رحم الله آباءنا وأجدادنا الذين علمونا معنى الحياة بأسمى معانيها، فقد كانوا نِعْمَ المرشدين والمعلمين والموجهين لنا، برغم أنهم في الماضي، لم يكن يتوفر لديهم الجامعات التي يدرسون بها بمفهومها الحديث، غير أنهم بجهودهم الذاتية، علموا أنفسهم بأنفسهم، من خلال مدارس تعليم القرآن الكريم، والتي كانت بمثابة جامعات خرجتهم وتخرج فيها أبناؤهم الذين حملوا عنهم نور العلم والمعرفة، ومكارم الأخلاق. وهكذا رأيناهم في كفاحهم وفطرتهم السوية، وبقلوبهم النقية، وعقولهم وبصائرهم وأفكارهم النيرة، حيث كانوا بأفعالهم وأخلاقهم الرفيعة بمثابة الجامعات التي خرجت الأجيال التي تلقت وتعلمت على أيديهم المباركة، شتى العلوم والمعارف، التي أنارت لهم الطريق، وقبل ذلك نهلوا من آبائهم القيم والأخلاق الفاضلة، التي تربوا على أساسها أفضل التربية. كان آباؤنا يمتلكون عوامل الصبر، الإرادة القوية، والإيمان العميق، بأداء الرسالة، لذلك نجحوا في التغلب على الصعاب والتحديات التي واجهتهم. ومسيرة نجاحهم وكفاحهم، هي مدرسة كبرى، تعلمنا ونتعلم منها أسمى القيم والمعاني.
وهذه القيم وغيرها التي استقيناها منهم، لنواصل نحن الأبناء أداء هذه الرسالة على قدر استطاعتنا من الإمكانات والقدرات التي تؤهلنا لمواصلة بناء مسيرة النهضة المعاصرة، التي تتطلب منا الحرص على اكتساب المزيد من الخبرات العلمية والمعرفية، والتطبيقات التكنولوجية المبتكرة والرقمية المتقدمة. وهذه الأخيرة أي – التطبيقات الرقمية – هي التي يجب علينا التركيز والاهتمام بها، لأنها أكثر تطوراً واعتماداً على المستوى العالمي، في منظومة التنمية المستدامة. لقد حرص آباؤنا على غرس كل القيم الجمالية في نفوسنا، وهي التي ارتقت بأخلاقنا وأفكارنا. تلكمُ هي مدرسة الآباء الأوائل التي حملت في معانيها كل صفات الخير والمحبة والأمل، والشعور بالمسؤولية، حيث تربينا عليها أحسن التربية، ونحن كآباء، علينا تحمل مسؤولية كبرى، وهي أن نغرس في أبنائنا هذه القيم، التي تحميهم من الوقوع في بعض السلوكيات الخاطئة، وما أكثرها اليوم في عالم تسوده المظاهر المادية، والمشاكل الاجتماعية، وانقلاب المفاهيم، وتزييف الحقائق، وهذه الأخيرة هي مشكلة المشاكل، التي تعاني منها أمتنا العربية.
همسة قصيرة: تسأل عن الورد، ذَبَلَ الوردُ.. مثل قلبي الذابِل؟
صالح بن سالم اليعربي رجل عصامي قَدِمَ من عمان إلى إمارة أبوظبي عام 1975، وعلى الرغم من تعرضه للشلل في العشرين من عمره، نتج عن حركة رياضية، لكن هذه المحنة لم تزده إلا إقبالاً على الحياة، وبعد أن انقطع عن الدراسة ما يقارب 27 سنة، ولم يكن في حوزته وقتها إلا الشهادة الابتدائية، والكثير من العزيمة والإصرار على الدراسة وحفظ القرآن ما قوى لغته وإرادته، وأثمرت جهوده مقالات ومؤلفات ومحاضرات لامست القلوب والعقول وأوقدت جذوة التحدي والتغلب على المصاعب لدى الكثيرين في المجتمع.
واصل تعليمه وحصل على شهادة الثانوية العامة من عمان مسقط رأسه، ثم عاد إلى مقر إقامته في أبوظبي مرة ثانية، ليسير على خطى النجاح فانتسب إلى جامعة الحصن وحصل على بكالوريوس إدارة نظم المعلومات بدرجة امتياز، ثم ماجستير إدارة أعمال، وتوج مسيرة كفاحه بفوزه بجائزة أبوظبي للإبداع 2010 (في دورتها الخامسة).
له عدة إصدارات:
- لا إعاقة بل إرادة وانطلاقة
- خواطر وقراءات (من إصدارات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية)
- فيض المشاعر (من إصدارات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية)
- إشراقة وانطلاقة
- رحلتي مع الصبر
- إعجاز وإنجاز
وأحدثها كتابه: صدى المشاعر