ارتبط تاريخ التطور الاجتماعي والصحة العامة والازدهار الاقتصادي بشكل وثيق بمعدل القدرة على القراءة والكتابة literacy، فالمجتمعات التي تتمتع بمعدلات معرفية عالية حققت تقدما اجتماعياً وتكنولوجيا واضحا فيما تخلفت المجتمعات الأخرى ذات المعدلات الواطئة. ومثالا على ذلك يبلغ معدل القراءة والكتابة في جمهورية أفريقيا الوسطى نحو 37% مقارنة بألمانيا التي يصل المعدل فيها الى 100%، الأمر الذي يجعل التباين في رفاهية الفرد أمرا جليا للعيان بين البلدين.
وغدت مسألة القراءة والكتابة أكثر تعقيدا من ذي قبل فالأمر بدأ يتعلق بالقدرة الحسابية أو المقدرة على التعامل مع المسائل الرياضية والتي تؤثر كثيرا على المقدرة العلمية، وبذا بدأت هذه العملية تشمل قدرة القراءة والكتابة الرقمية في عصر التكنولوجيا والمعلومات. وحتى قضية القراءة والكتابة التقليدية لا يمكن النظر اليها باعتبارها أمرا يسيرا في العادة فأصحاب الأعمال في البلدان المتطورة يشتكون في الغالب من أن الناس الذين يبحثون عن فرص عمل لهم غير قادرين على التعبير عن آرائهم بسلاسة ويفتقدون الى المهارات الكتابية الأساسية. في هذا الشأن يشار في بعض الأحيان الى أن طرق التعلم (المتطورة) قد أثرت سلبا على المقدرة على القراءة والكتابة فالتلاميذ الذين دخلوا المدارس في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كانوا يتلقون التشجيع لإيجاد صلة بين المفردات المكتوبة والصور مع مراعاة السياق ذي الصلة بالأمر. وهذا برنامج يعرف ب (الكتب الحقيقية) real books.
وهناك من يرى أن مثل هذا الأمر يجعل القدرة على القراءة والكتابة يتعلق بتذكر الكيفية التي تبدو بها المفردات اللغوية وليس القدرة على أيجاد روابط بين مجموعات مؤتلفة من الحروف والأصوات. ويذهب البعض الى أن مثل هذا النمط التعليمي أدى في الأقل الى غرس احترام الكتب وحبها لدى الطلبة اليافعين، أما مدى تأثير ذلك على القدرة على القراءة والكتابة فمدعاة للتساؤل.
أنا من جانبي لست من أولئك الذين يظنون أن الماضي شهد فترة ذهبية في الخمسينيات من القرن الماضي) على سبيل المثال حيث كان الجميع يحسنون القراءة والكتابة وهو أمر مبالغ فيه. مع ذلك يتعين علينا أن نركز كثيرا على تعزيز قدرة الناس على القراءة والكتابة لأن الكثير من الأمور الحياتية تعتمد على ذلك.
أن أولئك الذين يظنون أن خريجي الجامعات في الوقت الحاضر يفتقرون الى القدرة على القراءة والكتابة يلقون اللوم على الجامعات. هنا أقول إن بمقدور الجامعات أن تبادر الى التعاطي مع مثل هذا الأمر من خلال تقديم يد العون للطلبة الذين يلتحقون بالتعليم العالي ويواجهون مشاكل تتعلق بمهارتي القراءة والكتابة على أن يتم التعامل مع هذا الأمر في مرحلة مبكرة جدا لو أريد تحقيق نتائج ملموسة، فعلى سبيل المثال تقوم الحكومة الأسكتلندية بدعم بعض البرامج التجريبية pilot programmers في المدارس الابتدائية بهدف تحسين القدرة على استيعاب المفردات اللغوية وهذا هو الجانب الذي ينبغي للمبادرات أن تتوجه اليه.
المصدر:
9thlevel.ie/tag/ferdinand-von-prondzynski
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.