تركت العولمة بصمتها الإيجابية والسلبية على صناعة الترجمة مثلما حصل مع الصناعات الأخرى، ففي مجال الإنتاج بدأنا نستفيد من دفع تكاليف أقل لمنتجات تحمل ذات المواصفات للمنتجات ذات الجودة العالية وحتى أفضل منها مثلما هو حال المنتجات الصينية، وهو أمر انتقل إلى صناعة الترجمة ذاتها. ونلاحظ اليوم أن المترجمين العاملين في أقطار العالم المتطورة بدأوا يتنافسون مع المترجمين من أبناء الدول النامية التي تدفع أجوراً أقل. غير أن مثل هذا الأمر لم ينتشر كثيرا بسبب الحواجز اللغوية، فعلى سبيل المثال ليس من السهولة بمكان أن نعثر على أشخاص ينتمون إلى بلدان مثل سيريلانكا أو بنغلادش يتحدثون بطلاقة اللغتين السويدية أو الفرنسية.
لقد أدت العولمة إلى تزايد التفاعل فيما بين شعوب العالم وثقافاتهم مما أدى إلى تعاظم الحاجة للمترجمين التحريريين والمترجمين الفوريين وهو أمر شكل نذير خير لصناعة الترجمة من سائر أوجهها. هذا إذن هو الجانب الإيجابي الذي تركته العولمة فيما يخص المترجمين.
وقد أفضى مثل هذا التفاعل فيما بين الثقافات الذي حفزته العولمة إلى ترك آثار جلية على التغييرات التي طرأت على المفردات اللغوية في اللغات المتفاعلة مع بعضها الأمر الذي أدى إلى زيادة (الاقتراض اللغوي) أي تبني مفردة ما في اللغة المترجم اليها دون أي تغيير أو تعديل عليها أو في صيغة مطوّعة قليلا وفق استخدام اللغة الأصلية. ومثل هذه العملية يطلق عليها في بعض الأحيان (التغريب) Foreignizing وهي عملية متواصلة منذ زمن بعيد وربما جعلت عمل المترجمين أكثر سلاسة.
ورغم أن مفهوم العولمة يتجه في معظمه صوب مجال الأعمال فإن هناك جوانب أخرى للعولمة من خلال علاقتها بصناعة الترجمة فانتشار اللغة الإنكليزية على سبيل المثال مرتبط على نحو وثيق بنمو العولمة رغم أن لغات أخرى استفادت من هذه العملية أيضا.
من جانب آخر وجدت آداب مكتوبة بلغات غير معروفة جمهورا أوسع لقراءتها من خلال العولمة كما أن دخول الأنترنت أضاف حافزا جديدا لهذه العملية. غير أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل مما يعطي المترجمين المزيد من الفرص الهائلة. كما أن هناك فرصا سانحة لفتح مزيد من الآفاق والتفاعلات بين الكتاب والقراء من مختلف أرجاء العالم يؤدي المترجمون من خلالها دورا أساسيا في تعضيد مثل هذه العملية وتعميقها.
ومنذ ما ينيف قليلا عن عقد من السنين وتزامن ذلك مع ظهور الأنترنت وإزالة الحواجز التجارية عبر الحدود بدأت المشاريع الصغيرة تتعرض للضغوط لتأخذ صفة عالمية وهو أمر أرتبط بتزايد الحاجة للإعلان Advertising بلغات مختلفة كثيرة حيث بدأت صناعة الإعلان تستفيد من خدمات المترجمين الاختصاصيين. كما بدأت الكثير من الشركات العالمية تشعر بحاجتها الماسة لوكالات الترجمة مما جعل الترجمة تؤدي دورا حاسما في عمل تلك الشركات. ومع توسع آفاق الترجمة بدأت الحاجة لخدماتها تتزايد بشكل متناسب. وهناك توقعات بأن تؤثر العولمة على الترجمة بشكل أعمق قياسا بالصناعات الأخرى.
وإجمالاً يمكن القول أن العولمة ماضية إلى أمام شئنا أم أبينا الأمر الذي ينبئ بتطور عمل المترجمين باضطراد.
بقلم: مات مور Matt Moore
المصدر:
http://blog.onehourtranslation.com/global-translation/globalization-and-translation-2
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.