إعداد: فريزة محمود عبد الهادي
أثناء مشاهدتي لفيلم هتشكي على قناة بوليوود، لفت انتباهي دور البطلة التي تعاني من متلازمة توريت، السبب الذي أدى الى معاناتها في حياتها العملية، وما أثار اعجابي في الفيلم هو إصرارها على النجاح حيث كانت تعمل في مدرسة، وتم اعطاؤها دور مدرسة لصف ليس بمقدور أحد من المعلمين السيطرة على طلابه من كثرة الشغب الذي يثيرونه، ولكن إصرارها وتحديها لإثبات ذاتها واستخدام أساليب متعددة في التعليم جعلها تصل الى مبتغاها وحققت ما لم يحققه الآخرون الأمر الذي أثار فضولي للبحث عن معلومات حول هذه المتلازمة. فما هي متلازمة توريت؟
متلازمة توريت
هو مرض عصبي (دماغي) يظهر غالباً في مرحلة الطفولة.
تصدر عن المصاب بهذه المتلازمة أصوات أو كلمات (عُرّات صوتيّة) أو (حركات جسدية عُرّات حَرَكيّة) لاإرادية ولا سيطرة له عليها (تشنجات لا إرادية) وتعرف هذه المتلازمة أيضاً باسم (Gilles de la Tourette syndrome – GST).
- لا تنجم كل العُرّات عن الإصابة بالمتلازمة فقط، إذ ثمة أطفال لديهم عُرّات صوتية وحركية (تصدر عنهم حركات وأصوات لا إرادية) لكنهم غير مصابين بمتلازمة توريت.
- تبدأ العرّات الحركية بالظهور عادة خلال المرحلة العمرية بين 2 – 8 سنوات، فيما يمكن أن تبدأ العرّات الصوتية بالظهور في عمر السنتين رغم أنها تظهر في العادة بعد سنوات من بدء ظهور العرّات الحركية وتبلغ العرّات بوجه عام ذروتها في سن 12عاماً.
- تخفّ هذه العرّات بصورة حادة، أو تختفي، عند غالبية الأطفال في سن البلوغ لكن ثمة حالات تستمر فيها هذه العرّات بالظهور حتى بعد سن البلوغ.
- احتمالية إصابة الذكور بمتلازمة توريت أكبر بمقدار 3-4 مرات من احتمالية إصابة الإناث بها.
- يختلف تأثير هذه العرّات من شخص إلى آخر. بعض الأشخاص لديهم عرّات خفيفة ذات تأثير طفيف على حياتهم ولكن حتى العرّات الخفيفة، أو تلك التي تظهر في فترات متباعدة، من الممكن أن تؤثر على التقييم الذاتي للشخص وعلى علاقته مع أصدقائه وعائلته.
- العرّات الحادة والمتقاربة تتطلب العلاج أحياناً بما في ذلك العلاج الدوائي والاستشارة، وحتى الحالات التي تبدو فيها العرّات خفيفة، قد يكون تأثيرها جدياً على قدرة التعلم لدى الشخص مما قد يسبب الإحراج له.
ومن الضروري الانتباه إلى أن :
- العرّات لا تدل على ذكاء منخفض، كما لا تؤثر على مستوى الذكاء.
- حدّة العرّات لا تعكس قدرات الولد في التحصيل العلمي، كما أنها لا تدل على مقدرته في التأقلم مع أوضاع اجتماعية مختلفة.
- توفـُّر بيئة داعمة ضمن البيت، في المدرسة وبين المحيطين بالشخص المصاب بالمتلازمة من الممكن أن ترفع من احتمالات تأقلمه مع هذه العرّات.
أعراض متلازمة توريت
يوجد أنماط وأنواع خاصة ومميزة من العرّات، الحركية والصوتية. هذه العرّات يمكن أن تظهر بأشكال مختلفة، منها:
- العرَّات البسيطة (التشنُّجات اللاإرادية البسيطة) وتشمل هذه العرَّات المفاجئة، المُختصرة والمُتكرِّرة عددًا محدودًا من العضلات.
- العرَّات المُعقَّدة (التشنُّجات اللاإرادية المُعقَّدة). وتشمل هذه الأنماط المُحدَّدة، والمتناسقة من الحركات العديدَ من مجموعات العضلات.
