ترجمه بتصرف: ميمونة حسين الكندي
تشهد أدمغة الأطفال طفرة هائلة في النمو عندما يكونون بعمر صغير جدًا. وعندما يبلغون من العمر ستة أعوام، يكون حجم أدمغتهم بالفعل حوالي 90-95٪ من حجم أدمغة البالغين. لكن الدماغ لا يزال بحاجة إلى الكثير من إعادة البناء والتنظيم قبل أن يتمكن من العمل كعقل بالغ. حيث تحدث عملية إعادة تشكيل الدماغ وبناءه بشكل مكثف خلال فترة المراهقة، وتستمر حتى منتصف العشرينات من عمر طفلك. وتحدث بعض التغيرات الدماغية قبل سن البلوغ، وبعضها يستمر لفترة طويلة بعد ذلك. يعتمد تغيير الدماغ على العمر والخبرة والتغيرات الهرمونية في سن البلوغ. لذلك على الرغم من أن أدمغة جميع المراهقين تتطور بنفس الطريقة تقريبًا في نفس الوقت، إلا أن هناك اختلافات بين المراهقين. على سبيل المثال، إذا بدأ طفلك في البلوغ مبكرًا، فقد يعني هذا أن بعض التغييرات في دماغ طفلك بدأت مبكرًا أيضًا.
داخل دماغ المراهق
المراهقة هي فترة نمو وتطور كبير داخل دماغ المراهق.
التغيير الرئيسي هو أن الاتصالات الغير مستخدمة في جزء التفكير والمعالجة من دماغ طفلك والتي يطلق عليها (المادة الرمادية) “تم تجريدها “. في الوقت نفسه، يتم تعزيز الاتصالات الأخرى. هذه هي طريقة الدماغ ليصبح أكثر كفاءة، بناءً على مبدأ “استخدمه أو أفقده”.
تبدأ عملية التجريد هذه في الجزء الخلفي من الدماغ. أما بالنسبة للجزء الأمامي من الدماغ، قشرة الفص الجبهي، التي أُعيد تشكيلها مؤخراً هي جزء صنع القرار في الدماغ، وهي مسؤولة عن قدرة طفلك على التخطيط والتفكير في عواقب الأفعال وحل المشكلات والتحكم في الدوافع. تستمر التغييرات في هذا الجزء حتى مرحلة البلوغ المبكرة.
نظرًا لأن قشرة الفص الجبهي لا تزال تتطور، فقد يعتمد المراهقون على جزء من الدماغ يسمى اللوزة لاتخاذ القرارات وحل المشكلات أكثر من البالغين. ترتبط اللوزة بالعواطف والنبضات والعدوانية والسلوك الغريزي
هل لاحظت أنه في بعض الأحيان يبدو تفكير طفلك وسلوكه ناضجًا تمامًا، ولكن في أوقات أخرى يبدو أن طفلك يتصرف أو يفكر بطرق غير منطقية أو اندفاعية أو عاطفية؟ يفسر تطور الدماغ من الخلف إلى الأمام هذه التحولات والتغييرات – يعمل المراهقون بأدمغة لا تزال قيد الإنشاء.
بناء دماغ سليم للمراهق
كيف يقضي المراهقون وقتهم أمر بالغ الأهمية لنمو الدماغ. لذلك يجدر التفكير في مجموعة الأنشطة والتجارب التي يمارسها طفلك – الموسيقى والرياضة والدراسة واللغات وألعاب الفيديو. وأن هذه الأنشطة تشكل دماغ طفلك في مرحلة البلوغ
أنت جزء مهم من بيئة طفلك. أنت تعني الكثير لطفلك. ستكون كيفية توجيهك وتأثيرك على طفلك مهمة في مساعدة طفلك على بناء دماغ سليم أيضًا.
يمكنك القيام بذلك عن طريق:
- تشجيع السلوك الإيجابي
- تعزيز مهارات التفكير الجيد
- مساعدة طفلك في الحصول على قسط وافر من النوم.
استراتيجيات السلوك لتنمية دماغ المراهقين
أثناء نمو دماغ طفلك، قد يقوم طفلك بما يلي:
- تحمل المزيد من المخاطر أو اختيار أنشطة عالية الخطورة
- التعبير عن مشاعره بشكل أكثر قوة
- اتخاذ قرارات متهورة.
