الحديث عن إجراءات عملية للنهوض والارتقاء بواقع الأشخاص ذوي الإعاقة يتطلب وقبل كل شيء التوقف عند مفهوم البيئة بكل أبعادها باعتبارها الوعاء الذي يحتضن جميع النشاطات الأخرى على اختلافها وتنوعها ويؤدي إليها.
ومن دون تطوير هذه البيئة يبقى أي عمل ناقصاً ومنقطعاً عن سياقه المجتمعي بعيداً عن تحقيق مفهوم الدمج الحقيقي الذي يتمنى كل العاملين في المجال ألا يبقى مجرد مفهوم نظري بل أن يتحول إلى واقع عملي يتجسد في خير صوره بالوصول إلى بيئة بلا حواجز وتذليل كل المعوقات العمرانية والمعنوية التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة وتحد من اندماجهم في المجتمع وقدرتهم على العطاء، تلك الحواجز التي إن اعترضت أية فئة في المجتمع فستعوقها حتماً عن ممارسة دورها الطبيعي وإنجاز أعمالها وسوف يؤدي بالضرورة إلى تراكمات سلبية للقوى المنتجة ليس فقط تعطيلها عن الإسهام في بناء أوطانها ومجتمعاتها، لا بل عدم قدرتها على مساعدة نفسها، وهي القوى التي نطمح للوصول بها إلى مرحلة الانتاج.
إن نقل الشعارات من حيز الكلام إلى حيز الواقع لا يتم بجهود فردية أو حتى جهود مؤسساتية بل بجهود الدول مجتمعة؛.. وبالطبع هذا لا يعفي جهات كثيرة معنية من واجباتها ـ بمن فيها المؤسسات والمراكز صاحبة العلاقة والهيئات والجمعيات الحكومية والخاصة ومؤسسات البحث العلمي والجامعات والمعاهد والمدارس ـ والمعول عليها في نشر الوعي بين صفوف الأجيال القادمة وتقديم البحوث الضرورية التي نفتقد معظمها ما يجعلنا في حاجة إلى البدء بإنشاء قاعدة بيانات تقوم على نتائج البحوث المسحية التي تبنى عليها لاحقاً بحوث وصفية تضع يدها على مكامن الخلل والداء وتصف الدواء.
هنا لابد من القول إن التنمية البشرية في أي مجتمع هي خير ثروة له، وكما أن البحوث ضرورية في علوم الاجتماع فإن البنية التحتية ضرورة هي الأخرى لتبنى عليها المشاريع العمرانية، ونعود لنؤكد أن البنية التحتية ليست مجرد حجارة مرصوفة وأبنية مشيدة، لكنها فكر طالما دعا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة إلى تطويره بغرس وتعزيز مفهوم العمل التطوعي وتخصيص الجوائز له، ذلك أن العمل التطوعي بمعناه الأسمى انتماء إلى الوطن وبذل الوقت والمال في سبيله وهو التزام إنساني بمساعدة الآخرين، وهو المبدأ والمنتهى، والخطوة الأولى والأهم في إعطاء المثل الحي والقدوة الحسنة لجميع فئات المجتمع وأفراده.