علاوةً على ذلك، يُمكِن أن تكون العرَّات:
- متنوِّعة في النوع، والتَّكرار والحِدَّة
- متفاقمة إذا كنتَ مريضًا، أو متوتِّرًا، أو قَلِقًا، أو مُتعَبًا، أو متحمِّسًا
- تَحدُث أثناء النوم
- تتغيَّر بمرور الوقت
- تَسُوء في السنوات المُبكِّرة من سن المراهقة، بينما تتحسَّن أثناء الانتقال لمرحلة البلوغ.
- من الممكن أن تظهر بالتعاقب لمدة زمنية تتراوح بين أسابيع وأشهر. ومن الممكن أن تتغير، من نمط إلى آخر.
- اضطرابات أخرى تُرافقها عرّات: فليس كل من تظهر لديه مثل هذه العرّات يكون مصاباً، بالضرورة، بمتلازمة توريت، إذ أن هنالك أمراضاً ومتلازمات أخرى قد تسبب ظهور مثل هذه العرّات.
أسباب وعوامل خطر متلازمة توريت
تنشأ متلازمة توريت، على ما يبدو، نتيجة لعامل وراثيّ (جينيّ). أي أن وجود جين أو مُوَرِّثَة (Gene) معينة أو تركيبة من عدد من الجينات يزيد من خطر ظهور متلازمة توريت. إلا أنه لم يتم التعرف، بعد، على هذا الجين أو على تركيبة الجينات. وقد تلعب المواد الكيميائية في الدماغ التي تنقل نبضات العصب (الناقلات العصبية)، والتي تتضمن الدوبامين والسيروتونين، دورًا في ذلك.
ومن الأسباب الأخرى التي يمكن أن تزيد من خطر ظهور العرّات، أو ظهور أعراض أخرى لمتلازمة توريت:
- إذا عانت الأمّ خلال فترة الحمل، من حالات الغثيان والقيء المتكررة والحادة (خلال الثلث الأول من فترة الحمل)، إذا عانت الكثير من الضغط النفسي والتوتر، إذا تناولت كميات كبيرة من القهوة، إذا دخّنت السجائر أو تناولت مشروبات كحولية خلال فترة الحمل
- إذا حصل نقص في تزويد الأوكسجين، أو الدم، أثناء عملية الولادة
- إذا كان وزن المولود قليلاً جداً مع علامات إصابة دماغية، أو ورم في جزء من الدماغ
- إذا كان وزن المولود أقل من وزن توأم مماثل
- إذا كانت قيمة Apgar score لتقييم المولود فور ولادته متدنية
- إذا كانت هنالك اضطرابات عصبية نفسيّة (Neuropsychiatric) متعلقة بالمناعة الذاتية عند الاشخاص وترتبط بالالتهابات العِقدِيّة (نوع من الجراثيم – Streptococcus). هذه الاضطرابات يمكن أن تؤثر في ظهور عرّات.
- التاريخ العائلي: قد يزيد تاريخك العائلي مع مرض متلازمة توريت أو اضطرابات اللوازم خطر إصابتك بمتلازمة توريت.
- الجنس: يعتبر الذكور أكثر احتمالاً للإصابة بمتلازمة توريت من ثلاث إلى أربع مرات عن الإناث.
تشخيص متلازمة توريت
يستطيع الطبيب تشخيص متلازمة توريت استناداً إلى مراجعة التاريخ الطبي للطفل واستناداً على العلامات التي يصفها الوالدان أو أحد المعالِجين لهذا الطفل. ومن المواصفات المتطابقة مع تشخيص متلازمة توريت:
- حدوث التشنجات الحركية والصوتية، وليس بالضرورة حدوثها في وقت واحد
- تحدث التشنجات عدة مرات يوميًّا، كل يوم أو على فترات منتظمة، لأكثر من سنة
- تبدأ التشنجات بالحدوث قبل سن 18 سنة
- لا تحدث التشنجات نتيجة تعاطي أدوية، أو أي مواد أخرى، أو حتى حالات صحية
- تتغير التشنجات مع مرور الوقت في المكان الذي تصيبه، وعدد مرات تكرارها، ونوعها، وحدّتها وتعقيدها
- قد يغفل البعض تشخيص متلازمة توريت بسبب تشابه أعراضها مع أعراض حالات أخرى. ففي البداية قد يُعتقد أن سبب طرف العينين هو وجود مشاكل في البصر، وأن سيلان الأنف راجع لوجود حساسية.
