على تعميمات خاطئة. وهو أيضاً يقدم بطريقة تجعله يطغى على كيان الفرد بحيث لا يتذكر القارئ شيئاً سواه وذلك أمر ينطوي على تجاهل أي مواطن قوة يتمتع بها الفرد المعوق.
إن أدب الأطفال الذي يتضمن مثل هذه التعميمات يسيء إلى نسبة غير ضئيلة من الأطفال. أليس لهؤلاء الأطفال حق في أن يمد أدب الأطفال ذراعيه لهم بالدفء والتفهم والدعم؟ وإلى متى يستمر أدبنا العربي باتخاذ واحد من موقفين: التجاهل أو الإساءة؟ وإذا لم نغير اتجاهات الناس في مجتمعاتنا نحو الإعاقة والأشخاص المعوقين منذ مراحل الطفولة فمتى نغيرها؟
أستاذ التربية الخاصة في قسم الإرشاد والتربية الخاصة، كلية العلوم التربوية/الجامعة الأردنية. حصل على البكالوريوس من الجامعة الأردنية (1976) ، والماجستير من جامعة ولاية متشيغان (1982)، والدكتوراه من جامعة ولاية اهايو (1982). عمل نائباً لعميد كلية الدراسات العليا، ورئيساً لقسم الارشاد والتربية الخاصة، ومستشاراً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مدينة الشارقة للخدمات الانسانية.
له أكثر من عشرين كتابا في التربية الخاصة وتعديل السلوك منها: المدخل إلى التربية الخاصة، وتعديل السلوك الإنساني، ومناهج وأساليب التدريس في التربية الخاصة، ومقدمة في الإعاقة العقلية، ومقدمة في تأهيل الأشخاص المعوقين، ومقدمة في الإعاقات الجسمية والصحية، واستراتيجيات تعليم الطلبة ذوي الحاجات الخاصة في المدارس العادية، ومقدمة في التدخل المبكر. ونشر أكثر من خمسين بحثاً في مجلات عربية وأجنبية محكمة.
شارك في أكثر من 100 دورة تدريبية، ومؤتمر علمي، وندوة. وأشرف على أكثر من ستين رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراه في التربية الخاصة، وقام بتدريس أكثر من 40 مادة في التربية الخاصة على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. وقدّم عدداً كبيراً من الاستشارات في التربية الخاصة على المستوى المحلي والعربي.
وشارك في عضوية العديد من اللجان والمجالس العلمية والمنظمات المحلية والدولية مثل: المجلس الأمريكي للأطفال ذوي الحاجات الخاصة، والأكاديمية الأمركية لاختصاصيي التربية الخاصة، ومجلس البحث العلمي في الجامعة الأردنية، والمجلس الوطني للأشخاص المعوقين، وهيئة تحرير مجلة دراسات، ومجلسي أمناء جامعة عمان الأهلية وجامعة الحسين بن طلال، ولجنة ترجمة الفكر العالمي في الجامعة الأردنية.
حصل على الجوائز العلمية التالية: جائزة عبد الحميد شومان للعلماء العرب الشبان للعلوم الانسانية (1993)، وجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم (1994)، وجائزة جمعية الأطفال المعاقين للبحث العلمي في التربية الخاصة، السعودية، (1998)، وجائزة وزارة التعليم العالي للباحث المتميز في العلوم الإنسانية (2005)، وجائزة خليفة التربوية في مجال التعليم العالي على مستوى الوطن العربي (2010)، وجائزة جامعة فيلادلفيا لأفضل كتاب مؤلف (2010).