إعداد: محمد عبد المنعم قشطة
أساليب دراسة مهارات التواصل بين الافراد
تعد دراسات مهارات التواصل بين الأفراد موضوعاً متعدد المجالات يهمّ العديد من القطاعات التي تختلف وفق الجمهور المستهدف وبالتالي تختلف في محتوى ونوعية العلاقات الاجتماعية المدروسة.
فعلى سبيل المثال، الدراسات في ميدان العمل تهتم بتلك العلاقات التي تحكم الموظف مع مديره والعلاقات بين الزملاء والعلاقة مع الزبائن أو الموردين بينما نجد أن الدراسات في ميدان التربية والتعليم كان التركيز فيها بشكل أكبر على العلاقة بين المعلم والطلاب.
أما على الصعيد الاجتماعي فنجد أن التركيز بشكل أكبر كان على العلاقات العائلية والزوجية وما شابه ذلك، وهذا التنوع كما بين (بيرسشايد) جعل المعرفة المتعلقة بموضوع مهارات التواصل بين الأفراد معرفة مفتتة ومحصورة بنوع العلاقة المدروسة.
وعلى الرغم من هذا التشتت فإن هناك قدراً من المعرفة لا بأس به في هذا الموضوع حيث تم تطوير العديد من المفاهيم النظرية التي درست ميدان التواصل بين الأفراد والتي قدمت معلومات غنية وتطبيقات عديدة في ميدان العمل. وتشير مراجعة الأدبيات في هذا الموضوع إلى وجود طريقتين تم تطويرهما لدراسة مهارات التواصل بين الأفراد وهما الطريقة السلوكية والطريقة المعرفية
الطريقة السلوكية:
تؤكد إحدى الطرق لدراسة التفاعل بين الأفراد على ضرورة الانتباه فقط إلى السلوك الملاحظ والقابل للقياس ولكن يجب الإشارة إلى أن هذا هو المبدأ العام لهذه الطرق مع وجود اختلافات بينها في كيفية تناول السلوك الملاحظ وبعض هذه الطرق كان متشدداً من ناحية إمكانية ملاحظة السلوك بينما بعضها الآخر كان أقل تشدداً.
فعلى سبيل المثال لم يؤمن “شابل” إلا بالسلوك الملاحظ والقابل للقياس وشدد على أن أهم الأبعاد في قياس تفاعل الشخص هي تلك التي يمكن قياسها بطرق موضوعية واستخدم “شابل” جهازاً أطلق عليه مقياس زمن التفاعل لقياس التفاعل الاجتماعي بطريقة موضوعية وأجرى العديد من الدراسات التي عمد فيها إلى تسجيل مدة وتكرار فترات التحدث والصمت ضمن موقف اجتماعي.
الباحثون الذين تبنوا هذه المنهجية ركزوا على ملاحظة أنماط التفاعل بين الأفراد القابلة للملاحظة ( من الذي يبدأ الحديث – مدة الحديث – مدة الصمت ) دون الإشارة إلى الموقف أو الانفعالات التي تصاحب الموقف التفاعلي، وبعض الباحثين الذين تبنوا هذه المنهجية أجروا تعديلاً عليها من حيث اهتمامهم بالسلوكيات اللفظية أو غير اللفظية المصاحبة للموقف الاجتماعي.
ومن ثم ركز “دونكان وفسك” في أبحاثهما على مجموعة من السلوكيات المحددة والقابلة للملاحظة مثل الإيماءات وحركات الحاجبين والتي يتشكل من خلالها السلوك التفاعلي الكلي وأكد الباحثان على ضرورة الاهتمام بالسلوكيات اللفظية وغير اللفظية القابلة للقياس فقط، وأشارا إلى أن هذا التجريد في التعامل مع الموقف الاجتماعي يمنح الموضوع الرصانة العلمية ويقلل من التفسير الذاتي للملاحظين إلى أقل درجة ممكنة.
هذا وتختلف المنهجية السابقة عن مناهج أخرى لدراسة التفاعلات الاجتماعية والتي أولت اهتماماً بشكل أكبر بالنوايا التي تقف خلف السلوك وهذا الأمر يقتضي بالضرورة أن يقوم الملاحظ بتخمين أو تقدير نوايا الشخص الذي يقوم بالسلوك الاجتماعي.
وقد تبنى هذه النظرية مجموعة من الباحثين من أمثال “دوتش وبيلز وهوني” وكان دوتش من أوائل الباحثين الذين اهتموا بالنوايا ومن الذين عملوا على تصنيف وظائف الدور الاجتماعي. وبين الباحث أن الأعضاء في أية جماعة فعالة يجب عليهم القيام بوظيفتين، الأولى تتعلق بإكمال المهمة الموكلة إليهم والثانية تتضمن تقوية الروابط وضمان استمرارية الجماعة، أما بالنسبة للباحث “بيلز” فقد ركز في طريقته على ضرورة تسجيل السلوكيات القابلة للقياس بشكل دقيق بالإضافة إلى تقدير الخصائص المصاحبة لعملية التفاعل الاجتماعي مثل صفات الأفراد أو طريقتهم في حل المشكلات.
