تنفق الجامعات سنوياً أموالاً طائلة، تختلف من سنة إلى أخرى ومن مؤسسة جامعية إلى أخرى، على التسويق Marketing من خلال برامجها الترويجية التي تستهدف أستقطاب الطلبة. وفي السنوات الأخيرة دأبت الكثير من الجامعات على ترويج إعلاناتها من خلال قنوات المذياع أو التلفاز فضلاً عن اللوحات الإعلانية الملوّنة المنصوبة في الشوارع وعلى الحافلات حيث حققت بعض تلك الحملات نجاحاً باهراً. ونحن إذا نظرنا إلى قضية الإعلان من وجهة نظر الجامعة فإننا نلاحظ أن الأمر يبدو منطقياً فالجامعة تمتلك منشآت كثيرة وهيئة تدريس وفنيين وبذا فهي تشعر بالحاجة إلى استثمار مثل هذه القدرات بأفضل شكل ممكن من خلال التعاطي الناجح مع الطلبة.
ومن المحتمل أن يؤدي الإعلان في جانب منه إلى تشجيع الطلبة على الإلتحاق بالجامعة رغم أنه لم يدر بخلدهم في السابق الدخول إلى عالم التعليم العالي. غير أن مثل هذا التسويق يمكن أن يؤدي إلى إقناع الطلبة على تفضيل جامعة ما على غيرها من الجامعات وهو من هذا المنظور لا يشجع الطلبة على تطوير قدراتهم الفكرية وتعزيز فرصهم في مجال التعليم العالي فحسب.
ويبدو لي أن التسويق يمثل نشاطاً مهماً من بين النشاطات الجامعية المتعددة ليس بسبب ضرورة إبقاء التعليم العالي في إطار الوعي الجماهيري العام فحسب إنما أيضاً لأن الجامعات في حاجة لأن تحيا وتزدهر. ويمكن النظر إلى التسويق باعتباره نشاطاً تنافسياً يسعى للحصول على حصة أكبر في السوق ذاته لمؤسسة جامعية معينة. وربما تأخذ مثل هذه القضية منحى حاداً، مثلما هو حاصل في الولايات المتحدة، إذا استخدم المال العام الذي يقدّم إلى الكليات الخاصة ذات الربح للترويج لخدماتها التي تستهدف الطلبة الذين يدفعون الرسوم الدراسية أنفسهم. ومرة أخرى ليس من السهولة بمكان تصور الكيفية التي يتم بموجبها التسويق الذي لا يبرز المزايا الخاصة التي تميّز جامعة ما وما يتضمنه ذلك من تفوق هذه الجامعة على مثيلاتها.
على أن بعض الأكاديميين ينظرون إلى مفهوم التسويق ضمن إطار الجامعة باعتباره مفهوماً خاطئاً لأنه يركز في الغالب على السمات غير الأكاديمية في أية مؤسسة. في هذا السياق وصف أحد موظفي القبول السابقين في جامعة أمريكية تطور التسويق بالآتي:
(كان هناك توجه حاذق لتشجيع أكبر عدد ممكن من الطلبة المتقدمين للإلتحاق بالجامعة لأن مثل هذا الأمر أدى إلى التوسع في الإختيارات (وهذا إمتياز بحد ذاته) حيال ما تطرحه الجامعة من مقررات دراسية. وكان هناك أيضاً تأكيد متنام بشأن الترويج للجامعة التي تنتسب إليها، وهذا يحمل في طياته ليس تسليط الضوء على البرامج الأكاديمية فحسب إنما على ما تضمه الجامعة من وسائل الراحة والمنشآت الترفيهية مثل غرف الأقسام الداخلية للطلبة والطعام المتميز والمنشآت الرياضية الصحية ذات المواصفات العالية والنشاطات الصفية الكثيرة التي يستمتع بها الطلبة. وبدأت الكليات تطبع المزيد من النشرات والمطويات ذات الورق الصقيل التي تضم نصوصاً محدودة لكنها تستخدم الكثير من الصور ذات الكلفة الطباعية العالية لمصورين محترفين يظهر فيها في العادة أولاد صغار بيض من طلبة المدارس الخاصة باهظة الثمن والتي تطعّم في بعض الأحيان بصورة شخص عادي).
مرة أخرى أشير إلى أن الجامعات لا تمثل جزءاً من مؤسسة قطاع عام أكبر فحسب فكل جامعة ينبغي أن تتأكد تماماً من أنها تعمل بشكل ثابت منتظم وأن عليها أن تسعى لتوفير مواردها من خلال جهودها ونشاطاتها بهدف استحداث البرامج العلمية ذات الجودة العالية حيث يعتبر التسويق جزءاً هاماً من كل ذلك. وإذا شئت أن تعمل في ميدان التسويق فلابد أن تؤدي عملك بحرفية عالية. علاوة على ذلك هناك قبول واسع لفكرة أن الخبرة التعليمية يجب أن تصل إلى خارج قاعة الدرس.
إن الحنين إلى حقبة زمنية مزعومة تغلب فيها علم أصول التدريس على سائر أنماط المعرفة الأخرى لا يمثل فائدة كبيرة غير أن إثارة الجدل حول التسويق ربما يدلل على أن استخدامه أمر مناسب وأخلاقي، وهذا جدل ذو جدوى.
بقلم: البروفيسور فيرديناند فون بروندزنسكي
Prof Ferdinand von Prondyznski
رئيس جامعة روبرت غوردن، أبردين، أسكتلندا Robert Gordon University
المصدر:
http://universitydiary.wordpress.com
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.