شكّل مخيم الأمل بالشارقة منذ انطلاقته الأولى في يناير 1986 واحدة من المبادرات المجتمعية المبتكرة وغير المسبوقة في المنطقة حافظت على استدامتها حتى يومنا هذا كنوع من التطبيق العملي المستدام للمسؤولية المجتمعية تلاقت فيه جهود المتطوعين من الأشخاص ذوي الإعاقة ومن غير المعاقين من دول الخليج العربية وغيرها من الدول العربية الشقيقة والدول الأجنبية الصديقة ومن مختلف الفئات العمرية استطاعوا جميعاً توظيف مساهمات الشركاء والرعاة والداعمين والمؤسسات الخاصة والجهات التي تستضيف الوفود المشاركة أحسن توظيف في خدمة الأطفال ذوي الإعاقة الخليجيين والعرب والأجانب وتحقيق الأهداف الرئيسية للمخيم في إسعاد هؤلاء الأطفال وإدخال الفرحة والبهجة إلى نفوسهم وإتاحة الفرصة أمامهم من أجل إبراز طاقاتهم الكامنة وصقل مهاراتهم وفي الوقت ذاته توثيق عرى الأخوة والصداقة فيما بينهم والتعرف على تجارب إخوانهم في البلدان الأخرى واكتساب خبرات جديدة مفيدة والإسهام في نشر الوعي ورفع مستوى الاهتمام بقضاياهم.
ولهذا فقد حرصت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على الاستفادة من هذا النشاط النوعي الذي بدأ ينحو منذ سنوات نحو العالمية ونجحت في توظيفه لإيصال رسالة قوية إلى المجتمع حول قضية من القضايا الحيوية التي تمس حاضر ومستقبل واحدة من فئات المجتمع الأحق بالاهتمام والدعم.
إن اختيار شعار (كلنا مسؤول) ليكون شعاراً لمخيم الأمل الثامن والعشرين بالشارقة وفي الوقت ذاته عنواناً عريضاً لعمل مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية التي لم تكف يوماً عن ممارسة هذا المبدأ إنما يأتي انطلاقاً من وعيها لطبيعة عملها كمساهمة أصيلة وفاعلة في تطبيق مبدأ المسؤولية الاجتماعية لصالح فئة اجتماعية واسعة ومكون أساسي من مكونات المجتمع هم الأشخاص ذوو الإعاقة وأسرهم بكل ارتباطاتهم وامتداداتهم المجتمعية، وأيضاً كمؤسسة محفزة وفاعلة وناشطة تستقطب مساهمات الشركات والمؤسسات الخاصة والمبادرات الفردية، سواء المادية أو البشرية وتوظفها كلها في خدمة قضية مجتمعية حيوية كقضية الأشخاص ذوي الإعاقة.
لقد عملت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ تأسيسها سنة 1979 على تعزيز قيم العمل الإنساني والتطوعي لدى جميع التجمعات التي تنشط فيها كالمدارس والجامعات والتجمعات السكانية وكذلك لدى موظفيها ومنتسبيها وجميع العاملين فيها ورسخت لديهم القيم الأخلاقية في الشفافية وتحمل المسؤولية والعمل بروح الفريق وتوخي الإتقان والجودة وتنمية روح التميز والإبداع بما ينسجم مع ريادة المدينة سواء في مجال عملها أو خدماتها أو برامجها ونتائج أعمالها ومخرجاتها، وتمكنت من توظيف طاقات مؤسسات المجتمع وأفراده من أجل تحقيق أهدافها في التوعية بالإعاقة وضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف المجالات.
ولم يتوقف الأمر عند هذه المحطات بل أبدعت المدينة في ابتكار مجالات للمشاركة وأنشطة جماهيرية جاذبة دفعت مختلف الفئات للتطوع والمشاركة سواء بهدف التثقيف والتوعية بقضايا الإعاقة أو لتوفير الريع والدعم المادي. وبعض هذه الأنشطة كمخيم الأمل بالشارقة قد أضحى اليوم مدرسة للتطوع يلتحق في فصولها الشباب والشابات ويحرزون أعلى درجات النجاح إلا أنهم لا يتخرجون منها.. فمن كان منهم تلميذاً صغيراً هو اليوم قائد كبير يعلم ويدرب المتطوعين الجدد وهم بدورهم يعلمون من سيأتي بعدهم في دائرة متصلة لا تنقطع.
إننا إذ نتوجه بالشكر الجزيل إلى كل رعاة مخيم الأمل؛ شركاء ورعاة رئيسيين وفرعيين ومساهمين ورعاة إعلاميين على إحساسهم المجتمعي العالي وممارستهم لمسؤولياتهم المجتمعية لا يسعنا إلا أن نعبر عن اعتزازنا بدعم ومساندة كل جهة أو مؤسسة حكومية أو خاصة وكل متطوع أسهم فردياً أو جماعياً في خدمة المجتمع عن وعي وإصرار وإحساس بالمسؤولية عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
جميلة بنت محمد القاسمي
رئيسة اللجنة العليا المنظمة لمخيم الأمل بالشارقة