في عام 1997 تم عرض جزء من المسرحية التلفزيونية الموسومة (حفلة الخمسة أشخاص Party of Five) لمجموعة من الأطفال بعمر خمس سنوات داخل القاعة الدراسية في نيوجيرسي. وبعد أن انتهى العرض بدأت مناقشة عفوية للبرنامج التلفزيوني تطرق فيها الأطفال إلى علاقة الأحداث التي شاهدوها في العرض بحياتهم الخاصة، في حين عرج البعض منهم على تعامل مختلف أفراد الأسرة مع المشاكل أو تفاعلهم معها.
في هذه الأثناء عمد الباحث المسؤول عن هذه التجربة (اختصاصي في الفلسفة) إلى تغيير مجرى الحديث وبدأ يركز على مسألة محورية فحواها: هل بمقدور المرء أن يرتكب جريمة ما إذا كان الهدف من وراء ذلك نبيلا؟
وفي وقت متأخر من السنة ذاتها عرض ذلك الجزء من المسرحية على مجموعة من طلبة الدراسات العليا الذين يدرسون في جامعة نيويورك. وقد لوحظ أن المفاهيم الأساسية التي دار النقاش حولها كانت مشابهة إلى حد كبير لما دار على ألسنة الأطفال الصغار رغم أن المناقشة هذه بدأت أكثر تعقيداً وعمقاً.
ويتضح من نتائج التجربتين أن بمقدور التلفزيون أن يثير حوارات أخلاقية حول القضايا التي نواجهها في حياتنا اليومية؛ ومثل هذا الأمر يدفع الكثير من الناس إلى الاعتقاد بوجوب استثمار ما يتمتع به التلفزيون من تأثير كبير لطرح مثل هذه النقاشات بفاعلية.
في هذا الشأن يشير مؤيدو مثل هذه الأفكار إلى أن المسرحية التلفزيونية ذات النزعة الأخلاقية soap opera هي، على الأرجح، أفضل أنماط العروض التلفزيونية المناسبة لتحفيز مثل هذه النقاشات. وغالباً ما تمثل مثل هذه المسرحيات، خاصة المسرحيات المسائية التي تعرض كل يوم في أيامنا هذه، (بيتاً) آخر (للعائلة والأصدقاء الافتراضيين)، وهي تضم شخصيات يقترب منها المشاهد كثيراً ويشعر بأنه على صلة وثيقة بها لأنها شخصيات تنبض بالحياة فيما يتصف مكان وزمان المشهد المسرحي بالألفة، ناهيك عن التفاعلات بين الناس التي تهدف إلى محاكاة العلاقات الحقيقية.
ولأن مثل تلك المشاهد التلفزيونية تنجز ببراعة واتقان كبيرين، يرى المشاهدون في بعض الأحيان أنها واقعية وحقيقية للغاية مع أنها، في بعض الأحيان، تحاكي الحياة الواقعية بمغالاة وتكلف.
غير أن نظرة خاطفة لبعض تلك المشاهد تكشف بوضوح عن عدم واقعية تلك المشاهد حيث تنشأ العلاقات في ضوئها على نحو مفاجئ كما تحصل فيها مواقف تناسب أحداثاً أخرى، فعلاقات الحب، على وجه الخصوص، تنشا وتتواصل وتنتهي ومن ثم تبدأ ثانية! أضف إلى كل ذلك يشعر مرتادو تلك المسرحيات بأنهم على صلة وثيقة بشخوص المسرحيات التي يشاهدونها كل أسبوع، كما أن الأحداث التي تشترك بها تلك الشخصيات تغدو موضوع حوارات وجدل متواصل لملايين الأمريكيين من الطبقة الوسطى الذين اعتادوا على مشاهدة تلك العروض.
ويمكن التحقق من ذلك من خلال الشعبية الغامرة التي تحظى بها عروض مثل (الجنس والمدينة Sex and the City) و NYPD Blue و ER و(الزوجات اليائسات Desperate Wives)، وكذلك المسرحيات الكوميدية التي تشكل الشخصيات محورها الأساس مثل (الجميع يحبون ريموند Everybody Loves Raymond) و(الأصدقاء Friends) و(الإرادة والفضيلة Will and Grace).
وتجسد العروض التلفزيونية تطور العلاقات بين الشخصيات الخيالية فهي تتحرى المآزق التي تلازم حياة تلك الشخصيات والخيارات التي يلجؤون اليها. وحين يعمد المشاهدون فيما بعد إلى الدخول في حوارات حول تلك الشخصيات والكيفية التي تتجلى بموجبها المواقف للعيان فإنهم ينطلقون من هذه الحوارات للتحدث عن حياتهم الخاصة ومآزقهم.
تأسيساً على ذلك يعكف عدد متزايد من التربويين والفلاسفة على دراسة إمكانية استخدام برامج التلفزيون أرضية اختبار للمشاهدين لمعرفة توجهات تلك الشخصيات الخيالية التي تؤثر على مواقفها الأخلاقية. كما أن استثمار العروض التلفزيونية منطلقاً للحوارات يتيح للمشاهدين الفرصة لتطوير مواقفهم تجاه الحياة الواقعية وصقلها.
المصدر: هنا
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.