كان للباحثين الآخرين من أمثال “هوني” طريقة مختلفة بعض الشيء حيث كان الواحد منهم يعارض حصر عملية التفاعل بالسلوكيات القابلة للملاحظة فقط بل ركز على إمكانية تسجيل العديد من السلوكيات غير اللفظية أثناء عملية التفاعل كحركات الجفنين والحاجبين وأصابع اليدين وحركات الفم، وبالإضافة إلى ذلك يمكن تسجيل العديد من السلوكيات اللفظية ذات المعنى مثل تكرار كلمة معينة والسب والشتم وكلمات مثل: أنت تعرف جميع هذه السلوكيات اللفظية وغير اللفظية التي يمكن تصنيفها إلى تصنيفات هرمية تساعدنا على فهم التفاعل بشكل أفضل وإن قمة الهرم كما بين “هوني” هو أسلوب التفاعل والذي يمكن تعريفه على أنه تلك التصرفات الجزئية التي تصدر عن الشخص وتمكننا من معرفة طريقته أو نمطه الغالب في التفاعل مع الآخرين
أشار باحثون إلى أن الأسلوب هو الطريقة الغالبة على الشخص في التفاعل مع الآخرين بينما عرفه “هوني” على أنه الاستنتاج الذي تتوصل إليه حول الطريقة التي يتفاعل بها الفرد مع الآخرين مثل أن تستنتج أن أسلوب المدير في التفاعل هو تحكمي أو تشاركي.
ومن النقاط الأخرى التي ركز عليها “هوني” ضرورة دراسة التفاعل الاجتماعي من خلال تجزئته إلى عناصره الأساسية دون أن نتجاهل التناغم بين هذه الأجزاء، ولتوضيح الفكرة إليكم هذا المثال والمسمى باسم الفنجان المكسور حيث أنه لو أن فنجاناً انكسر إلى ستة أجزاء فإنه يمكن بسهولة أن يتم تجميع هذه الأجزاء لتشكيل الفنجان، لكن لو قمنا بطحن هذه الأجزاء إلى قطع صغيرة يصبح من الصعب عندها إعادة تجميعها بل يصعب الإقرار بأن هذا المسحوق كان فنجاناً في الأساس. لهذا السبب قام “هوني” بتصنيف التفاعل الاجتماعي إلى تسعة تصنيفات فقط وذلك لسهولة إعادة تجميع الأجزاء لتشكيل السلوك الكلي.
كما أكد “هوني” أن هذه التصنيفات التسعة هي فقط لتحليل السلوك التفاعلي وكي تزود الأفراد بأساس عملي للحكم على المواقف التفاعلية واختيار الطريقة المثلى للاستجابة آخذين بعين الاعتبار الموقف المحيط وأهداف الشخص المقابل.
وأشار “هوني” إلى أن أي سلوك لفظي أو غير لفظي يمكن تصنيفه تحت واحد من التصنيفات التالية: سلوك طلب الأفكار – سلوك الافتراض – سلوك الاقتراح – سلوك البناء – سلوك المعارض – سلوك التأييد – سلوك الإقرار بالصعوبة – سلوك طلب التوضيح – سلوك التصنيف – سلوك التفسير – سلوك الإعلام.
الطرق المعرفية
جميع الطرق التي تم عرضها سابقاً لم تهتم بما يحدث داخل مخ الفرد الذي يقوم بالتواصل أو الطريقة التي يفكر بها حيث أن الاهتمام كان منصباً فقط على السلوك الظاهر والطريقة الأخرى التي تمت بها دراسة التفاعلات الاجتماعية تمثلت في إعطاء الاهتمام بما يشعر ويفكر فيه الأفراد تجاه أنفسهم أو تجاه الآخرين وهذه الطرق تسمى بالطرق المعرفية عندما تتم دراسة التفاعل الاجتماعي من خلال الطرق المعرفية فإن التركيز يكون بشكل أساسي على المعرفة (طريقة التفسير) باعتبارها الموجه الحقيقي للسلوك الإنساني
انتهى
المراجع :
- مهارات التواصل بين الأفراد في بيئة العمل ..جون هيز ترجمة الدكتور مروان طاهر الزعبي – دار المسيرة للنشر والتوزيع
محمد عبد المنعم قشطة
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة – الإمارات العربية المتحدة
هاتف: 056 – 2855575
- بكالوريوس خدمة اجتماعية بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية كفر الشيخ بمصر 2006.
- الدبلوم المهني في رعاية الفئات الخاصة جامعة كفر الشيخ بمصر 2008.
- دبلوم صعوبات التعلم بجامعة عين شمس طنطا مصر 2016.
- أخصائي اجتماعي سابقاً بوزارة التربية والتعليم بمصر لمدة سنتين.
- معلم تربية خاصة بمركز الشارقة للتوحد بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (من 2010 إلى 2018).
- مشرف تربوي بفرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالذيد (من 2018 حتى الآن).
- المشاركة في لجنة تقييم مسابقة التقنيات المساندة ATEDOCOM وحضور تدريب عملي في كوريا الجنوبية حول التقنيات المساندة.