منذ عام 1981، والعالم يتحدّث عن وباء كاسح ينقضُّ هنا وهناك، يبعثُ الرعب والهلع في قلوب الناس، وهو لا يكتفي بالأضرار الجسيمة التي يلحقها بصحة الإنسان المصاب، بل يهاجم بقسوة جهازه المناعي، الذي لا يلبث أن ينهار فيقع فريسة سهلة بين مخالب أمراض عديدة سرعان ما تقضي عليه وتزهق حياته.
ذلك هو مرض الإيدز، أو ما يعرف باسم السيدا، أو متلازمة العوز المناعي المكتسب، وهو آخر مراحل العدوى بفيروس العوز المناعي البشري، ويمكن أن يستغرق وصول الإنسان حامل الفيروس إلى مرحلة مرض الإيدز عدة سنوات بعد الإصابة بالعدوى، وقد يلقى المرضى حتفهم خلال سنوات محدودة بعد تشخيص الإيدز، وتحدث الغالبية العظمى من حالات العدوى بالفيروس عن طريق الاتصال الجنسي، كما يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق الدم الملوث أو مشتقاته، واستخدام حُقن ملوثة به، كما ينتقل من الأم الحامل إذا كانت مصابة إلى وليدها قبل أو أثناء الولادة، فيخرج إلى الحياة حاملا في دمه فيروس الموت.
يعمل على انتشار الفيروس الفقر والبطالة والنزاعات المسلحة، بالإضافة إلى حالات اللجوء، والهجرة، وعدم المساواة بين الجنسين، والعنف المبني على التمييز الجنسي، مثل الاتجار بالمرأة، والوصمة، والتمييز، المرتبطان بفيروس نقص المناعة البشرية.
ما يدعو إلى القلق أن الإنسان الذي يحمل هذا الفيروس، يبدو طبيعيا تماما، ولا يعاني من أي شيء غير عادي وهذا ما يساعد على انتقال العدوى منه إلى الآخرين، فيسهم ودون أن يدري في انتشار عدوى المرض، لذلك أصبح من الضروري كشف إصابة الأشخاص الذين يحملون هذا الفيروس، من أجل الوقاية ومنع انتقال العدوى، وفي سبيل ذلك لجأت معظم الدول إلى توفير الفحص المخبري الذي يكشف الأشخاص الحاملين لهذا الفيروس، وجعله مجانا وفي متناول الجميع، وقد قامت بعض الدول بجعل هذا الفحص إجباريا عند التقدّم للعمل في بعض المهن، أو لدى بعض المسافرين.
ولابد من التأكيد في هذه العجالة، أن العدوى لا تنتقل بالاتصالات العارضة كالمصافحة والمخالطة في الأماكن المزدحمة، وعند زيارة المرضى المصابين في المشافي، أو أثناء ممارسة الرياضة وعن طريق الطعام والشراب، وغيرها.
عربياً: أرقام مفزعة واستجابة متأخرة
بينت دراسات انتشار فيروس نقص المناعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن عدد المصابين حالياً أقل نسبيا من مناطق أخرى في العالم، لكن المفزع حقاً أن معدل الإزدياد بدأ يرتفع منذ عام 2001 إلى درجة أصبحت المنطقة الآن من أكثر مناطق العالم في معدل الإزدياد، فبعد أن كان العدد في عام 2001 نحو 30 ألفاً ارتفع إلى أكثر من 400 ألف في عام 2012 خاصة بسبب العدوى الجنسية.
إن هذا الارتفاع في المنطقة العربية يجعلها موطنا لواحدة من أسرع الأوبئة نموا في العالم، ويدل على ذلك أن ما اتخذ من خطوات وبرامج توعية لمواجهة هذا الوباء قد فشلت في وقف زحفه وانتشاره. وهذا يعني أيضاً أن أعدادًا كبيرة خاصة من الشباب سوف تنضم إلى صفوف المصابين، وبالتالي حدوث خسارة كبيرة في هذه الفئة المنتجة، مع زيادة حاجة المجتمع إلى برامج علاجية مكلفة جداً، تستنزف قدراتنا البشرية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية، ويزداد الطين بلة في المجتمعات الفقيرة أصلا، كما يشكل وباء الإيدز خطراً لا يعرف الحدود بين الدول العربية الأمر الذي يحتاج إلى مواجهة إقليمية صارمة وشاملة تنطلق من تبني استراتيجية وطنية وإقليمية محورها تحالف قوي للمؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
وفي استجابة متأخرة للجامعة العربية، قرر وزراء الصحة العرب في الرابع عشر من آذار / مارس 2014 اعتماد الاستراتيجية العربية لمكافحة الإيدز 2014 ـ 2020 كإطار استراتيجي عربي للاستجابة الدولية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشري (الإيدز).
في الوقت الذي نرجو فيه لهذه الاستراتيجية أن تطبق بنجاح، وتحقق كامل أهدافها المنشودة، فإن سجل العمل العربي الحافل بالإخفاقات يدعونا إلى المطالبة بتفعيل دور المجتمع المدني أكثر وأكثر، لا سيما في تعزيز التوعية والمناصرة وحشد الموارد والرصد الدوري من أجل مواجهة هذا الوباء القاتل الذي يسدد ضربات موجعة إلى أمن الإنسان في كل مكان.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/