مفهوم التدريب المستمر من المفاهيم الحديثة المعمول بها في مجال العمل دولياً، ويكتسب أهمية أكبر عند الحديث عن الأشخاص ذوي الإعاقة، فالتأهيل لا يعني فقط توفير التعليم والتدريب وتأمين العمل المتناسب مع إمكاناتهم لكنه يتعداه إلى إيجاد خطط وبرامج وحملات توعوية وغيرها من الوسائل بهدف تعديل اتجاهات وسلوك الرأي العام ليصبح متفهماً ومتجاوباً وجزءاً من القضية وليس مراقباً خارجياً بحيث تشترك جميع الأطراف في تغيير وتعديل واقع الحال مع مراعاة أن لا معنى لصرف أموال وجهود على عمليات تدريب لا تسفر عن شيء فيضيع جهد سنوات وتتعطل الطاقات وبدل دخول الشخص المعاق سوق العمل ليحقق استقلاليته الاقتصادية ويعزز مشاركته في المجتمع يصطدم بالواقع الذي يجعل أغلب الأشخاص ذوي الإعاقة يعملون في مهن هامشية لا تتناسب مع قدراتهم، ويتقاضون أجوراً غالباً أقل من أقرانهم غير ذوي الإعاقة.
مشكلات كثيرة تجعل المرء حائراً أيها له الأولوية، لكنها تحتاج كلها إلى التوقف عندها ومن أهمها معاناة النساء ذوات الإعاقة من تمييز واضح في مجال العمل كونهن نساء ذوات إعاقة فقيرات لذا فإن نسبتهن في مجال العمل قليلة أما الأشخاص ذوي الإعاقة في المناطق الريفية أو المناطق البعيدة عن مراكز المدن فهم على الأغلب لا يحصلون على فرصة عمل عدا العمل البسيط غير المنتج والمجاني في خدمة العائلة، وهناك أيضاً خصوصية وضع أصحاب الإعاقات الذهنية وصعوبة احتمال حصولهم على عمل مقارنة بباقي الإعاقات خصوصاً أن مشاريع الورش المحمية تتقلص وتكاد تنتهي عالمياً حتى قبل أن تبدأ في كثير من بلداننا.
انطلاقاً من كل ما سبق فقد سعت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إلى ايجاد مجالات تدريب لطلبتها حسب ميولهم وقدراتهم واحتياجات سوق العمل وشكلت تجربتها إضافة إلى تجارب عدة مميزة في الدولة قاعدة وطنية تستحق التوقف عندها وتعميمها ونذكر هنا تجربة مراكز وزارة الداخلية ومشروع الثقة لتأهيل وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة.
وقد تم في أكثر من مناسبة ومجال معالجة كل تلك المشكلات على يد اختصاصيين ذوي خبرة معايشين للقضايا المطروحة إضافة لأصحاب الشأن من الأشخاص ذوي الإعاقة ومن أصحاب العمل، بهدف الوصول إلى نقلة نوعية في مجال تأهيل وتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، من خلال الإطلاع على تجارب الدول المتقدمة، وتبادل خبرات الأفراد والمؤسسات، والعمل على تطوير خدمات التدريب المهني وإنشاء شبكة عربية للتشغيل، وعرض الاتجاهات المعاصرة في مجال التأهيل.
من يتابع قضية توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة يدرك أنه لا بد بداية من تحديد حقوقهم الأساسية ليس فقط في مجال العمل أو إقرار القوانين الخاصة بهم وهو ما تحقق في دولة الإمارات العربية المتحدة بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقانون رقم 29 لسنة 2006 بتعديلاته وإنما بالعمل على إيجاد آليات حقيقية وواقعية لتطبيق هذه القوانين بما يتوافق مع الوعي الاجتماعي والثقافي.