إعداد: فريزة محمود عبد الهادي
” الامتنان هو أكثر من سلوك نبيل، وهو من الأدوات القوية للإدراك التي تساعد في الشفاء وتولد النشاط والفاعلية للوصول إلى ما تريد” فرانك زيتشلو
أحيانًا نجد أنه من الصعب علينا التعبير عن الامتنان لمن حولنا من الأحبة والأصدقاء، لكن ما هي الأسباب؟
ثمة أنواع من التحيز المعرفي تعيق هذا التعبير، لنتعرف كيف يعمل هذا التحيز، وكيف يمثل عائقاً أمام التعبير عن الامتنان والشكر لمن يساندوننا ويقدمون لنا الدعم الكافي.
العامل الأكثر أهمية في التمتع بحياة طويلة وسعيدة هو وجود شبكة اجتماعية جيدة يمكنك الاعتماد عليها كل يوم، نتعاون مع الآخرين، نساعدهم ويساعدوننا. ومع ذلك، فإننا في الغالب نفشل في التعبير عن الامتنان لأولئك الذين يحدثون فرقًا في حياتنا.
“من المؤكد أنهم يعرفون مدى امتناني”، هكذا نعتقد جميعاً. “لا أريد أن أحرجهم من خلال الإفراط الشديد في المشاعر“.
إن هذا الإحجام عن الشكر أمر غريب، بالنظر إلى كيف أظهر كل من البحث العلمي والتجربة المشتركة أن التعبير عن الامتنان يعزز مزاج كل من القائل والمتلقي، مما يعزز الرابطة العاطفية بينهما.
ثم لماذا نحن مترددون في التعبير عن الشكر؟ هذا هو السؤال الذي طرحه علماء النفس من جامعة شيكاغو ضمن مجموعة من الدراسات التي نشرت مؤخراً في مجلة العلوم النفسية.
التحيز المعرفي:
يبدأ الباحثون بالإشارة إلى أن لدينا جميعًا تحيزًا مركزيًا يجعل من الصعب علينا التنبؤ بدقة بما سيشعر به الآخرون – أو حتى أنفسنا – في موقف معين. أي أننا نميل إلى افتراض أن الطريقة التي نشعر بها حاليًا هي الطريقة التي يشعر بها الآخرون، أو كيف سنشعر في وقت لاحق.
الأمثلة المعروفة هي كما يلي:
يعتقد الناس أنهم سيشعرون بالسعادة إذا أنفقوا أموالًا على أنفسهم ولكنهم في الحقيقة أسعد عندما ينفقونها على الآخرين.
يعتقد الناس أن الانخراط في محادثة مع شخص غريب سيكون تجربة غير مريحة، لكن بعد ذلك يكتشفون أنها إيجابية.
بالمثل، عندما يُطلب من الانطوائيين أن يتظاهروا بأنهم اجتماعيين في أحد الموقف الاجتماعية، يفيدون لاحقًا أنهم استمتعوا بالتجربة أكثر من غيرهم ممن ظلوا انطوائيين في نفس الموقف.
ما هو الامتنان؟
هو حمد الله وشكره على النعم الكثيرة التي حبانا إياها، وأنعم علينا بها، وهو سر من أسرار تجلي الأهداف وسبب من أسباب الوفرة والبركة في الحياة.
فالقلب الممتن هو مغناطيس للمعجزات، وهو النظارة التي ترتديها ثم تجعلك ترى وتلاحظ وتدرك النعم من حولك.
فيما يتعلق بالتعبير عن الامتنان، يرى العلماء أن هذا التحيز الأناني يلعب دورًا بطريقتين. أولاً ، نظرًا لأن إحساس الامتنان واضح لنا، فإننا نفترض أنه يجب أن يكون واضحًا للشخص الآخر أيضًا. يسمي علماء النفس هذه العقلية لعنة المعرفة. بمعنى أنه إذا كنت تعرف شيئًا ما، فمن الصعب أن تتخيل أن الآخرين لا يعرفون ذلك أيضًا. ولكن لنعلم أنه لا يوجد شيء واضح على الإطلاق.
ثانيًا، نشعر غالبًا بعدم الارتياح عندما يتعين علينا التعبير عن بعض المشاعر لأننا لسنا متأكدين من كيفية القيام بذلك.
نحن نكافح من أجل انتقاء الكلمات الصحيحة للتعبير عن مشاعرنا، وفي هذه العملية نفترض أن المتلقي سيشعر بعدم الراحة عند سماعه كلمات الامتنان منا كما نشعر نحن في التعبير عنه.
