تحولت حديثاً إلى نمط آخر من الإعاقة حيث كنت لسنوات خلت من ضمن أصحاب الإعاقة البصرية، الذين يكافحون في كل مكان سواء في متاجر التسوق أو وسط التجمعات أو حتى في مواقف السيارات. كنت أبدو كسيدة مسنة تنشد المساعدة من الصبية وهي مضطرة لتلك المساندة. أحياناً أطلب المساعدة ولكن كانت الطريقة الأسهل هي الرجوع إلى المنزل والتوقف عن التسوق أو مشاهدة المتنزهات.
أعاني الآن من بعض المشكلات التي كنت أتجاهلها عندما كنت أتجول تملؤني الغبطة والسرور وأنا معتدلة القامة. كنت لا أعرف معنى السقوط على الأرض.
أصبت بالتواء الكاحل الذي لم يكن من الخطورة بمكان، قمت بتضميده وبعد أيام قلائل شعرت بالتحسن وكانت الأمور على ما يرام. ثم بدأت أسقط على الأرض لعدة مرات. اكتشفت أن هناك تلفاً عصبياً أو ربما قطعاً في العصب وتورماً في ذات الساق. وأثناء وضع الضمادة كانت الساق تبدو سليمة وقوية ولكنها من غير ضمادة كانت تبدو متورمة. أدركت أن الوضع غير مستقر لذا حرصت على تجنب التعرض للكسور خصوصاً بعد أن تم تشخيصي بمرض هشاشة العظام.
استغرقت بالتفكير فيما يوافقني من معينات تساعدني على المشي … حتماً ليست عكازة لأن ساعديّ لا يقويان على ذلك…. وليست ذاك الكرسي الذي يستخدم للمشي حيث أني أجد صعوبة في إدخاله وإخراجه من السيارة…. العصا ذات المقابض تحتاج إلى جهد أكبر… كرسي متحرك … ليس لدي استعداد لاستخدامه.
أقترح عليّ أحدهم أن استخدم نوعاً جديداً من العصي المساندة كانت لي بمثابة هدية من السماء. حيث كنت أود أن اقتني عصياً سوداء اللون ولكن أبن عمي حثّني على اقتناء تلك ذات اللون الأبيض حيث أنها سهلة التمييز. أحسست باني سأقارع بهما دارث فيدر (بطل حرب النجوم) ثم تغيرت حياتي.
كان كثير من الناس يعرضون عليّ المساعدة عند دخولي أماكن التسوق، كانوا يبادرون للاعتذار مني عندما يدركون أنني انتظرهم بفارغ الصبر ليفسحوا لي الطريق. كنت أتعرض لبعض الأسئلة منذ استخدامي لتلك العصي مختلفة الشكل. ولكن من ناحية أخرى لم أظل تلك السيدة العجوز المستحية بل ظللت واقفة شامخة أقارع خطوب الحياة. كان الجميع يفعلون ما بوسعهم لمساعدتي وكنت أحياناً احصل على المساعدة عندما لا أكون في حاجة حقيقية لها. أصبحت إعاقتي واقعاً كما تبدو الآن.
وضعت نفسي في طور الجنون كمن يتجول في المتجر وهو يدرك أن ليس بوسعه أن يستخدم عربة التسوق الصغيرة تلك التي يفضلها، فعربة التسوق لا تناسب ذاك النوع من العصي التي استخدمها ولا حتى العربة الأكبر منها حجما. كنت احمل هاتفي المتحرك في كل مكان فهو بمثابة كتابي الجديد الذي أستسقي منه المواد والمعلومات.
حسنا لنقم بتجريب حمل الهاتف المتحرك ومذكرتي على عصي المساندة… ثم أخيرا وللمرة الأولى أستخدم حقيبة ظهر قابلة للطي والتمدد، مزودة بحواجز عميقة ومتعددة الجيوب، بطريقة تلبي احتياجاتي حيث يمكن ضبطها بالطريقة التي تناسبني ولكن في بعض الأحيان أمتعض منها، وتارة أخرى استلطفها. كنت لا أحبذ حمل الأشياء وخصوصاً أن مرض الربو سيصطحبني طيلة حياتي، وقد تحولت حالة الربو التي تلازمني إلى حالة خفيفة مستمرة أعتقد أنها لا تزول عني. كان السبب فيها استنشاق حزام محفظة الجيب الصغيرة التي كنت أحملها لعدة سنوات مضت. لذلك السبب استبدلتها بكيس كبير من القماش بقيمة خمسة دولارات من محلات (قوود ويل) أضع فيه متعلقاتي وأغراضي ثم استبدلته مؤخرا بحقيبة الظهر.