فيما يلي بعض النصائح لتشجيع السلوك الجيد وتقوية روابط الدماغ الإيجابية:
- دع طفلك يخوض غمار بعض المخاطر الإيجابية. التجارب الجديدة والمختلفة تساعد طفلك على تطوير هوية مستقلة، واستكشاف سلوك الكبار، والتقدم نحو الاستقلال.
- ساعد طفلك في العثور على منافذ إبداعية ومعبرة جديدة للمشاعر. قد يعبر طفلك عن مشاعره الجديدة ويحاول السيطرة عليها. يجد العديد من المراهقين أن ممارسة أو مشاهدة الرياضة أو الموسيقى والكتابة وأشكال الفن الأخرى هي منافذ جيدة.
- تحدث مع طفلك عن اتخاذ القرارات خطوة بخطوة. اسأل عن مسارات العمل المحتملة التي قد يختارها طفلك، وتحدث عن العواقب المحتملة. شجع طفلك على تقييم النتائج الإيجابية أو المكافآت مقابل النتائج السلبية.
- استخدم روتينًا عائليًا لمنح حياة طفلك بعض التنظيم. يمكن توزيعه على جداول المدرسة والأسرة.
- وفر حدودًا وفرصًا للتفاوض على تلك الحدود. يحتاج الشباب إلى التوجيه والإرشاد من آبائهم وغيرهم من البالغين.
- قدم مدحًا متكررًا ومكافآت إيجابية للسلوك المرغوب. هذا يعزز المسارات في دماغ طفلك.
- كن قدوة إيجابية. سيُظهر سلوكك لطفلك السلوك الذي تتوقعه منه.
- ابق على اتصال مع طفلك. ربما ترغب في مراقبة أنشطة طفلك وأصدقائه. يمكن أن يساعدك الانفتاح والود في ذلك.
- تحدث مع طفلك عن نمو دماغه. قد يساعد فهم هذه الفترة المهمة من النمو طفلك على معالجة مشاعره.
غالبًا ما يكون المراهقون متحمسين لمصالحهم، خاصة تلك التي تمنحهم فرصًا للتواصل الاجتماعي.
يمكنك مساعدة طفلك على تطوير المهارات والثقة من خلال دعم اهتمامات طفلك وأنشطته وهواياته.
استراتيجيات التفكير لتنمية دماغ المراهقين
يعني نمو الدماغ وتطوره خلال هذه السنوات أن طفلك سيبدأ في:
- ان يفكر بطريقة أكثر منطقية
- التفكير في الأشياء بشكل أكثر تجريدًا وإدراك أن المشكلات ليست دائمًا بسيطة
- التقاط المزيد من الإشارات العاطفية للآخرين
- يحل المشاكل المعقدة بطريقة منطقية، ويرى المشاكل من زوايا مختلفة
- الحصول على منظور أفضل للمستقبل.
يمكنك دعم تنمية تفكير طفلك بالاستراتيجيات التالية:
- شجع مشاعر التعاطف.
- تحدث عن مشاعرك – مشاعرك ومشاعر طفلك والآخرين. سلط الضوء على حقيقة أن للآخرين وجهات نظر وظروف مختلفة.
- التأكيد على العواقب الفورية وطويلة الأجل للأفعال لا يزال جزء الدماغ المسؤول عن التفكير المستقبلي (قشرة الفص الجبهي) تتطور. إذا تحدثت عن كيفية تأثير تصرفات طفلك على الحاضر والمستقبل، فيمكنك المساعدة في التطور الصحي لقشرة الفص الجبهي لطفلك.
- حاول مطابقة مستوى لغتك بمستوى فهم طفلك.
- ساعد طفلك على تطوير مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات. يمكنك أنت وطفلك العمل من خلال عملية تتضمن تحديد المشكلات وإدراج الخيارات والنظر في النتائج التي يسعد الجميع بها. تعد نمذجة هذه المهارات مهمة أيضًا.
النوم وتطور دماغ المراهقين
خلال سنوات المراهقة، ستتغير أنماط نوم طفلك. هذا لأن الدماغ ينتج الميلاتونين في أوقات مختلفة من اليوم. هذا يجعل طفلك يشعر بالتعب والاستعداد للنوم في وقت لاحق من المساء. يمكن أن يبقي طفلك مستيقظًا في الليل ويجعل من الصعب عليه الاستيقاظ في صباح اليوم التالي.