- كما أن هناك الكثير من الحالات الصحية بجانب متلازمة توريت تُؤدي لحدوث تشنجات حركية وصوتية. سيستبعد الطبيب بالتالي أي مسبب آخر للتشنجات:
- اختبارات الدم
- أشعة تصويرية، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي
لا يُوجد اختبار مخصص لتشخيص متلازمة توريت. يَعتمد التشخيص على التاريخ الطبي للعلامات والأعراض التي ظهرت عليك. وهناك بعض المشكلات قد تظهر بالتزامن مع ظهور وتطور متلازمة توريت وهي:
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة
- مرض الوسواس القهري
- صعوبات التعلُّم
- اضطرابات النوم
- الاكتئاب
- اضطرابات القلق
- ألم له علاقة بالعرة خاصَّةً الصداع
- مشاكل إدارة الغضب
علاج متلازمة توريت
- يتركز علاج متلازمة توريت في زيادة القدرة على “التأقلم” مع العرّات لدى الطفل والمحيطين به.
- معظم حالات متلازمة توريت تكون خفيفة ولا تتطلب معالجة دوائية، وفي بعض الأحيان تُساعد على التحكم في التشنجات اللاإرادية أو تقليل أعراض الحالات ذات الصلة.
- تعليم وإرشاد الأهل والطفل والأشخاص المحيطين به (المعلمون في المدرسة، مثلا) بشأن متلازمة توريت، يساعد الطفل كثيراً في التقدم، فضلاً عن إيجاد بيئة داعمة، في البيت والمدرسة، تتقبل هذه العرّات بتفهم.
- وقد تكون الاستشارة مفيدة وناجعة في حالات معينة، منها حين يكون الطفل مصاباً بمرض آخر عدا المتلازمة. عندما تؤثر العرّات على الطفل بشكل كبير من المفضل التفكير بالعلاج الدوائي أو التغيير السلوكي. قد تقل هذه العرات وقد تخف حدتها، لكن ليس ثمة علاج شاف لمتلازمة توريت حتى اليوم.
- العلاج السلوكي: يمكن أن تساعد التدخلات السلوكية المعرفية للتشنجات اللاإرادية، ويشمل ذلك التمرين على انعكاس العادات، في مراقبة التشنجات اللاإرادية، وتحديد المحفزات المنذرة وتعلُّم التحرك بشكل طوعي بطريقةٍ تتعارض مع التشنجات اللاإرادية.
- العلاج النفسي: بالإضافة إلى مساعدتك على التأقلم مع متلازمة توريت، يمكن أن يساعد العلاج النفسي فيما يخص المشاكل المصاحبة مثل: اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، أو الهواجس، أو الاكتئاب، أو القلق.
- التحفيز العميق للدماغ : يمكن أن يساعد التحفيز العميق للدماغ، في تخفيف التشنجات اللاإرادية الشديدة التي لا تستجيب إلى العلاجات الأخرى. يتضمن التحفيز العميق للدماغ زرع جهاز طبي يعمل ببطارية في الدماغ لتوصيل التحفيز الكهربائي إلى المناطق المستهدفة التي تتحكم في الحركة. وبالرغم من ذلك، فإن هذا العلاج لا يزال في مراحل البحث المبكرة، ويحتاج إلى المزيد من البحث لتحديد ما إذا كان آمِنًا وفعَّالًا في علاج متلازمة توريت.
التأقلم والدعم
- قد تتأذى ثقتك بنفسك نتيجة لمتلازمة توريت. قد تشعر بالحرج من حركاتك اللاإرادية وتتردد في المشاركة بالأنشطة الاجتماعية ونتيجة لذلك، يزداد خطر إصابتك بالاكتئاب والإدمان. و للتأقلم مع متلازمة توريت عليك أن :
تذكر أن هذه الحركات اللاإرادية عادةً ما تبلغ ذروتها في بداية مرحلة المراهقة وتتحسن مع تقدمك بالعمر.
التواصل مع آخرين يتعاملون مع متلازمة توريت للحصول على معلومات ونصائح للتأقلم والدعم.
المراجع :
- https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/tourette-syndrome/diagnosis-treatment/drc-20350470
- https://www.webteb.com/mental-health/diseases/%D9%85%D8%AA%D9%84%D8%A7%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA
- https://www.mayoclinic.org/ar/diseases-conditions/tourette-syndrome/symptoms-causes/syc-20350465