أدت العولمة إلى إزدهار التجارة الدولية بشكل غير مسبوق وكذلك تعاظم حركة رؤوس الأموال ودفعت بلدان العالم إلى التقارب فيما بينها كما أسهمت في ظهور إختراعات كثيرة في ميداني العلم والتكنولوجيا. غير أنها في الوقت ذاته أدت إلى إلحاق أضرار بالغة بالبيئة أيضاً.
لقد تركت العولمة آثاراً بعيدة المدى على نمط حياتنا فقد أصبح إستخدام التكنولوجيا أمراً ميسوراً كما تحسنت وسائل الإتصال وكذلك الإبتكار. وإلى جانب دور العولمة المهم في عملية التقارب الحضاري فإنها بشرت بإزدهار إقتصادي جديد وفتحت قنوات تطور هائلة. لكنها مع ذلك خلقت أيضاً بعض مظاهر القلق لعل أبرزها تأثيرها على البيئة. وأصبحت كلمة العولمة تتردد كثيرا في الحوارات التي تدور حول حماية البيئة حيث سلط النشطاء الخضر الضوء على آثارها السلبية.
وقد أشار نشطاء في مجال البيئة إلى أن العولمة قد أدت إلى تزايد استهلاك المنتجات الأمر الذي أثر على الدورة البيئية، ثم أن زيادة الإستهلاك تؤدي إلى حصول زيادة في إنتاج السلع وهذا بدوره يشكل ضغطاً على البيئة فضلاً عن زيادة نقل المواد الأولية والأطعمة من مكان لآخر. وفي الوقت الذي إعتاد فيه الناس في الماضي تناول الطعام الذي ينتجه الإنسان بيديه بدأ الناس في ظل العولمة يستهلكون المنتجات التي تتم صناعتها وتطويرها في بلدان أجنبية.
ثم إن كمية الوقود الذي يتم إستهلاكه لنقل تلك المنتجات أدى إلى تزايد مستويات التلوث البيئي والذي أدى بدوره إلى بروز مظاهر قلق بيئية مثل التلوث الصوتي والتدخل في الطبيعة. وأدت عمليات نقل المنتجات بدورها إلى ممارسة الضغط على مصادر الطاقة غير المتجددة مثل البنزين. وعملت الغازات المنبعثة من الطائرات على تآكل طبقة الأوزون، أما النفايات الصناعية الناشئة عن عمليات الإنتاج فأصبحت تحمّل على السفن وتلقى في المحيطات مما تسبب في قتل الكثير من الكائنات الحية التي تعيش في أعماق المياه وكذلك تراكم الكثير من المواد الكيمياوية المضرة في المحيط. فعلى سبيل المثال أدى النفط المتسرب من إحدى ناقلات النفط الخام البريطانية في عام 2012 إلى خلق تلوث بيئي أثر على الأحياء المائية.
ثم إن العولمة وما يصاحبها من عمليات تصنيع تؤدي إلى ترسب مواد كيمياوية مختلفة في التربة مما أدى إلى نمو الكثير من الأعشاب والنباتات الضارة التي ألحقت الضرر الكبير بالنباتات من خلال التدخل في بنيتها الجينية. من جانب آخر بدأت الموارد الطبيعية المتيسرة تتعرض للضغط وبدأ الإنسان يحفر الجبال في مناطق مختلفة من العالم لعمل الأنفاق أو شق الطرق السريعة كما تعرضت أراضي بكر شاسعة إلى الإنتهاك تمهيداً لإنشاء مبان جديدة.
وفيما يشعر بنو البشر بالبهجة وهم يحققون مثل تلك (الإبداعات) فإن البيئة لابد أن تتأثر على المدى البعيد. وتوصلت الكثير من الدراسات التي أجريت طوال سنين عديدة إلى أن مادة البلاستيك تعتبر إحدى الملوثات السامة الرئيسية لكونها منتوج غير قابل للتحلل. مع ذلك تعتبر مادة البلاستيك ذات أهمية كبرى لحفظ البضائع وتغليفها وتهيئتها للتصدير. هذا الأمر أدى إلى تزايد أستخدام البلاستيك الذي تسبب بدوره في حصول تلوث بيئي واسع النطاق.
لقد تغيرت حياتنا كثيراً بفعل العولمة وأصبح من غير الممكن التصدي لها ومنع تقدمها. والحل الوحيد يتمثل في تطوير آليات فاعلة يمكن أن تعرقل تأثير العولمة على البيئة. أما الباحثون فيرون أن التعاطي مع هذه المشكلة يكمن في المشكلة ذاتها بمعنى أن العولمة يمكن أن تقدم الدعم لبناء هيكلية أفضل مناسبة من الناحية الإقتصادية ورفيقة بالبيئة. ولأن المنافسة تشكل عنصراً جوهرياً في إطار العولمة فإن شركات القطاع الخاص التي تسبق غيرها من الشركات في صداقتها للبيئة يمكن أن تشجع الأخريات على أتباع النهج ذاته.
من الضروري أن نبذل بعض الجهود لخلق إنسجام مع البيئة لأن وجود البشر على هذا الكوكب يعتمد إلى حد كبير على البيئة مما يدفعنا إلى ضرورة الإنتباه إلى عواقب أفعالنا. ورغم أن الجدل ما يزال محتدماً حول هذه القضية فإنه يتعين علينا أن نتبنى سياسات فورية وفاعلة قابلة للتنفيذ. أضف إلى ذلك يتعين على قادة الدول أن يتحملوا المسؤولية ويعملوا على تقليص مدى الضرر الذي يلحق بالبيئة باديء ذي بدء ومن ثم العمل على إزالة مثل هذا الضرر تماماً.
المصدر:
http://www.buzzle.com/articles/globalization-and-its-impact-on-the-environment.html
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.