إعداد : دعاء محمد عبد الله دريدي
مشرف وحدة التعليم الدامج في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، مقيِّم جودة معتمد في التعليم الدامج
تعتمد فعالية أي نظام تعليمي، وخاصة نظام التعليم الدامج، على الثقة التي يمنحها المجتمع لمؤسساته التعليمية وأعضائها. ويتطلب تحقيق هذه الثقة مستوى عالٍ من السلوك المهني والمسؤولية الأخلاقية، حيث يلتزم العاملون بالمعايير التي تتجاوز المتطلبات القانونية. إذ إن تطبيق التعليم الدامج بنجاح لا يعتمد فقط على البنية التحتية والسياسات، بل يتطلب أيضاً التزاماً قوياً من العاملين في التعليم تجاه قيم المهنة ومبادئها الأساسية.
اقرأ ايضا: دور الأسرة في دعم التعليم الدامج: تعزيز النجاح والشمولية
أولاً: المسؤولية تجاه الذات كمهني أخلاقي
المهنيون العاملون في التعليم الدامج ليسوا فقط ممثلين للمؤسسات التي يعملون فيها، بل هم أيضاً نماذج يحتذى بها. ولذلك، يجب على كل محترف أن يظهر التزاماً واضحاً تجاه نفسه كمهني أخلاقي. ويعني ذلك:
- المعرفة والدعم المستمر للسياسات: يتعين على المهنيين فهم اللوائح والإجراءات ذات الصلة بممارساتهم والالتزام بها، بغض النظر عن آرائهم الشخصية. فممارساتهم يجب أن تكون محايدة وتتماشى مع الإطار القانوني والأخلاقي المحدد.
- المساءلة الشخصية: يجب على المهنيين تحميل أنفسهم المسؤولية عن سلوكهم الأخلاقي، بما في ذلك الحفاظ على صحتهم النفسية والجسدية لضمان قدرتهم على أداء واجباتهم بكفاءة.
- التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية: ينبغي على المهنيين اتخاذ خطوات مناسبة للتعامل مع القضايا الشخصية أو الصحية التي قد تؤثر على واجباتهم تجاه الطلاب.
ثانياً: الالتزام بمعالجة القضايا الأخلاقية
تتطلب المهنة مواجهة القضايا الأخلاقية بحكمة واستباقية، مع السعي المستمر لحلها بطرق تحافظ على احترام الجميع وتصب في مصلحة الطلاب. ويشمل ذلك:
- حل النزاعات بروح بناءة: يجب على المهنيين اتخاذ خطوات لحل أي نزاعات قد تنشأ، واتخاذ إجراءات استباقية في حال وجود شكوك حول ممارسات غير أخلاقية من قبل زملاء آخرين.
- التعاون في التحقيقات الأخلاقية: التعاون الكامل مع التحقيقات والإجراءات الأخلاقية، حيث يعكس هذا التعاون احترام المهنيين للمجتمع المدرسي وقيمه.
ثالثاً: تعزيز المهنة ودعم المجتمع
من مسؤوليات المهنيين العاملين في التعليم الدامج أن يسهموا في تعزيز المهنة داخل المجتمع المدرسي وخارجه، وأن يعملوا على دعم السياسات والمبادرات التي تصب في مصلحة التعليم وتوفر فرصاً عادلة للطلاب. ويمكن تحقيق ذلك من خلال:
- دعم القرارات الإيجابية: المشاركة الفعالة في صنع القرارات التي تعزز التعليم الدامج وتؤثر إيجابياً على العملية التعليمية.
- الانخراط في الجمعيات المهنية: الانخراط في الأنشطة والجمعيات التي تدعم التعليم الدامج، والمشاركة الفعالة في تطوير السياسات التي تخدم المهنة.
رابعاً: المسؤولية تجاه الطلاب
يعتبر احترام حقوق وكرامة الطلاب من المبادئ الأساسية في التعليم الدامج، حيث يلتزم المهنيون بمعاملة الطلاب بكرامة واحترام، مع ضمان تعزيز صحة الطلاب وسلامتهم ورفاهيتهم. ويتحقق ذلك من خلال:
- احترام حقوق الطلاب: يشمل ذلك التعامل مع الطلاب بشكل يعكس احتراماً لخصوصياتهم، مراعاة الفروق الثقافية، وتعزيز بيئة تعليمية آمنة.
- فهم احتياجات الطلاب: يشمل التزام المهنيين بفهم احتياجات الطلاب التعليمية والشخصية، وتقديم الدعم المناسب لهم لتحقيق إمكانياتهم.
خامساً: المسؤولية تجاه مجتمع المدرسة
تتطلب البيئة التعليمية الفعالة تعزيز علاقات إيجابية وتفاعلات مع كافة أعضاء المجتمع المدرسي، بما في ذلك أولياء الأمور والزملاء. ويشمل ذلك:
- التواصل مع أولياء الأمور: التواصل المستمر مع أولياء الأمور بما يخدم مصالح الطلاب، والحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بهم.
- التعاون مع الزملاء: الالتزام بروح التعاون والعمل الجماعي مع الزملاء بما يخدم أهداف التعليم الدامج.