النوم ضروري لنمو الدماغ الصحي. جرب النصائح التالية:
- تأكد من أن طفلك يتمتع ببيئة نوم مريحة وهادئة.
- شجع الطفل على “الاسترخاء” قبل النوم بعيدًا عن الشاشات بما في ذلك الهواتف.
- عزز روتين نوم منتظم. بحيث يهدف إلى وضع أوقات منتظمة للذهاب للفراش والاستيقاظ يومياً.
- شجع طفلك على الحصول على قسط كافٍ من النوم كل ليلة. في المتوسط ، يحتاج المراهقون من 8 إلى 10 ساعات كل ليلة.
سلوك المجازفة ودماغ المراهق
دماغ المراهق يعمل دائماً للبحث عن تجارب ومخاطر وأحاسيس جديدة – كل ذلك جزء من صقل تلك الروابط الدماغية.
أيضًا، لا يتمتع المراهقون دائمًا بقدر كبير من ضبط النفس أو الحُكم الجيد وهم أكثر عرضة لسلوك المخاطرة. وذلك لأن الجزء المتعلق بالمراقبة الذاتية وحل المشكلات واتخاذ القرار من الدماغ – قشرة الفص الجبهي – لايزال يتطور. يُعتقد أيضًا أن الهرمونات تساهم في السلوك الاندفاعي والمحفوف بالمخاطر لدى المراهقين. يحتاج المراهقون إلى المخاطرة للنمو والتطور.
يمكنك دعم طفلك في اختيار المخاطر الصحية – مثل الرياضة والسفر – بدلاً من المخاطر السلبية مثل التدخين والسرقة. كل المخاطرة تنطوي على احتمال الفشل. سيحتاج طفلك إلى دعمك لتجاوز أي نكسات.
الإجهاد ودماغ المراهق
مع حدوث العديد من التغييرات في دماغ طفلك، من المهم بشكل خاص حماية طفلك ورعايته.
تزداد حالات الإصابة بسوء الصحة العقلية خلال سنوات المراهقة. يُعتقد أن هذا قد يكون مرتبطًا بحقيقة أن الدماغ النامي أكثر عرضة لعوامل الإجهاد من دماغ البالغين.
يمكن أن تشمل ضغوط المراهقين الكحول والمخدرات الأخرى، والسلوك عالي الخطورة، وتجارب مثل بدء مدرسة جديدة وضغط الأقران، أو أحداث الحياة الكبرى مثل الانتقال من منزل أو وفاة أحد أفراد أسرته. ولكن قد لا يكون الكثير من الحماية والاهتمام جيدًا لعلاقتك أيضًا، بدلاً من ذلك، يمكن أن يساعدك البقاء على اتصال والمشاركة في حياة طفلك على معرفة المزيد حول كيفية تعامل طفلك مع التوتر. يمكن أن يساعدك أيضًا في الحفاظ على علاقة مفتوحة مع طفلك والتأكد من أن طفلك يراك كشخص تتحدث معه – حتى عن الموضوعات المحرجة أو غير المريحة.
يُعتقد أن الأطفال يكونون أكثر انفتاحًا على توجيه الوالدين والمراقبة خلال سنوات المراهقة إذا نشأوا في بيئة منزلية داعمة ورعاية.
كل طفل في سن المراهقة فريد من نوعه، ويستجيب المراهقون للتوتر بطرق مختلفة وفريدة من نوعها.
أنت أفضل من يعرف طفلك، لذلك لا بأس أن تثق في غريزتك حول كيفية دعم طفلك إذا كان يمر بوقت عصيب.
من المقبول أيضًا طلب المساعدة من الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو المهنيين مثل طبيبك العام.
كل طفل يمر بتغييرات بمعدل مختلف إذا كنت قلقًا بشأن معدل نمو طفلك أو كانت لديك مخاوف بشأن تغيير جسد طفلك أو تفكيره أو سلوكه، يمكنك البدء بالتحدث إلى مستشار المدرسة أو طبيبك العام، ويمكن للآباء الآخرين أن يكونوا أيضًا مصدرًا كبيرًا للدعم.
المصدر:
موقع: the Australian parenting website (Raisingchilren.net.au)