الجامعات في لبنان تفتقر إلى التأهيل في أبنيتها وموادها التعليمية وخدماتها اللمتوجب توفرها لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة
لا يشكّل الطلاب من ذوي الإعاقة سوى نسبة قليلة جدّاً من الطلاب في معظم كليات الجامعة «اللبنانية»، فيما ينعدم وجودهم تماماً في كليّات أخرى.
لكن ما الذي يحول دون انتساب طلاب من ذوي الإعاقة إلى الجامعة الوطنية؟ هل الجامعة «اللبنانية» مؤهّلة أساساً لاستقبال هؤلاء الطلاب؟
عند القيام بجولة على أكثر من كلية في الجامعة «اللبنانية» يلحظ غياب مواقف سيارات مخصصة للكلية، وإذا وجدت فلا يكون فيها مواقف مخصصة للطلاب ذوي الإعاقة في غالبية فروع الجامعة، كالفرعين الأول والثاني من كلية الإعلام والتوثيق، حيث لا موقف خاص بطلاب الجامعة.
أما في داخل الكليات فسيرى الداخل إليها الكثير من الأدراج، دون وجود ممرات خاصة بالطلاب ذوي الإعاقة. مشهد موجود حتى في مجمّعي الفنار والحدث، على الرغم من أنّهما يُعدّان الأفضل تجهيزاً مقارنة ببقية الكليات.
ماذا عن المصاعد؟ هي نعمة لم تصل بعد إلّا إلى بعض الفروع، وهي حتّى عند وجودها ليست للطلاب. في كلية الإعلام – الفرع الأول نلحظ وجود مصعد واحد يتسع لخمسة أشخاص كحد أقصى. المصعد الذي «يغطّي» بالمبدأ الطوابق السبعة التي تحوي الكلية، لا يصل في الحقيقة سوى لأربعة طوابق فقط، وهي تلك التي تحوي مكاتب إدارة الكلية وقاعة الاحتفالات ومكتبة الجامعة ومكاتب الأساتذة. بذلك يستثني مَن برمج المصعد جميع الطوابق المخصصة للصفوف حيث يحضر الطلاب. أما في كلية الزراعة فيتواجد مصعد واحد للأساتذة والموظفين ويمنع على طلاب الكلية استخدامه. والأمر الذي يلفت النظر هو وجود مصعد مخصص للطلاب، لكنه يبقى معطلاً. أما في كليتيّ التربية ـ الفرع الأول وكلية الإعلام – الفرع الثاني فالوضع أكثر سوءاً إذ لا وجود لأي مصعد من الأساس.
أما بالنسبة للمراحيض في الكليات فهي ضيّقة، مما لا يتيح للمستخدم إدخال كرسي متحرك، كما لا وجود لمقابض أو مغاسل أو معدات مخصّصة للأشخاص ذوي الإعاقة. وهي إن وجدت فإنها محصورة في المباني الجديدة كما في مجمّعَيْ الحدث والفنار.
عند التعمّق أكثر في موضوع التجهيزات، خاصة تلك المرتبطة بالشق الأكاديمي، يتبين عدم وجود حواسيب مخصصة للطلاب المكفوفين، وكذلك الحال بالنسبة للكتب في مكتبات الكليات، كما لا يتواجد في الكادر التعليمي في الجامعة أساتذة يجيدون الشرح لمن لديهم مشاكل في السمع أو النطق.
يبدو الأمر كما لو أنّ كل زاوية في الجامعة تنفي الطلاب ذوي الإعاقة، وتدفعهم للإحساس بالغربة فيها. يمكن القول إنّها تعتبرهم غير موجودين، كحالهم في معظم الأماكن العامة في لبنان. إذ لا تراعَى أوضاعهم عند بناء الكليات أو استئجار المباني لها، فهي لا تأخذ بعين الاعتبار وجود أشخاص من ذوي الإعاقة لديهم الحق في الانتساب إلى الجامعة. حتّى عند تجهيز بعض المباني الجديدة يتمّ تزويدها بجميع ما يلزم من حواسيب، وشاشات ذكية، وقاعات مؤتمرات، لكنّنا لا نجد الحد الأدنى ليجعلها مؤهّلة لاستقبالهم.
تعتبر مديرة الفرع الثاني في كلية الإعلام الدكتورة غلاديس سعادة أنّ المشكلة الأساسية وراء غياب التجهيزات المخصصة للطلاب ذوي الإعاقة يعود إلى كون معظم مباني الكليات في الجامعة «اللبنانية» هي مبانٍ سكنية تستأجرها الجامعة وتحولها إلى كلية. تقول: «تقتصر المباني المجهّزة على بعض الكليات في مجمّعَي الفنار والحدث. عدا عن ذلك هناك كليات في منطقة زحلة، على سبيل المثال، لا يتواجد فيها حتّى ملعب مخصص للطلاب». تضيف: «إن الكلية عامةً لا تلبي احتياجات الطلاب الأساسية، فما بالك بالتجهيزات المخصصة لذوي الاحتياجات الإعاقة». تؤكّد سعادة أنّ إدارة الكلية تعمل على تجهيز الجامعة، وهي تسعى لوضع مصعد وممرات مخصّصة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، بما يتناسب مع ميزانيتها.