سادساً: الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للتقنيات
في عصر التكنولوجيا، يصبح الاستخدام الأخلاقي للتقنيات مسؤولية حتمية. ويشمل ذلك:
- الحفاظ على الخصوصية والأمان: الالتزام بالحفاظ على سرية بيانات الطلاب وسجلاتهم التعليمية في جميع الأشكال الإلكترونية.
- التفاعل المسؤول عبر وسائل التواصل الاجتماعي: تجنب الممارسات التي قد تؤثر سلباً على سمعة الفرد المهنية أو علاقته مع الطلاب والمجتمع.
سابعاً: المسؤولية عن الكفاءة المهنية
تعد الكفاءة المهنية جزءاً لا يتجزأ من مسؤولية المهنيين في التعليم الدامج، حيث يُظهر المهنيون التزامهم بمعايير عالية من الأداء وتطوير مهاراتهم بشكل مستمر. ويشمل هذا الجانب:
- الالتزام بمعايير الممارسة: الالتزام بقوانين وسياسات التعليم الدامج في الدولة وتطبيقها بفاعلية في البيئة التعليمية. قبول مسؤوليات وأداء واجبات وتقديم خدمات متوافقة مع مجال التخصص ومعرفة محتوى الممارسة والكفاءة وتقييمها بشكل مستمر.
- التعليم المتكافئ: العمل على توفير فرص تعليمية متساوية لجميع الطلاب بغض النظر عن خلفياتهم.
- التعلم المهني المستمر: التزام المهنيين بتطوير مهاراتهم ومعارفهم باستمرار لضمان تحديث كفاءاتهم ومواكبة التطورات في المجال.
- الاستخدام المسؤول للبيانات والتقييمات: استخدام التقييمات والتشخيصات المناسبة للأغراض التي صممت من أجلها والبحث عن الأدلة والبيانات التعليمية والبحوث والمعرفة المهنية واستخدامها لتوضيح الممارسة واستخدام البيانات بدقة وموثوقية.
- التعلم من الخبرات العملية: تطبيق التدريبات واستقبال التغذية الراجعة.
- بناء بيئة صفية دامجة: تصميم البيئة الصفية وتعزيز العلاقات الإيجابية والعمل الجماعي وإدارة السلوك بطرق إيجابية.
المبادئ العامة في التعليم الدامج بين النظرية و التطبيق
- فهم الخصائص الفردية للطالب.
- التعاون مع الوالدين.
- تحديد المستوى الحالي للطالب.
- تحديد المهارات التي سيتعلمها الطالب.
- تحديد الأهداف التدريسية.
- (تجزئة الأهداف) السلوك النهائي المراد تحقيقه كي تكون قابلة للتدريس والقياس.
- اختيار طرق التدريس المناسبة لتحقيق الأهداف.
- اختيار المواد والوسائل التعليمية.
- تنفيذ البرنامج التدريسي.
- قياس مدى تقدم الطالب وفقاً للأهداف التي تم تحقيقها لتحديد فاعلية التدريس وتوثيق التحسين في أداء الطالب.
- قياس مدى فاعلية التدريس بناءً على تغير أداء المتعلم في الصف الدراسي داخل المدارس الدامجة.
- استخدام التدريس المنظم والموجه من خلال توضيح الممارسة الموجهة المدعمة بالتغذية الراجعة.
- التوجيه للعمل على الاستجابات المهمة من خلال الاستفادة من وقت التعلم للتركيز على موضوع محدد.
- إتاحة الفرص التعليمية الكافية بناءً على التقييم المستمر، وتحديد الأهداف المناسبة، وتوفير المثيرات اللازمة، وتحليل المهارات، واستخدام التصحيح الذاتي.
- تزويد الطالب بالتغذية الراجعة الفورية.
- تهيئة الظروف الإيجابية الممتعة والمنتجة للتعلم.
- استثارة دافعية الطالب بالتشجيع والدعم والتعزيز الإيجابي.
- ضمان انتباه الطالب من خلال: مراعاة كيفية تقديم المهمة التعليمية، استخدام المثيرات اللفظية والجسمية والإيمائية المشجعة، واستخدام خطوات إجرائية تدريسية يتعلمها الطالب.
خاتمة
إن الميثاق الأخلاقي لمهنيي التعليم الدامج يُعد حجر الأساس لنجاح هذا المجال، حيث يسهم في بناء بيئة تعليمية شاملة تحترم كرامة الطلاب وتعزز من مشاركتهم في العملية التعليمية. ويعد التزام المهنيين بهذه المبادئ ضماناً لتحقيق بيئة تعليمية آمنة وعادلة تتماشى مع قيم المجتمع وتلبي احتياجات جميع الطلاب بشكل متكافئ.
المراجع :
- الميثاق الأخلاقي في التعليم الدامج – وحدة التعليم الدامج – الإصدار الأول – فبراير 2023
- UNESCO International Bureau of Education. (2021). Inclusive Education Resource Pack.
- UNICEF. (2021). Inclusive Education: Providing Access to Education for All Children.
- Nind, M., & Co-authors. (2014). Ethics and Research in Inclusive Education: Values into Practice. Routledge