اشتريت محفظة معصم صغيرة Wristlet أضع فيها نقودي وبطاقات الائتمان التي يمكن سحبها واستخدامها بشكل منفصل ليتسنى لي استخدامها بسهولة، وأحمل شاحن الهاتف من نوع (مورفي Morphie) وأيضاً شاحن السيارة ومجموعة من الأدوات التي استخدمها للعناية بالفخذ، لم أترك شيئاً للصدفة كما كنت أفعل في سنوات خلت.
أحضرت علبة نظارات حتى لا أفقد أو أكسر نظارات القراءة كما كان يحدث معي في الماضي القريب، وحقيبة قماش صغيرة إضافية للتسوق – على الرغم من أنني وجدت ما يكفي من الأشياء المعلقة على العكازات تميل إلى جعلني أقل أماناً وقائمة المحتويات تطول.
تعلمت من المشي بالعصي أن أتوخى الحذر وأنا محدقة بنظري إلى الأرض أترنح في المشي بطريقة غير قويمة أنها نتاج إحدى المشكلات الطارئة لمتلازمة (إهلرز- دانلوس) حيث يمكن في أي وقت أن تفقد الإحساس بأحد أعضاء جسمك وعندما تسوء الأمور أكثر ستكون في حيرة من أمرك عما تفعله ولهذا السبب سميت هذه المتلازمة بمتلازمة (الأخرق).
أنا الآن في مرحلة العلاج الفيزيائي المستمر أستطيع أن استخدم عصي المشي بشكل سليم كما أستطيع الوقوف معتدلة والمشي باستخدام العصاتين الاثنتين.
منذ أن بدأت الخضوع للعلاج الطبيعي والبدء في تمرين العضلات المصابة بدأت في التحسن المطرد شيئاً فشيئاً وأصبح بإمكاني الوقوف حتى بدون العصي بالرغم من أن تلك العضلات ما زالت تعاني حالة من الوهن والضعف عقب خضوعي لعملية جراحية منذ عامين وصارت قصة سقوطي على الأرض أمراً غير وارد الاحتمال.
ومع مرور الوقت ظللت أشعر بالتحسن رويداً، رويداً، الآن اذهب لأتمشى حتى حين شعوري بالإرهاق أو الإعياء، وارتاد الأماكن التي تتطلب الوقوف لفترات أطول، وكذلك يمكنني أخذ قسط من الراحة متكئة على عصاتي. وبالطبع لا يمكنني التخلي عن التسوق، أتحرك أكثر وأستمتع أكثر. وعندما يبدي أحدهم الشفقة علي، أخبره بأنها الطريقة المحببة والأمثل لدي فهي تجنبني الاستسلام للكرسي المتحرك، فدعوني أتحرك معتمدة على ذاتي.
أصبحت الآن قادرة على التسوق كما أريد أثناء استخدامي لعصي المشي. أريد عربة تسوق ممتلئة تطفح بالأغراض أربطها لتتبعني. ماذا؟ أليس ذلك ممكنا؟ بعد كل ذلك، الان أصبحت أملك عصي حرب النجوم.
(*) متلازمة إهلرز – دانلوس هي مجموعة من الاضطرابات الموروثة التي تصيب الأنسجة الضامة الموجودة في البشرة والمفاصل وجدران الأوعية الدموية في المقام الأول. وتُعد الأنسجة الضامة مزيجاً مركَّباً من البروتينات والمواد الأخرى التي تعطي القوة والمرونة للهيكل التشريحي الأساسي للجسم. ولدى الأشخاص ذوو متلازمة إهلرز-دانلوس عادةً مفاصل ذات مرونة مفرطة وبشرة قابلة للتمدد وضعيفة. ويمكن أن تصبح هذه الحالة مشكلة في حالة الإصابة بالجروح التي تتطلب الخياطة ذلك أن الجلد لا يكون قوياً بالقدر الكافي لتثبيت الغُرز… (المحرر)
الكاتبة: ديليا لينسفورد
- [email protected]
- باحث ومترجم، مهتم بالقضايا الاجتماعية والعمل الإنساني ومناصرة قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة.