«كفيف».. ملف حين قررت أن افتحه وأعرض أوراقه على الملأ استوقفني بقوة سؤال مشفق: ما الذي يجعلك تقتحم على الناس دنياهم الواسعة بقضايا فئة ضيقة مهما اتسعت؟ ومع أن لي مراجعتي العلمية على اعتقاد أن المكفوفين ـ أو في مظلتهم الأشمل المعاقين ـ هم فئة محصورة العدد إذ أن ما يمثلونه يناهز العشرة في المائة من مجموع سكان العالم، وأن من ينضمون يومياً إلى قطار المكفوفين وحدهم يبلغ ثمانية عشر ألف شخص، إلا أنني أتفق أنه من حيث التأثير والحضور الفعلي على مسرح الحياة لا تزال هذه الفئة ضئيلة ضيقة.. لأجل هذا الغياب والتغييب، فكرت بمبادرة صحفية تحاول وقف هذا الانسحاب الإعاقي من الحياة؛ مبادرة مزدوجة الخطاب للمجتمع غير المعاق وللمعاقين سيما السجناء .
فالإعاقة أحياناً كلمة خماسية الحروف قد لا تسجن الحواس فقط ولكنها قد تسجن أيضاً الإرادة والطاقة، بل وحتى كل الحياة.. فبعض المكفوفين مثلاً ـ وسأتعصب لقضاياهم عبر هذه السلسلة كوني أحدهم ـ لا يحملون في عيونهم فقط علامة كونهم لا يرون وأنهم يتحركون في الظلام سواء أغرقهم وهج الشمس أو احتوتهم أعماق العتمة، بل هم سجناء ظلمة أشد تطبق على نفوسهم تجعل الحياة تمر من حولهم غير مكترثة بهم معتبرة إياهم مشكلة تحل بالتجاهل أو بالاضطهاد أو الاستهزاء، أو بالشفقة في أحسن الأحوال.
هذه الظلمة النفسية نسجتها أصابع هؤلاء المكفوفين وحدهم، ذلك أن الإنسان ـ أي إنسان ـ هو الذي يفرض على الناس من حيث لا يشعر صورته في عيونهم بما يحدده لنفسه من إطار ونمط وهيئة وسلوك؛ بمعنى أننا نتحمل القسط الوافر من نظرة الآخرين السلبية لنا.
ـ ما الذي يغري أو يضطر من فقد بصره إلى أن يلقي بنفسه في هذا السجن الرهيب؟ هل العمى معيق إلى هذه الدرجة التي يستخف بها الكثيرون ببساطة لأنهم لم يجربوها؟
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يكون كل المكفوفين سجناء؟ ولماذا كان الكثير من هؤلاء يرون بكل ما فيهم إلا عيونهم.
وهل صحيح أن هذا النوع من المكفوفين حشروا في زاويتهم المظلمة تلك بتضييق من المجتمع؟ بمعنى أنه قدر لهم أن يدفعوا ضريبة ضعف مؤسسات مجتمع وغياب رؤية تعرف لكل إنسان قدره وكيفية توظيف ما عنده للصالح العام..!
لهذه الفئة من المعاقين تتوجه الرسالة الثانية لخطاب هذه السلسلة مصطحبة محاولات إجابات عن أسئلة من مثل:
ربما تصلح هذه الأسئلة أن تكون فاتحة حوار باعتقادي أنه غائب بين من يرى ومن لا يرى وبين الذين لا يرون فيما بينهم.
أتمنى أن تستطيع هذه السلسلة أن تمد يداً مصافحة بالنقاش ترجو أن تمد لها اليد.
الاسم: ناصر محمد نوراني
المهنة: محرر صحفي (مكفوف)
الجنسية: السودان
مكان الميلاد: جمهورية مصر العربية
تاريخ الميلاد: 25 ديسمبر 1970م
المؤهلات العلمية:
- بكالوريوس آداب (لغة عربية) جامعة الإمارات: تقدير امتياز.
- درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها من جامعة الشارقة عن رسالته صورة ذي الإعاقة في الرواية السودانية (يناير 2012)
الخبرات العملية:
محرر صحفي في إدارة الإعلام الأمني التابعة للقيادة العامة لشرطة دبي في الفترة من أغسطس 1996حتى الآن، قام خلالها بالمهام الصحفية المختلفة من إجراء التحقيقات والمقابلات والتغطيات وإعداد التقارير والملفات الصحفية لصالح مجلة الأمن، من بداية التحاقه بالعمل إلى نهاية عام 2002م حيث انتقل إلى مجلة خالد المتخصصة للأطفال مشاركاً في الإعداد والتحرير بشكل كامل، منشئاً فيها سلسلة قصصية عن الإعاقة (صابر ووليد).
جوائز وتكريمات:
- نال جائزة الشارقة للعمل التطوعي (فئة الإعلام والإعاقة) ديسمبر 2009م.
- نال جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز (فئة الجنود المجهولين) إبريل 2010م.
- كرم ضمن فريق مجلة خالد في شرطة دبي سبتمبر 2010م.
- كرم وحاز شارة تكريم لتميزه في ملتقى التميز المؤسسي على مستوى شرطة دبي نوفمبر 2010م.