عُرف التمريض في مختلف الحضارات القديمة، لكن مهنة التمريض الحديث بدأت بالتشكل في منتصف القرن التاسع عشر بفضل جهود (فلورنس نايتينجيل) التي عرفت بـ (السيدة حاملة المصباح)، لأنها تحمله عند تفقدها الجرحى والمرضى تحت جناح الليل، وبدعم كبير، قامت بتأسيس أول مدرسة متخصّصة بالتمريض، تقوم بالإعداد والتعليم والتدريب وفق قواعد علمية محددة، لذلك تعد هذه السيدة على نطاق واسع مؤسسة التمريض الحديث، ولهذا اعتمد العالم يوم ميلادها الثاني عشر من مايو / أيار يوماً عالمياً للتمريض يحتفل به سنوياً في كل أنحاء العالم تقديراً لإسهامات العاملين في هذه المهنة النبيلة في حياتنا.
نعم، بفضل التعليم والتدريب والتأهيل ازدهرت مهنة التمريض في أوروبا وأمريكا، وأصبحت ركناً حيوياً في النظام الصحي المعاصر، لذلك تأسست مدارس ومعاهد وكليات التمريض وجمعياتها المهنية في كثير من أنحاء العالم حتى قبل عشرات وعشرات السنين من ظهور كليات الطب في البلاد العربية، ولأهمية هذه المهنة، وتزايد الحاجة إلى خدماتها، تأسس في عام 1899 (المجلس الدولي للتمريض) في مدينة (جنيف)، وأصبح بذلك أول اتحاد عالمي للمنظمات المهنية العاملة في الرعاية الصحية، عمل ويعمل على وضع معايير عالية المستوى لممارسة مهنة التمريض ومواكبة التقدم التعليمي والمهني للعاملين فيها، وهكذا نجد الآن أكثر معاهد وكليات التمريض شهرة في أكثر الدول المتقدمة صحياً.
خلال العقود الأخيرة، واكبت مهنة التمريض التطور الكبير في نظم الرعاية الصحية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والابتكارات المدهشة في عالم الصحة، وظهرت تخصصات نوعية للتمريض في مجالات متنوعة كالأذن والأنف والحنجرة، والصحة النفسية، وأمراض النسائية والتوليد، وصحة الأمومة والطفولة، والباطنة والجراحة، والطوارئ، والرعاية التلطيفية، والتخدير، والتثقيف الصحي، وميادين الصحة الإلكترونية، ورعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، ومجالات الإدارة الصحية، والبحوث، وغيرها كثير وكثير.
ورغم التقدم الكبير في مهنة التمريض في البلاد العربية، إلا أنها ما زالت تواجه العديد من التحديات لاسيما في مجال التعليم والتأهيل، وإعداد المناهج، وبرامج التعليم الطبي المستمر، وبرامج التطوير المهني الحديثة، وتعريب المصطلحات الطبية واستخدامها، كما تزداد الحاجة في بعض الدول العربية التي يشكل فيها المغتربون غالبية عناصر التمريض إلى توطين هذه المهنة، وتحفيز مواطنيها للالتحاق بها، فهذه المهنة تسهم إلى حد كبير في بناء المعرفة الصحية المجتمعية، وانتشار نمط العيش الصحي بين أبناء المجتمع، ودون ذلك لا تحقق برامج الرعاية الصحية أهدافها مهما تقدمت.
في هذه العجالة، تزداد الحاجة أيضاً إلى تفعيل وتمكين المنظمات المهنية للتمريض، ودعمها للقيام بدورها المنشود في تطوير معايير هذه المهنة والدفاع عن حقوق أعضائها وحقوق المرضى في آن واحد، كذلك السعي إلى تحقيق الإنصاف في أجور العاملين في هذه المهنة الإنسانية، لأنها وبكل بساطة مهنة العلم والفن والأخلاق.
نعم، لا نملك إلا أن نضع هذه التحديات أمام الجهات الصحية والتعليمية في القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة، ومن جهة أخرى، نحن نقف على أبواب مؤتمر إقليمي في منطقتنا خاص ب (المجلس الدولي للتمريض)، والمقرر هذا العام في شهر سبتمبر/ أيلول بمدينة (أبوظبي)، وهو يطرح التحديات والفرص التي تواجهها مهنة التمريض في المنطقة، مع تطور نظم خدمات الرعاية الصحية، كما يطرح المؤتمر المستجدات في ممارسة مهنة التمريض، والمبادرات في نماذج الرعاية الصحية، كما يتناول أيضاً مواضيع جديدة كالمعلوماتية الطبية والتقنية الحديثة، وتمريض الكوارث والطوارئ، وتطوير القوى العاملة، ومناهج التعليم، لذلك نأمل جميعا أن ينجح المشاركون في رسم خطوات جادة للنهوض بمهنة التمريض على امتداد الإقليم ومنطقة الخليج.
أخيراً وليس آخراً، في هذا اليوم ونحن نقدم باقات الاحترام والتقدير، لكل العاملين في مهنة التمريض، أستذكر ما كتبته في مناسبة سابقة:
(عندما تساعد شخصاَ وتغيّر حياته، فأنت إنسان غير عادي، وعندما تنقذ حياة شخص ما، فأنت بطل، أما إذا كنت تساعد الناس وتنقذ حياتهم كل يوم، فأنت تعمل في التمريض).
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/