ذكرنا في أكثر من مناسبة، أن أسبوع الأصم هو أقدم إعلان حقوقي عربي، انطلق تنفيذاً لتوصيات المؤتمرٍ الثانيٍ للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصّم، الذي انعقد في دمشق بين 24 و 26 نيسان / إبريل 1974، وهو يقام بشكل سنوي على امتداد وطننا العربي، لقد جرى اعتماد هذا الأسبوع الحقوقي قبل (الإعلان الخاص بحقوق المعوقين) الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 كانون الأول / ديسمبر 1975، وقبل إعلانها (العام الدولي للمعوقين) في عام 1981، وعقد الأمم المتحدة للأشخاص المعوقين (1983 ـ 1992).
نعم، في كل عام، وخلال الأسبوع الأخير من شهر نيسان / أبريل، تنظم جمعيات الأشخاص الصّم والهيئات العاملة معهم في بلادنا العربية أسبوعاً يدعى (أسبوع الأصم)، وهو تظاهرة إعلامية حقوقية شاملة للتعريف بالأصم وقدراته، وكذلك التعريف بالصّمم والوقاية منه، وأحدث المستجدات في علاجه وتدبيره، ووسائل تربية وتأهيل ودمج الشخص الأصم، وقنوات تواصله اللغوي والنطقي والإشاري مع أقرانه وأسرته وأفراد مجتمعه، بالإضافة إلى تسليط الضوء على حقوقه الأساسية الصّحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما يهدف أسبوع الأصم أيضاً إلى تمكين الأشخاص الصّم وضعاف السّمع وجمعياتهم من القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة.
وهكذا، في فعاليات هذا الأسبوع السنوي، تجتمع جمعيات الأشخاص الصم، والوزارات وباقي المؤسساتُ الحكوميةُ والأهليةُ والخاصةُ المهتمةُ بالعملٍ مع الأشخاصٍ الصّمٍ، تحت شعار وموضوع واحد تختاره جمعيات الأشخاص الصم بالتنسيق مع اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصّم، وعاماً بعد عام، ازداد اهتمام وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية من حيث الكم والكيف بهذا الأسبوع، وانتقلت في مقاربتها قضية الأشخاص الصم من جوانبها الإنسانية إلى جوانبها الحقوقية التنموية، وهو أمر طالما تطلعنا إليه وعملنا من أجله.
مع مطلع هذا العام 2020، وتسارع انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم، وارتفاع أعداد المصابين والوفيات، بدأت الأصوات تتعالى مناشدة المجتمع الدولي تقديم الدعم الخاص للأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص الصم، كونهم بحاجة الى ترتيبات خاصة عند تقديم الخدمات والتوعية لهم ولذويهم، وهكذا فرض هذا الفيروس نفسه على موضوع هذا الأسبوع.
لقد أكد تقرير منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا المستجد أو (كوفيد ـ 19) يهدد صحة وحياة الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم، وعلى الحكومات أن تبذل جهوداً إضافية لحماية حقوقهم في الاستجابة الصحيحة للجائحة القاتلة.
لقد شكلت الجائحة القاتلة (كوفيد ـ 19)، تحدياً كبيراً أمام الأشخاص الصم لاسيما الأطفال وعائلاتهم، وتزداد الأمور صعوبة في المجتمعات الفقيرة وفي مناطق الحروب والكوارث.
ومن أهم التحديات الخاصة التي تواجه الأشخاص الصم واحتياجاتهم الرئيسة:
- المعلومات الكافية باللغة والطريقة التي يختارونها، وهذا يشمل لغة (لغات) الإشارة الوطنية، والتي تشمل أيضًا لغات الإشارة اللمسية ولغات الإشارة التي يستخدمها السكان الآخرون في الدولة، وغيرها، يجب أن تتضمن هذه المعلومات جميع التعليمات الحاسمة المتعلقة بجائحة (كوفيد ـ 19)، مثل غسل اليدين والتباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى توضيح الأسباب الكامنة وراء هذه التدابير، وتتضمن أيضًا كافة الاجراءات والتعليمات والاعلانات الحكومية والمجتمعية بهذا الخصوص، وتلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في ذلك.
- الحاجة ليس فقط لإتاحة المعلومات للجميع، وإنما أيضاً الحاجة إلى مكافحة المعلومات المغلوطة والمضللة التي تنتشر وانتشرت بشكل هائل لم يسبق له مثيل.
- ضمان وصول الأشخاص الصم إلى الخدمات الصحية أسوة بأقرانهم السامعين من أبناء المجتمع والاستفادة الكاملة من خدماتها.
- ضمان الوصول إلى الخدمات التأهيلية (منها: المعينات السمعية ومساعدات الإصغاء وغيرها) والاستفادة الكاملة من خدماتها.
- ضمان الوصول إلى خدمات التعليم البديل عن بعد أسوة بأقرانهم السامعين من أبناء المجتمع.
- ضمان متابعة ومكافحة التداعيات العديدة النفسية والاجتماعية، والمخاطر التي قد يتعرض لها الأشخاص الصم وخاصة الأطفال من جراء فرض الإغلاق والحجر في المجتمع لفترات طويلة، وغيرها.
- التوجه أيضاً إلى ذوي الأشخاص الصم، وتبصيرهم بحاجات وحقوق الصم، والتأكيد على معلومات ومهارات السلامة الفردية، وسبل الوقاية من جائحة (كوفيد ـ 19).
- عمل الحكومات الوطنية مع الأشخاص الصم من خلال المنظمات الممثلة لهم مثل اللجنة الوطنية للإعاقة والجمعية الوطنية للصم – لضمان تقديم هذه الخدمات على الوجه الأمثل.
عند تقديم هذه الخدمات يجب احترام روح وتفويضات (اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل) و(اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة)، الموقعة والمصادق عليها من جميع الدول العربية.
وفي هذه العجالة، لابد من تسجيل التقدير والاحترام بل والاعجاب بجهود عدد من جمعيات الأشخاص الصم واتحاداتهم، وكذلك عدد من مترجمي لغة الإشارة، وبعض وسائل الإعلام المختلفة، والمتطوعين، والمؤسسات الخاصة والبلديات وغيرها لعدم إغفالها حقوق الأشخاص الصم وذويهم في التوعية والمتابعة في مواجهة التحديات الخاصة التي تواجه الأشخاص الصم أثناء جائحة (كوفيد ـ 19). إنها جهود ومبادرات عظيمة في هذه الظروف العصيبة، نأمل أن يتم توثيقها ومشاركتها عربياً ودولياً.
حقاً، إن التهديد الخطير الذي ألحقته جائحة (كوفيد ـ 19) بصحة وأمن ومستقبل الإنسان في كل مكان أكدت ما ذهبنا إليه منذ نحو عشرين سنة أن هذا الأمن الإنساني لن يتحقق للبعض ما لم ينعم به الكل، وعلينا جميعا تعزيز التعاون الدولي في كل ميادين وجوانب الأمن الإنساني لاسيما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
نعم، إن الأمن الصحي مكون رئيس للأمن الانساني الذي لا يمكن أن يتحقق للجميع ما لم ينعم به الجميع، وفي كل مكان.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/