إعداد : عائشة أحمد خميس
إن نجاح الإنسان وسعادته في الحياة لا يتوقفان على ذكائه العقلي فقط، وإنما على صفات ومهارات أطلق العلماء عليها اسم “الذكاء العاطفي” ثم بدأوا بإجراء أبحاث حوله، ساعين إلى توظيفه في فهم شخصية الإنسان، وتنمية قدراته التعليمية والإبداعية ورفع مستوى عمله وإنتاجه، وإرساء قواعد متينة لتكيف الإنسان داخل مجتمعه.
ذلك الإنسان الذي لم يعد قادراً على تحمل ضغوط الحياة اليومية، حيث ينتشر العنف وتكثر الجرائم والأمراض النفسية، لذا تأتي أهمية هذا المقال الذي سنعرض من خلاله مفهوم الذكاء العاطفي وجوانبه الأساسية وفوائده.
تعريف الذكاء العاطفي:
هو القدرة على فهم العواطف والتحكم فيها هو استخدام العواطف في تجسيد التفكير واستخدام التفكير في فهم العواطف وإدارتها.
والذكاء العاطفي هو المفتاح للتفكير بوضوح وإبداع وأن تكون قادراً على إدارة التوتر والتحديات بثقة وأن تتفهم الآخرين وتتعاطف معهم بشكل جيد.
ما وظائف العاطفة ؟
لقد خلق الله تعالى العواطف لتؤدي وظيفة معينة، ألا وهي حماية الإنسان من المخاطر، وضمان استمرارية وجوده، والارتقاء بهذا الوجود ، فمثلاً تدفعنا عاطفة القلق إلى البحث عن حلول للمشكلات التي تعترضنا في الحياة، في حين تبعدنا عاطفة الخوف عن عوامل الخطر، وتدفعنا عاطفة الغضب إلى الدفاع عن حقوقنا عندما يعتدى عليها، وتدفعنا عاطفة الحب إلى التضحية في سبيل من نحب.
خلف كل عاطفة رسالة، وعلينا أن نفهم هذه الرسالة جيداً، وألا نقمعها أو نكبتها حتى لا نلحق الضرر بأنفسنا، إذ تتراكم هذه المشاعر المكبوتة، ولا تلبث أن تنفجر مسببة لنا الأذى النفسي والجسدي.
تعددت وجهات النظر حول موضوع الذكاء العاطفي ومن أدق الوجهات نظرية بارون حيث تعتبر نظريته أولى النظريات التي فسرت الذكاء العاطفي عند ظهورها عام 1988 ،عندما صاغ مصطلح النسبة الانفعالية كنظير لمصطلح نسبة الذكاء العقلي وفي وقت نشر بارون أون رسالته في نهاية الثمانينات كانت هناك زيادة في اهتمام الباحثين بدور الانفعال في الأداء الاجتماعي، وجودة الحياة (السعادة).
وقبل أن يتمتع الذكاء العاطفي بالاهتمام في عدة مجالات وشهرته اليوم، حدد بارون (2000) نموذجاً عن طريق مجموعة من السمات والقدرات المرتبطة بالمعرفة الانفعالية والاجتماعية التي تؤثر في القدرة الكلية على المعالجة للمتطلبات البيئية
وتشير هذه النظرية إلى وجود تداخل بين الذكاء العاطفي وسمات الشخصية، فقد عرف الذكاء العاطفي على أنه مكون يشتمل على مجموعة من الكفاءات غير المعروفة، وقد أعد أول أداة تقيسه صممت للتعرف على الكفاءات الشخصية التي تعتبر مؤشراً للنجاح في الحياة.
كفاءات الذكاء العاطفي:
يوجد 5 كفاءات لا معرفية (شخصية) للذكاء العاطفي وهي كالآتي:
- الوعي الذاتي: يُقصد به قدرة الشخص على تقييم مشاعره الحقيقية وضبطها، ويشتمل ذلك على عنصرين أساسيين، الوعي العاطفي والثقة بالنفس.
- التنظيم الذاتي: يُقصد به قدرة الشخص على التحكّم بالمشاعر السلبية، مثل: الغضب، القلق، الخوف، والاكتئاب، من خلال الاستعانة ببعض الأساليب الخاصة بإدارة المشاعر السلبية، مثل: التفكير بإيجابية، أو المشي لمسافات طويلة، أو ممارسة التأمل.
- التحفيز: يتحقّق التحفيز بوضع أهداف محددة والإصرار على تحقيقها بطرق إيجابية، والتفاؤل عند التعرّض لأيّة عقبات تُصعّب الوصول إلى الأهداف.
- التعاطف: يُقصد به قدرة الشخص على التعرّف على مشاعر الآخرين وتلبية احتياجاتهم.
- المهارات الاجتماعية: يُقصد بها مهارات التعامل مع الآخرين، ففي حال حرص الفرد على تطوير هذه المهارات وتعزيزها فهذا كفيل بنجاحه في حياته المهنية.
