إعداد الأستاذ الدكتور المساعد إيمان زروقي
تلعب التربية الرياضية المعدلة في العصر الراهن دوراً حيوياً على الصعيدين الاجتماعي والتربوي وحتى التنموي في فرنسا وهو ما سنتناوله من خلال هذه الورقة كمختصة في السلوك المالي المستدام وأستاذة سابقة في قسم إدارة الرياضات المعدلة بجامعة بوردو.
بعد أن أصبحت الرياضات البدنية بمختلف أشكالها من أساسيات المسارات التربوية المعتمدة لجميع الطلاب منذ المستويات الأولى في أوروبا بغية تطوير المهارات الحركية وتحسين جودة الحياة، واجه الطلاب من ذوي الإعاقة تحديات كبيرة تحول دون القدرة الكاملة على المشاركة في هذه المساقات الرياضية بعد إدراج قانون 11 فبراير 2005 والذي يقضي بتكافؤ فرص المشاركة والمواطنة للأشخاص ذوي الإعاقة وذلك بتعليم الأطفال في مدارسهم الراجعين لها بالنظر كأولوية للحفاظ على بيئة متوازنة. من هنا يأتي دور التعليم الدامج في إرساء مناهج مخصصة تدرج التربية الرياضية المعدلة لفائدة منتسبي المدارس الحكومية من الطلاب ذوي الإعاقة.
يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على الأدوات والأنظمة المعاصرة المعتمدة في فرنسا، ومدى الاستفادة من هذه التجارب الصاعدة في عالمنا العربي.
تأتي حقيبة الرياضة المدرسية والإعاقة المعتمدة من قبل اتحاد الرياضة والتربية المستوى الأول USEP كأداة تتصدر الاستراتيجيات المستدامة المدرجة مؤخراً.
تعتبر هذه الحقيبة مبادرة هامة تسعى للاستجابة إلى معايير دمج الطلاب ذوي الإعاقة وتعزيز الحالة النفسية والعاطفية، مما يسهم في تقدير الذات وفتح فرص المشاركة المجتمعية. تتمثل الحقيبة في جملة من الأدوات البيداغوجية تضبط توجهاً معتمداً لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.
إن حقيبة الرياضة والإعاقة المدرسية هي جهاز تعليمي مصمم لتسهيل دمج الطلاب ذوي الإعاقة في الأنشطة البدنية والرياضية في المدارس.
تتضمن الحقيبة مجموعة من المواد المختارة خصيصًا لسهولة الوصول إليها وقدرتها على التكيف، على سبيل المثال
- بالونات بأحجام وأنسجة وألوان مختلفة، بعضها في داخله أجراس للأطفال ذوي الإعاقة البصرية.
- الأطواق الكبيرة والصلبة، سهلة الالتقاط والتعامل.
- شرائط وأوشحة ذات قوام متنوع وألوان زاهية، مما يسمح بالتنسيق، وألعاب التوعية اللمسية.
- المواد الحسية مثل الكرات المسننة لتحفيز اللمس أو البالونات الموزونة للعمل على استقبال الحس العميق
- تكييف قواعد الألعاب التقليدية لجعلها في متناول الجميع.
- تصميم المسارات الحركية التي تأخذ في الاعتبار الاحتياجات المحددة للطلاب.
- تنظيم ورش عمل تشجع التعاون والتفاعل بين جميع الأطفال.
تقوم فكرة الحقيبة حول ثلاثة محاور أساسية:
- تكييف الأنشطة
يعد تكييف الأنشطة الرياضية أمرًا بالغ الأهمية لضمان دمج الطلاب ذوي الإعاقة. يسلط البحث الذي أجراه (2007، Block et Obrusnikova) الضوء على أهمية تخصيص الأنشطة لتلبية الاحتياجات المحددة لكل طالب. قد يشمل ذلك تغيير قواعد اللعبة، أو استخدام معدات مكيفة، أو إعداد بدائل إبداعية للسماح لجميع الطلاب بالمشاركة الكاملة.
يتوافق النهج الشامل للأنشطة الرياضية مع مبادئ التعليم الشامل ويساعد على تهيئة بيئة مواتية للتنوع.
يعد تشجيع المشاركة النشطة للطلاب ذوي الإعاقة جانبًا أساسيًا من استراتيجية تعزيز استقلاليتهم. يلعب المعلمون والأقران دورًا حاسمًا في خلق بيئة إيجابية وشاملة.
تقدم الحقيبة أدوات محددة تمكن من تكييف الأنشطة الرياضية بناءً على أنواع الإعاقات المختلفة. ويعزز ذلك التمكين لدى الطلاب والمشاركة الفعّالة مما يشجع على استقلاليتهم في البيئة الرياضية.
- تدريب المشرفين
يعد تدريب المعلمين ركيزة أساسية لتعزيز استقلالية الطلاب ذوي الإعاقة في سياق الرياضة المدرسية. نشر الوعي بالاحتياجات الخاصة للطلاب ذوي الإعاقة وتوفير مهارات عملية لإنشاء بيئة مريحة مما يشجع على نهج تشاركي في مجال الرياضة المعدلة.
لذا يجب تزويد المعلمين بمهارات محددة لتكييف الأنشطة مع الاحتياجات المتنوعة للطلاب. ويمكن لبرامج التعليم المستمر، التي تركز على الأساليب الشاملة، أن تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز المهارات التربوية اللازمة لضمان المشاركة العادلة.
- خلق بيئة شاملة
الأنشطة الرياضية توفر فرصة فريدة لتعزيز الروابط الاجتماعية والعلاقات الشخصية. من خلال تشجيع التعاون والتركيز على نقاط القوة الفردية داخل الفريق، يطور الطلاب شعوراً بالانتماء والشمولية.
رفع مستوى الوعي بين الطلاب حول التنوع يعد عنصرًا أساسيًا لتعزيز الارتباط في السياق الرياضي. وتساعد ورش العمل التعليمية والمناقشات في الفصول الدراسية في توفير بيئة يتم فيها الاحتفال بالتنوع ويشعر فيها كل طالب بالفهم والقبول.
تعزز الحقيبة إنشاء جو رياضي متكامل حيث تمنح لكل طالب، بغض النظر عن احتياجاته، الفرصة للمشاركة بشكل كامل في النشاطات الرياضية من خلال سلم تقييمي مغاير وبرنامج مطبق. يؤدي ذلك إلى كسر الحواجز الاجتماعية وتعزيز ثقافة الشمول داخل المدرسة. وبناءً على هذه الأداة، نركز على تنمية الطلاب ذوي الإعاقة من خلال الرياضة، التي تلعب دورًا كعامل دافع قوي للشمول الاجتماعي ورفاهية هؤلاء الطلاب.