التفكير الفعال
يعتبر كل من التفكير الإبداعي Creative Thinking (التفكير المتباعد) والتفكير النقدي Critical Thinking (التفكير المتقارب) مظهران هامان للتفكير الفعال ويشكلان الأساس لعملية التعلم وتقييم ما نتعلمه وتحقيق النجاح في الحياة. إننا على دراية واسعة بالتفكير الإبداعي وهو العملية التي يتم بموجبها جمع الحلول أو الاستنتاجات المحتملة المتعلقة بقضية ما أو التوصل إليها. ويشار إلى هذه العملية في الغالب بعملية العصف الذهني Brainstorming أو أطلاق الأفكار الذكية أو طرح المقترحات الجديدة وهي تعزز من الفرص المتاحة لإيجاد حلول مناسبة للمعضلات التي نواجهها في حياتنا. أما التفكير النقدي فيدل على البحث الدؤوب بهدف فهم المعلومات وتحليلها وتحديد قيمتها وأهميتها. أن التفكير النقدي لا يعمل مستقلا عن التفكير الإبداعي فأحدهما يكمل الآخر وإذا ما تم استخدامهما بالشكل الأمثل فأنهما سوف يفضيان إلى التفكير الفعال Effective Thinking. من هنا يعين التفكير الفعال على حل تحديات الحياة الحقيقية من خلال توليد الخيارات العملية (التفكير الإبداعي) وكذلك تأمل النتائج (التفكير النقدي).
إن الكثير من الطلبة يلتحقون بالجامعة ويستخدمون مهارات التفكير الإبداعي في التعبير عن آرائهم ومواقفهم في مختلف المواضيع. وهم للأسف يظنون أن التعبير عن الرأي أمر كاف، لكنهم سرعان ما يدركون، بسبب محدودية تجربتهم، أن الأساتذة في الجامعة يتوقعون امتلاكهم مهارات أفضل وبالأخص تلك المهارات التي تتطلب منهم القدرة على التحليل والتقييم والتوصل إلى قرارات منطقية وهو ما نطلق عليه التفكير النقدي.
في هذا الشأن يقدم كل من مايكل سكريفن Michael Scriven وريتشارد بول Richard Paul من (مركز التميز الوطني) تعريفاً شاملاً للتفكير النقدي الذي يمثل (العملية الفكرية المنظمة التي يتم بموجبها، على نحو نشيط وماهر، تشكيل المفاهيم حول المعلومات التي يتم جمعها أو التوصل إليها من خلال الملاحظة والخبرة والتأمل والتواصل بصفتها بديلاً للمعتقد والفعل) ومن ثم تطبيقها وتحليلها.
يقول جون أف كينيدي John F. Kennedy: (إننا في الغالب نستمتع بالتعبير عن آرائنا بعيداً عن مشقة الفكر).
ربما تراودك العديد من التساؤلات حول هذا التعريف: ماذا يعني ذلك؟ هل يمثل التفكير النقدي أهمية خاصة؟ هل أحتاج إلى أن اكون مفكراً نقدياً؟ هل تخبرني عما يتعين عليّ فعله بهدف التعاطي مع مثل هذه التساؤلات؟
دعنا نتبين توقعات أساتذة الجامعة عنك أنت أيها الطالب.
توقعات الأساتذة
تقتضي تعقيدات الحياة أن نكون متعلمين فاعلين لا سلبيين. ولايقتصر هذا الأمر على توسيع قاعدتنا المعرفية فحسب إنما يتعداها إلى النظر بعين ناقدة إلى ما نراه ونسمعه ونشعر به ليتسنى لنا اتخاذ القرار المناسب حول قبول الأشياء التي نتعاطى معها أو رفضها.
ويذهب كل من براون وكيلي Browne and Kelle مؤلفا الكتاب الموسوم (طرح الأسئلة المناسبة) Asking the Right Questions إلى أن (التفكير النقدي يوفر مجموعة من المرشحات التي يحتاجها أصحاب الرأي الرصين قبل التوصل إلى أحكامهم) لأن الأفكار بمجملها لا تتسم بالقيمة ذاتها وهي بذلك تحتاج إلى المزيد من الانتقاء العقلاني.
تأسيساً على ذلك يشخص الأساتذة الجامعيون الكثير من الفوائد ذات الصلة بالتفكير النقدي وتنمية المهارات العقلية. كما أن مثل هذا التفكير يساعد على تحديد ما هو سليم وما هو خاطئ في تفكيرك وكذلك تفكير الآخرين.
أدناه الفوائد المتوخاة من التفكير النقدي:
- زيادة المعرفة الأكاديمية
- تشجيع حب الاستطلاع الفكري
- تعزيز القدرة على تحليل المواضيع المهمة في الدوائر الأكاديمية وتقييمها
- تعميق فهم التنوع الاجتماعي ووجهات النظر العالمية
- تحسين البحث العلمي والكتابة ومهارات التواصل الشفهي
- تعضيد التعليم المستقل والمشاركة الجماعية القوية
خلاصة
يشجع التفكير النقدي تبادل الآراء المثقفة ذات الشأن والعقلانية بين الكتاب أو المتحدثين وقراءهم أو المستمعين إليهم وتعزيز القدرة على التعلم وكذلك العيش. وأيضاً يعزز الوعي بالحاجة إلى وجهات النظر الأخرى مقرونة بالمعرفة، كما أنه يتضمن عملية التفكير الدقيق قبل التوصل إلى استنتاج ما أو اتخاذ قرار بهدف تبني معتقد ما أو عمل ما. وعلى حد قول شارلوك هولمز Sherlock Holmes: (حين تستبعد المستحيل فإن ما يتبقى رغم عدم احتماليته ينبغي أن يمثل الحقيقة). وهذا هو مكمن جمالية التفكير النقدي.