بقلم : خديجة أحمد بامخرمة
الحمد لله الذي جعل لعباده مواسم يتقربون إليه فيها بأنواع الطاعات. فيغفر لهم الذنوب وتضاعف فيها الحسنات ويرفع لهم الدرجات. ومن هذه المواسم شهر رمضان المبارك ونحمد الله أن بلّغنا هذا العام شهر الصّيام والقرآن . شهر الخير ,والإحسان ، شهر التسامح والغفران ،شهر الصبر والرضوان ،شهر الرحمة من الرحمن ، شهر الصدقة على المساكين والمحتاجين ، شهر الهبات والعطايا والمنح من الله سبحانه وتعالى، شهر اختصه سبحانه بأن أنزل فيه القران، والكتاب المبين ودستور الأمة وطريق الهدى والنور لقوله جل في علاه : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ و مَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ على مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ( البقرة : (185
أحبتي في الله .. شهر رمضان ليس مجرد شهر يعبر من الهلال إلى الهلال و تُطوى فيه الليالي والأيام، وتتقلص الأعداد والأرقام، وتنصرم الشهور والأعوام دون أثر ! إنما رمضان هديّة من الرحمن لعباده الصائمين القائمين المتصدقين المزكين والمعتوقين من النار. فيهل علينا الشهر الفضيل و تحل معه الرحمة والمغفرة ، . وتُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار وتُصفد الشياطين لقوله عليه الصلاة والسلام « إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ ” صحيح البخاري … ، تفتح أبواب الجنة ليعظم الرجاء ويكثر العمل وتتعلق به الهمم وتُشحذ له الخيرات، وتُغلق أبواب النار لتُكبح الشياطين فتقل المعاصي ويزداد الإقبال على أعمال الخير، وتتنزل فيه الخيرات من الرحمن.
في هذا الشهر المبارك وقفات للقلوب البصيرة ، وفرصة خير ومحاسبة للنفوس، وشهر تهذيب وتدريب، وفيه تتزود الروح بالخير والتقوى، وتحفظها من الشهوات، وتكف الجوارح عن اللغو والفحش والبذاءة، وتطهر المجتمع من عثرات الألسن، وأسقام القلوب ، وتتجه القلوب إلى الخالق الديان، واختصّه سبحانه وتعالى بالفضل والبركة، ليكون سببا لمغفرة الذنوب والآثام لمن صامه إيمانا واحتسابا، لقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” رواه البخاري ومسلم … وفيه أجلّ عبادة نسبها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه، وخص بالثواب عليها لما ميزها به من ميزة الإخلاص، فقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يقولَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ” : ” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إِلَّا الصِّيَامَ، هو لي وَأَنَا أَجْزِي به فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.” صحيح مسلم … وهذ الحديث الشريف تأكيد من حبيبنا و قدوتنا عليه أفضل الصلاة والسلام بأن بلوغ رمضان لنعمة كبرى، ومنة عظمى، فواجب على كل مسلم مَنَّ الله عليه ببلوغ شهر رمضان، أن يغتنم الفرصة، ويقطف الثمرة، ويهفو إلى الرحمة والغفران، والعتق من النيران، والفوز بالأجر ورضا الرحمن. فيه ينادي منادينا كل ليلة من ليالي شهر رمضان يا باغي الخير أقبل وابشر . و يا باغي الشر أقصر وأبصر .. وإن لله عتقاء في كل يوم وليلة، ولكل عبد منهم دعوة مستجابة .. ..فإنها إن فاتت كانت حسرة ما بعدها حسرة ، وندامة لا تعدلها ندامة، كيف لا وقد دعا عليه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: ( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ ) رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني ، فيه ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، وقال جل في علاه : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ** وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ..) ( سورة القدر1، 2) ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( إِنَّ هذا الشهرَ قدْ حضَرَكُمْ، وَفيهِ ليلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهْرٍ، مَنْ حُرِمَها فَقَدْ حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ، ولَا يُحْرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ ). رواه الألباني، في صحيح الجامع
وفي شهر الصيام معالم مميزة أنًّ المزكين يؤدون زكاة الفطر طهرة لأنفسهم من اللغو والرفث، وطعمة للفقير والمسكين، وأصل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: ” وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ 24 لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ”(سورة المعارج:24- 25), وقول الله عز وجل: ” لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” (البقرة: ١٧٧). فطوبى لمن صدقت نيته، وطابت سجيته، وحسنت طويته، وظفر بأن يكون من العتقاء في هذا الشهر الفضيل .
وفي الختام نسألك يا الله أن تجعله شهرا آمنا مباركا علينا، تشملنا فيه برحمتك، وتتقبل فيه أعمالنا الصالحة، وتغفر ذنوبنا، وأن نكون من عتقائك من النار، وأن تعيده يا الله علينا وعلى جميع المسلمين ونحن أكثر رفعة وأجلّ مكانة وأعظم قدرا عندك، بفضلك نسمو وبعزك ونصرك نرتقي، لك الفضل والحمد والنعمة والثناء والرضى بما قدرت لنا، ونسألك يا الله العفو والعافية الدائمة لما فيه الخير لأمتك في الدين والدنيا والآخرة .
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة