كثيرة هي مجالات السبق والريادة التي تسجل لمدينتنا؛ مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية؛ هذه المؤسسة العريقة التي وضعت نصب عينها منذ تأسيسها وبداية عملها في اكتوبر سنة 1979 أن تكون سباقة ورائدة على كل المستويات وفي كل المجالات.. فكان ظهورها إلى حيز الوجود بحد ذاته سبقاً وريادة في منطقة كانت تفتقر إلى تقديم خدمات غير مسبوقة للمجتمع عامة وللأشخاص ذوي الإعاقة على وجه الخصوص.
المتتبع لمسيرة مدينتنا الزاخرة بالانجازات لا يسعه إلا أن يقف بإجلال واحترام واعجاب عند الكثير من المحطات التي أحدثت بالفعل فرقاً ملحوظاً في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم والشواهد كثيرة والأمثلة أكثر من أن تعد أو تحصى؛ إنشاء نواد وجمعيات وجماعات ومجالس؛ مبادرات ومشاريع وبرامج لتحسين شروط حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وظروفهم؛ التعليم والتدريب والتأهيل والتشغيل؛ ادخال الوسائل التعليمية المتطورة.. التأسيس لخدمات استباقية ووقائية كالكشف والتدخل المبكرين وحملات المسح عن الإعاقة.. المبادرة إلى تقديم خدمات تخصصية لإعاقات بعينها.. المساهمة بفاعلية في تطوير الكوادر العاملة في المجال وتزويدها بأحدث البرامج والنظريات.. المشاركة المشهود لها والعضويات في منظمات وروابط إقليمية وعربية ودولية؛.. والقادم يعد بالمزيد والمزيد؛ ذلك أن الهمم عالية لا تفتر والطموحات كبيرة لا تحدها حدود ولا تحول دونها عقبات ولا صعوبات.
ونظرة سريعة إلى أبرز المحطات والإنجازات التي استطعنا تحقيقها بفضل تناغم وتكامل أطراف العملية التربوية والتأهيلية في مدينتنا كفيلة بالتأكيد على صوابية توجهنا وواقعية مشاريعنا وطموحاتنا التي نعمل من أجلها ونسعى إليها؛… ففي العام الدراسي المنقضي وحده توسعنا في تقديم الخدمات العلاجية بإنشاء المركز المسائي، ونجح مركز مدينة الشارقة للسمعيات في تنفيذ عمليتين ناجحتين لزراعة القوقعة ضمن برنامج طموح يعد بالمزيد،..
وفي المجال التعليمي والأكاديمي طورنا خدماتنا بإنشاء مركز التقنيات المساندة وأدخلنا السبورات التفاعلية بعد الذكية في العملية التعليمية، وأفسحنا المجال أمام طلبتنا لمواصلة تعليمهم بما فيه التعليم الجامعي وكانت إحدى طالباتنا؛ فرحاحافظ عبد الحكيم أول خريجة جامعية صماء على مستوى الدولة، نة وتوسعنا كذلك في الدمج التربوي فتمكنا من دمج 158 طالباً من مختلف المراحل في المدارس العامة والخاصة، وفاز عدد من طلبتنا بجائزة الشارقة للتميز التربوي وفاز آخرون بجائزة أفضل ملف إنجاز في اللغة العربية على مستوى الدولة، وحصل 28 من طلبتنا على الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي.
أما في مجال التأهيل والتشغيل فقد تمكنا من توظيف 13 شخصاً من ذوي الإعاقة في عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة ونجحنا في توسيع عرض منتجات ورشنا وابداعات طلبتنا محلياً في الشارقة ودبي ودولياً ضمن جناح الشارقة في معرض بورصة برلين الدولية للسياحة، ونجحت طالباتنا في ورشة التغذية باجتياز متطلبات برنامج الشارقة لسلامة الأغذية وحصلن على شهادة الممارسات الصحية الجيدة (GHP)، وشكل 18 من طلبتنا من ذوي الإعاقة الذهنية أول فرقة كشفية من نوعها على مستوى الشارقة.
وفي المجال الفني شارك طلبتنا في احتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية بأوبريت حلم الشرق، وفي المهرجان الأول للمبدعين من ذوي الإعاقة في المغرب. ورياضياً كان حصاد طلبتنا زاخراً بالانجازات والمراكز المتقدمة سواء في بطولة البوتشيا ومهرجانات الأولمبياد الخاص على مستوى الدولة أو البطولات التي نظمها اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين.
وتنوعت أنشطتنا وحملاتنا لتغطي جوانب ثقافية وتوعوية هامة أو لتقوي شراكاتنا المجتمعية؛ كملتقى المنال الإعاقة وأدب الأطفال ضمن احتفالات الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية،.. وورشة ستانفورد بينيه ـ الصورة الخامسة، والبرنامج التدريبي حماية الطفل من العنف، وحملة الزكاة التي أطلقها مركز الشارقة الإعلامي ومؤسسة الشارقة للإعلام وحظيت بدعم ومساندة صاحب السمو حاكم الشارقة وحققت ريعاً غير مسبوق كان له الأثر الكبير في تغطية العجز المالي الناجم عن ارتفاع كلف التشغيل.
ولا يفوتنا أن ننوه بالنشاطات التي نظمتها المدينة لتقوية مشاعر الانتماء والولاء للوطن من خلال المشاركة الفاعلة في احتفالات يوم العلم واليوم الوطني، حيث فاز طلبتنا في نوفمبر 2013 بجائزة أجمل مبادرة على مستوى الشارقة تمثلت بحمل علم دولة الإمارات بطول 300 متر قام بصنعه طلبتنا في قسم التأهيل.
وعلى صعيد الجوائز والتكريمات أيضاً تفوق طلبتنا وموظفونا في أكثر من مجال، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر فوز الطالب يوسف علي بالمركز الأول في مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القرآن الكريم بالسعودية، وتكريم مدينتنا كمؤسسة صديقة للأم والطفل من المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وفوزها بجائزة منظمة الأسرة العربية للترابط الأسري، والمركز الأول لمسابقة الوعي البيئي.
أخيراً لابد أن نشيد هنا بالتوجه الراقي الذي قدمت به مدينتنا قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة بأسلوب علمي رصين وبلغة راقية مدروسة وبمصطلحات منتقاة بعناية ودقة، ولا نبالغ إن قلنا إن مصطلحات تستفز السمع وتجرح المشاعر وما زالت تستخدم على ألسنة بعض الناس من العامة والاختصاصيين من أعلى الهرم إلى أسفله قد اختفت كلياً من قاموس مدينتنا.. وعودة سريعة إلى أدبياتنا ــ حتى القديمة منها ــ لا نرى فيها أي هدر لكرامة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، لا نستشف فيها أي تذلل أو استجداء، ولا نرى فيها أية إهانة لهم أو إراقة لماء وجوههم.. بقدر ما نرى فيها تثقيفاً وتنويراً بالإعاقات وطبيعتها، وتعريفاً سليماً بأصحابها وقدراتهم وكيفية التعامل معهم، واقناعاً ومطالبة بحقوقهم واستحقاقهم لها عن أهلية وجدارة لا عن محاباة أو مراضاة.
وبكلمة واحدة:
السبق والريادة ليستا مراتب عالية يصل إليها المرء فيركن ويستريح.. بل هما طموح واصرار مستمر لتقديم الأفضل دائماً في خدمة المجتمع عامة والأشخاص من ذوي الإعاقة وأسرهم بشكل خاص… وهذا ما عاهدنا به أنفسنا عن إيمان وقناعة وطيب خاطر.