رؤية وتجربة عشناها وعشتها شخصيا واستمتعنا بجميع لحظاتها في أكبر حدث رياضي عالمي إنساني والأكثر تضامنا في العالم، اجتمعت به ميزتان الزمان والمكان، الزمان في عام التسامح والمكان في موطن الهمم في دار القائد زايد الخير، في دولة الإمارات العربية المتحدة تحديدا في إمارة أبوظبي حدث لأول مرة تستضيفه دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حدث يُفتخر به ويجسد فيه عمل الخير والأخوة والمحبة بين شرائح المجتمع، وقبل ذلك تكاتف كل الإمارات في هذا الحدث وتوزيع الأدوار والمهام، غرسها في السابق المغفور له بإذن الله المؤسس الملهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه وأصبحت منهاج وسياسة ورؤية دولة حرصت فيه القيادة على الاستثمار في الإنسان ووضعة على رأس أولوياتها حتى تجسدت وأصبحت واقع وحقيقة في الفترة من 14 مارس ولغاية 21 مارس 2019
شرف الاستضافة لهذا الحدث وسر التحدي في تنظيم هذه الفعالية العالمية يكمن في إقامتها لأول مرة و في الفئة المستهدفة من الأشخاص ذوي الهمم وأعدادهم الكبيرة من 190 دولة حول العالم، وقدرة الإمارات بجميع وزاراتها ومؤسساتها المختصة والمعنية بالإضافة إلى سواعد أبنائها في تسخير جميع الإمكانيات بالإضافة إلى توفير جميع احتياجاتهم و متطلباتهم من إقامة ووسائل نقل وتنظيم وترفيه للخروج بأفضل بيئة رياضية مناسبة من خلال ما يقارب 21,683 ألف متطوع أكثرهم من أبناء دولة الإمارات ” رجال – نساء ” عملوا على مدار ال24 ساعة دون كلل أو ملل في خدمة الضيوف من الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث حضر 7,500 رياضي و 3 آلاف مدرب للمشاركة في 24 رياضة أولمبية موزعة على جميع أنحاء إمارة أبوظبي مستضيف الألعاب وحضور الآلاف من المشاهدين في عروض الإفتتاح الذي تم بحضور سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والختام اللذان نالا إعجاب الجميع من خلال الإعداد الجيد والمنظم للفقرات التي قدمت في الحفل ناهيك عن الملايين التي تابعت وشاهدت هذا الحدث العالمي خلف الشاشات ومن خلال جميع وسائل الإعلام في أرجاء العالم، كل ذلك مَثّل التحدي الحقيقي في نجاح ذلك الحدث المميز العالمي والخروج بأبهى وأجمل صورة للألعاب العالمية الأولمبياد الخاص في أبوظبي 2019.
يذكر أن أول بطولة للأولمبياد الخاص أقيمت عام 1968 في شيكاغو الولايات المتحدة الأمريكية وتوالت الدول المنظمة لها كالنمسا – كندا – اليابان – الصين – اليونان – كوريا الجنوبية، حيث تقام هذه الألعاب كل سنتين عن طريق الألعاب الصيفية والشتوية بالتبادل وهاهي اليوم الإمارات بعد 51 عاماً في مصاف تلك الدول التي نظمت ذلك الحدث بجدارة واستحقاق وفي اعتقادي نافست بطريقة تنظيمها.
الرياضة بشكل عام مهمة للشخص السليم كما تعتبر أيضا أكثر أهمية بشكل خاص للشخص ذوي الإعاقة نتيجة لما تحققه من تقدم على الناحية البدنية – الفسيولوجية – الاجتماعية والنفسية، والعديد من الجوانب مثل إسهامها في نشر الوعي الرياضي الموجه لكسب اللياقة البدنية والنشاط الدائم وتقوية الجسم، غرس وترسيخ المفاهيم الصحيحة للتربية البدنية والنشاط الرياضي ومنها العمل بمفهوم روح الفريق الواحد وإدراك البعد التربوي الصحيح للمنافسات الرياضية، تنمية الاتجاهات الاجتماعية السليمة والسلوك القويم عن طريق بعض المواقف في الألعاب الجماعية والفردية وإكسابهم الثقة بالنفس وتنمية الروح الرياضية، المساهمة في التخلص من التوتر النفسي وتفريغ الانفعالات واستنفاد الطاقة الزائدة وإشباع الحاجات النفسية والتكيف الاجتماعي وتحقيق الذات، كما لها أهمية في استثمار وقت الفراغ ببعض النشاطات الرياضية المفيدة، ورفع مستوى الكفاءة البدنية عن طريق التمرينات التي تنمي الجسم وتحافظ على القوام السليم، إكساب الأشخاص المهارات والقدرات البدنية والحركية التي تستند إلى القواعد الرياضية والصحية لبناء الجسم السليم حتى يؤدي واجباته في خدمة وطنه ومجتمعه كما ينبغي له، كما تهدف إلى تنمية العلاقات الاجتماعية والخروج من الانطواء والعزلة إلى الانفتاح والتعاون مع الآخرين والتي تجعله يتفاعل ويستخرج جميع الطاقات الكامنة من مهارات وقدرات بدنية.
من خلال المنافسات الرياضية استطاع رياضيو الأولمبياد الخاص التنافس في 24 رياضة أولمبية صيفية والرياضيين بالغين وأطفال من ذوي إعاقة عقلية تتنوع ما بين موهوبين ورياضيين بمستوى عالمي ورياضيين ذوي قدرات جسدية محدودة، حيث أن قواعد منافسات الأولمبياد الخاص أن يصنف الرياضيون حسب أعمارهم وقدراتهم العقلية، هذا التصنيف يجعل المنافسات عادلة وتنافسية ومثيرة للرياضيين والمتابعين.
حضر العديد من المشاهير الرياضيين بالإضافة لبعض الفنانين لهذا الحدث في حفل الإفتتاح والختام لدعم وتشجيع المشاركين وقضاء أوقات جميلة والاستمتاع بهذه الفعاليات العالمية.
بعد هذا التنظيم والحدث الجميل في أبو ظبي أعتقد سيتغير مفهوم الأسرة ويصبح المجتمع إيجابي تجاه أبنائهم من الأشخاص ذوي الهمم وفي قدراتهم والاستفادة من دمجهم في المجتمع وهو الهدف الأسمى من الثقافة التي أرسختها القادة فيهم، فشكرا دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة وشعباً على ما قدتموه للعالم ولنا على تنظيم هذا الحدث العالمي.
أتعبتني مَنْ بعدك يا الإمارات يا موطن الهمم
د. عبد العزيز الفيلكاوي
- دكتوراه الفلسفة في التربية الرياضية، قسم تدريب التمرينات
- معلم التربية الرياضية – وزارة التربية بالكويت
- عضو هيئة تدريس منتدب بكلية التربية الأساسية بنين – الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب
- مدرب خاص بالأولمبياد الخاص 2019