أحييكم ألف تحية من ابنكم المعاق الذي أغرقتموه بالحب والأمل والأمان والطمأنينة، فمنذ ولادتي وحتى أصبحت شاباً أغرقتموني باهتمامكم وحبكم ورعايتكم التي طالما حييت لن أستطيع أن أرد ولو شيئاً بسيطاً مما قدمتموه لي خلالها؛..
فأنت يا أمي العزيزة التي سهرت على راحتي وتعبت من نظرات الشفقة والعطف عندما كنت تذهبين بي إلى المستشفى للمراجعة وكنت تكتمين هذا كله وتبتسمين للناس وتتظاهرين باللامبالاة أمامهم ولكن في نفسك تحترقين وتحاولين أن تساعديني بشتى الطرق.
لقد اعتزلت عند مجيئي الناس والأهل والأصدقاء لتقومي بتربيتي أفضل تربية حتى أعتمد على نفسي وكرست حياتك لي، وتعلمت الكثير من الأمور بمساعدتك وعونك الذي لم يقتصر على المتابعة الصحية بل قمت بإلحاقي بأفضل مؤسسة تعليمية، فتعلمت بدايات الكتابة والقراءة والحساب وكنت تسألين عني باستمرار.. فلك الشكر والتقدير.
وأنت يا أبي الغالي الذي تمنيت أن يكون ابنك الذي سوف يحمل اسمك غير معاق ولكن شاءت الأقدار عكس ما تمنيت، كنت الأب الذي افتخر به دائماً، كانت يداك اللتان تمسح بهما على رأسي تزيداني ثقة وقدرة على تخطي الصعاب، كنت تأخذني معك أينما ذهبت ولم تخجل مني أو من إعاقتي مع أنك رجل أعمال معروف، صحيح أن وقتك كان ضيقاً إلا أنك كنت تعطيني من وقتك فتلعب معي وتقوم بتعليمي.. فلك الشكر يا والدي على منحي ثقتك الغالية.
وأنت يا أختي الحنونة التي رسمت على شفاهي الابتسامة والتفاؤل وأخرجتني من العزلة بذهابي معك إلى التنزه وكنت تفتخرين بي عندما تلتقين بصديقاتك وتعرفينهم علي، كم كانت مشاعر الفرحة تنتابني عند سماعك وأنت تفعلين ذلك، وفي أوقات حزني ويأسي كنت مرسى الأمان لأحزاني، فلك الشكر يا نبع الحنان.
وأنت يا أخي الصغير الذي تمنيت أن يكون أخوك الأكبر غير معاق تعتمد عليه ولكن شاءت الأقدار بأنني أنا الذي اعتمدت عليك في الكثير من الأمور، في تعلمي النطق الصحيح منك،.. كنت أخطأ في الكثير من الأحرف ولكنك تقول لي (لا هذا خطأ) وتصحح لي، فلك الشكر والتقدير.
ولن أنساك يا مؤسستي العزيزة التي احتضنتني منذ صغري وكنت أسرتي الثانية، حتى تم تأهيلي وتدريبي على مهنة أحبها، أحسست معها أن لي قيمة في هذا المجتمع وبأنني قادر على العطاء والعمل، وأن استقل بنفسي ولو بشيء بسيط، لك الشكر والتقدير من إدارة واخصائيين ومعلمين على ما تبذلونه لمساعدة الأشخاص المعاقين وأسرهم ليتخطوا كل العقبات.
ولكن.. ]لي عتب بسيط على أسرتي، فبعد أن تم تأهيلي وتدربت على مهنة بتشجيعكم لي، أصبحتم الآن ترفضون عملي بهذه المهنة، لماذا؟ هل لأن هذه المهنة لا تناسب طموحاتكم أو مستواكم الاجتماعي[؟ هل تخافون أن يقول الناس أن ابنكم يعمل في ورشة؟ أم ماذا؟ أتساءل دائماً: أتريدون أن أظل عالة عليكم وعلى مجتمعي!!
أريد يا أسرتي أن أشتري شيئاً من تعبي وأفتخر أمامكم بأني اشتريت هذا الشيء من راتبي.. أريد أن أحس بأن مجهودكم علي منذ الصغر لم تذره الرياح.. فكفانا مظاهر خداعة.. أعطوني الفرصة لأخطو أول خطوة نحو الاستقلالية..
أخيراً.. سيظل الامتنان لكم.. وسيظل القلب ينبض دائماً بالحب لكم.