جاء في كتاب (هوس الثراء وأمراض الثروة) لمؤلفه د. أكرم زيدان: قد يكون من الغريب أن يدرك المرء أن المال يؤدي إلى بعض الاضطرابات أو الأمراض النفسية والاجتماعية، وذلك لأن الأفراد يدركون المال بوصفه حلاً وليس مشكلة، صحة وليس مرضاً، توافقا وليس اضطراباً.
وعندما نقول أمراض المال Money Pathology، قد يظن بعض الناس أن هذه الأمراض تحدث عندما يقل المال أو ينعدم، فلا يشعر بهذه الأمراض إلا الفقراء والمحتاجون. فهناك اتجاه عام بين الأفراد يشير إلى أن الاضطرابات أو الأمراض النفسية والاجتماعية هي من نصيب الفقراء، وهو اتجاه يبدو في صورته الشمولية العامة اتجاهاً سلبياً مبنياً على الازدراء والاتهام والإبعاد، وربما يختلف هذا الاتجاه من فرد إلى آخر لكن عناصره الأساسية تعتبر أن الفقراء حاملون للاضطرابات النفسية والاجتماعية، فهم شحاذون، متسولون، متوترون، قلقون، ويشعرون بالخوف ويعانون الشعور بالنقص وعدم القدرة على تحقيق الذات، وفضلاً عن ذلك فهم مرتشون، محتالون، نصابون، سارقون، مضادون للمجتمع، عدوانيون، يفتقرون إلى التوافق النفسي والاجتماعي.
ولذا يرى بعض علماء النفس التحليلي والإكلينيكي أن هناك ما يسمى بشخصية المال. حيث يرى غولدبرغ ولويس أن هناك مجموعة من المتغيرات النفسية التي تؤدي إلى اضطرابات مالية شديدة تؤثر بدورها في التوافق النفسي والصحة النفسية للفرد، وتشمل: المقامرة، الطمع، الخوف، الحسد، الغضب، مفهوم الذات، الأمانة، القناعة، والشفقة.
فالمقامرة ـ فيما يرى الإكلينيكيون ـ حالة مرضية تنمو وتتطور لتؤدي إلى تفكك الشخصية، وذلك عندما يصل المقامر إلى درجة الانشغال التام بالمراهنة بالمال ويعجز كلية عن التوقف عن اللعب حتى لا يشعر بالقلق والتوتر والشعور بالذنب، وهو ما يجعل المقامر يفرط في المقامرة إلى درجة تصل إلى الإدمان وكأن شيئاً يجبره على اللعب.
أما بالنسبة إلى الطمع، فيبدو الطابع المرضي للمال فيه متمثلاً في بعض المعاملات المالية التي تهدف إلى كسب مزيد من الأموال على حساب الآخرين وإفقارهم. وذلك مثل الاحتكار لبعض السلع والمنتجات واستغلال حاجة الأفراد لها لرفع أسعارهم. ودائماً ما تتركز رغبات الطامعين في الحصول على المال، لذا تقوم سيكولوجية الطامع على أساس أن ما يملكه من مال هو دائماً قليل بالمقارنة بما يملكه الآخرون، هذا بالإضافة إلى أنهم حاسدون وحاقدون لأقل الأموال التي تذهب بعيداً عنهم، وكأن المال قد خلق من أجلهم فقط.
وفيما يتصل بالخوف، فإنه يتصل باضطرابات المال من حيث عدم القدرة على الإنفاق وإحجام الفرد عن المتاجرة بأمواله لاعتقاده أن الخسار هو دائماً حليفه وأن المكسب هو دائماً من نصيب الآخرين.
أما الحسد، فهو من أكثر الظواهر التي تحدث نتيجة للمال. فأكثر مظاهر الحسد بين الأفراد والجماعات هي بسبب المال. ويحدث الحسد المالي عندما يقارن الأفراد بعضهم ببعض، وبخاصة من ينتمون إلى طبقة اجتماعية ومهنية واحدة. ولا يقتصر الحسد المالي على الفقراء المحتاجين إلى المال، بل قد يحدث من جانب الأغنياء للفقراء، فالحسد يرتبط في المقام الأول بطبيعة الشخصية ولا يرتبط بالوضع المالي.
ومن هنا يرى ماتيوس أن المال إذا كان يمنح الفرد الشعور بالحماية والقوة والأمن النفسي والإثارة والبهجة والدافعية والكمال، فإن قلة المال أو انعدامه قد تعني كثيراً من الجوانب المرضية المتمثلة في الخوف وعدم الاستقرار النفسي والشعور بالملل والحزن وانخفاض مستوى الدافعية.
وفي دراسة قام بها وار وباين عن الشعور بالقلق لدى الأغنياء والفقراء، اتضح أن الفقراء يشعرون بالقلق من المشكلات المالية، سواء كانت مشكلات قابلة للحل أو غير قابلة للحل، أما الأغنياء فيشعرون بالقلق من المشكلات المالية غير قابلة للحل.
كما أجرى كيسلر دراسة عن العلاقة بين الحالة الاجتماعية الاقتصادية والتوتر النفسي، وأوضح فيها أن انخفاض الدخل المادي من أهم العوامل التي تساعد على التنبؤ ببعض الاضطرابات النفسية، خاصة انخفاض تقدير الذات.
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
مكان الميلاد: الرياض
تاريخ الميلاد: 1385هـ
المؤهلات العلمية:
الماجستير: ماجستير اقتصاد إسلامي عام 1413هـ.
الدبلوم العالي: دبلوم عالي اقتصاد اسلامي عام 1414هـ.
الدكتوراه: دكتوراة اقتصاد اسلامي عام 1419هـ.
التاريخ الوظيفي:
مدرس مواد تجارية: الثانوية التجارية بالرياض 1/2/1408هـ.
معيد: كلية الشريعة بالرياض 30/6/1408هـ.
محاضر: كلية الشريعة بالرياض 29/12/1413هـ.<
محاضر: عمادة البحث العلمي بالرياض 1/4/1416هـ.
محاضر: كلية العلوم الاجتماعية بالرياض 1/6/1418هـ.
عضو هيئة التدريس: عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع بالرياض 1/11/1421هـ.
مستشار اقتصادي: معهد البحوث والخدمات الاستشارية بالرياض 15/7/1423هـ.
شارك في العديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات وورش العمل
عضو في عدد من الجمعيات العلمية العربية والأجنبية
عضو في عدد من اللجان العلمية
أشرف على عدد من الرسائل العلمية
كاتب متطوع في مجلة المنال
صدر له كتابان في سلسلة كتاب المنال، العاشر؛ مشكلات العصر والإعاقة والسادس عشر؛ رؤى فكرية لقضايا عصرية.