كيفية تطوير الذكاء العاطفي
هناك عدّة طرق مقترحة لتطوير الذكاء العاطفي أهمّها ما يأتي:
- تحديد المشاعر السلبية: ويُقصد بها تلك المشاعر التي تُسبّب الإحباط، والتحكّم بها جيّداً بالشكل الذي يُسهّل التعامل مع المواقف الصعبة بحكمة.
- التقييم الذاتي: من الضروري لتطوير الذكاء العاطفي أن يتعلّم الشخص كيف يُقيّم نفسه بموضوعية؛ لأنّ تقييم الذات يُعّزز الإدراك ويُنمّي التواضع لدى الشخص.
- التعبير عن الذات: ويُقصد به أن يمتلك الشخص القدرة على التواصل الفعّال مع الآخرين والتعبير عن أفكاره ومشاعره بشكل جيد.
- إدارة القلق والتوتر: حيث تُشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص الأذكياء عاطفياً أفضل من غيرهم في التعامل مع القلق والتوتر الأمر الذي يُحقّق لهم نجاحاً في حياتهم بشكل عام.
- التعاطف: الحرص على مراعاة مشاعر الآخرين واحترام أفكارهم يطوّر الذكاء العاطفي للشخص.
علامات الذكاء العاطفي المرتفع
هناك مجموعة من العلامات التي تدل على تمتّع الشخص بمستوى ذكاءٍ عاطفيٍّ مرتفع، أهمّها ما يأتي:
- النزاهة: الشخص الذي يتمتّع بذكاء عاطفي يتمسّك بمبادئه وقيمه مهما كانت الظروف.
- التواضع: من خلال تقبّل النقد البنّاء لإعادة تقييم الذات وتطويرها.
- تطوير الذات باستمرار: الشخص الذكي عاطفياً يُقيّم ذاته كلّ فترة، ويتحمّل مسؤوليّة أخطائه، ويسعى إلى تحقيق أهدافه ليُصبح الشخص الذي يريد.
- التروّي: الذكاء العاطفي يُساعد الشخص على اختيار كلماته بعناية لأنّه يتحّمل مسؤولية أقواله وأفعاله.
- الانتباه والتركيز: الأشخاص الأذكياء عاطفيّاً يحرصون على التواصل البصري مع الآخرين، ويُحسنون الاستماع للأشخاص خلال الحديث معهم، ويولونهم الاهتمام والاحترام.
فوائد الذكاء العاطفي
يجني الشخص الذي يتمتّع بالذكاء العاطفي مجموعةً من الفوائد التي تؤثّر بشكل إيجابي على جوانب عدّة في حياته كالآتي:
- أداء الفرد في المدرسة أو العمل: يُحقّق الذكاء العاطفي التفوق في حياة الشخص الأكاديمية والمهنية، إذ يُساعده على تجاوز العقبات التي تواجهه في مجال دراسته أو عمله، ويُكسبه مهارات قيادة الآخرين وتحفيزهم.
- الصحة الجسدية: عندما يتمتّع الفرد بالذكاء العاطفي والقدرة على إدارة غضبه وعواطفه ومشاعره، فهذا سيحميه من مشاكل صحية خطيرة، مثل: ضغط الدم، نقص المناعة، النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، كما يُقلّل من احتمالية الإصابة بالعُقم، ويُبطئ حدوث الشيخوخة.
- الصحة العقلية: ففي حال كان الشخص قادراً على التحكّم بعواطفه فهذا يُساعده على الحفاظ على صحته العقلية ويُجنّبه نوبات القلق والاكتئاب، والشعور بالوحدة والعزلة الناتج عن الفشل في تكوين علاقات اجتماعية قوية.
- تكوين العلاقات: إنّ فهم الشخص لمشاعره وقدرته على التحكّم بها يُسهّل عليه طريقة التعبير عنها وإدراك ما يشعر به الآخرون، ممّا يُسهّل من تواصله معهم بفعالية وتكوين علاقات قوية معهم.
- الذكاء الاجتماعي: إنّ تمتّع الشخص بالذكاء العاطفي يدعم ذكاءه الاجتماعي المتمثّل بنجاحه في التواصل الاجتماعي مع الآخرين وإدراكه لاهتمام الآخرين به ومواقفهم تجاهه، والتقليل من التوتر والشعور بالحب والسعادة.
المراجع:
- جيل هاسون. (يناير 2015). الذكاء العاطفي إدارة العواطف لإحداث أثر إيجابي في حياتك ومسيرتك المهنية . Generic.
- سلامي دلال. ( مارس2016). الذكاء العاطفي- مدخل نظري. جامعة الوادي: مجلة الدراسات و البحوث الاجتماعية،العدد15
- محمد مروان. (2020). ما هو الذكاء العاطفي؟
- معاذ الشحمة. (2.7.2021). الذكاء العاطفي وأهميتة في العلاقات مع الآخرين، قناة النجاح
عائشة أحمد خميس
- اختصاصية نفسية في فرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالمنطقة الشرقية خورفكان
- عضو مجلس الاختصاصيين النفسيين والمشرفين التربويين