فيما يتعلق بعلم النفس الاجتماعي، فإن الأطراف القائمة بالأدوار تكون أكثر قلقًا بشأن الكفاءة – أو الاتقان في قول أو فعل الأشياء بالطريقة الصحيحة – بينما يحكم علينا الآخرون عادة وفق دفء مشاعرنا- أي الصدق المتصور للمشاعر التي نعبر عنها. وهكذا، بينما نحن نناضل لنصل إلى الإتقان، فإن من حولنا يتأثرون بمشاعرنا الصادقة وليس بمهارتنا في اختيار الكلمات.
لاختبار فكرة أن التعبير عن الامتنان قد يكون صعبًا بسبب التحيزات الاجتماعية المعرفية الموضحة أعلاه، أجرى العلماء سلسلة من التجارب، وعلى الرغم من أن كل تجربة تم تصميمها لاختبار جانب معين من النظرية، إلا أن الإجراء الأساسي والنتائج كانت متشابهة في جميع المجالات.
باختصار، طُلب من المشاركين كتابة خطاب شكر إلى شخص كان له تأثير في حياتهم. بعد ذلك، أجاب المشاركون عن الأسئلة المتعلقة بمشاعرهم أثناء كتابة الرسالة، وكيف توقعوا أن يشعر المستلم عند استلام الرسالة. اتصل الباحثون بعد ذلك بالمتلقيين وسألوا عن شعورهم تجاه خطاب الشكر.
تأثير رسالة التعبير عن الامتنان
بعد إرسال الرسالة، أبلغ المشاركون عن ارتفاع في حالتهم المزاجية، قائلين إن التعبير عن امتنانهم بالكلمات كان تجربة إيجابية بالنسبة لهم. ومع ذلك، فإنهم ما زالوا غير مستوعبين مدى دهشة المتلقين حال استلامهم هذه الرسائل، تماشياً مع “لعنة المعرفة”، حيث نفترض أن ما نعرفه يجب أن يكون واضحاً للآخرين. في الواقع، فوجئ المستلمون ليس فقط بتلقي رسالة امتنان ولكن أيضًا بمحتوى تلك الرسالة. بعبارة أخرى، لم يكن المستلمون عمومًا على دراية بالأثر الذي تركه لطفهم على كاتب الرسالة.
علاوة على ذلك، توقع واضعو الرسالة أن يشعر المستقبلون بعدم الارتياح للتعبير عن الامتنان، لكن هذا لم يحدث في الواقع. وفي متابعة الأسئلة، قرر الباحثون أن ذلك كان بسبب مسألة الكفاءة مقابل الدفء التي ناقشناها سابقًا. وهذا يعني أنه في حين شعر مؤلفو الرسالة بالحرج أثناء محاولة العثور على الكلمات الصحيحة (الكفاءة)، فقد تأثر المستقبلون لتلك الرسائل بعمق بالتعبير عن الامتنان (الدفء)، بغض النظر عن الكلمات الفعلية التي تمت كتابتها.
الفرق بين الشكر والحمد والامتنان
يختلف الشكر عن الحمد، لأن الحمد أوسع بالمعنى فهو حالة نفسية تحمل مشاعر رضا وقبول في الحالتين الفرح والحزن، وفي جميع تقلبات الحياة سواء كانت سلبية أم إيجابية
أما الامتنان فهو يشمل الاثنين معاً الشكر والحمد وهو أعمق في الوصف لأنه شعور دائم يحمل وعياً تاماً وإدراكاً كاملاً لكل ما يحدث في الحياة.
كيف نمارس الامتنان؟
اجلس في صمت وهدوء وتنفس بعمق واستشعر قرب الله، وابدأ بإدراك النعم واشكر الله عليها، واشعر بالحب نحو جسدك ونحو كل ما حولك ثم تنفس الامتنان.
اشعر بالأوكسجين الذي تتنفسه مملوءاً بالحب واستشعر أنه يتدفق إلى كامل جسدك وأعضائك الداخلية. واستمتع بانهمار النعمة وسكينة الروح
مارس الامتنان مع الجميع
اشكر الله دائماً وأبداً “ولئن شكرتم لأزيدنكم”
وأيضاً يكون الشكر والامتنان بين الأشخاص بأن تشكر ذلك الذي قدم لك شيئاً في حياتك، وأن تشكر إنساناً فقط لتواجده في حياتك
المصدر :
الموقع الإلكتروني “الحرة”: اعرفي، فكري، قرري